لبنان بين كماشة المصالح الإقليمية والدولية: الواقع والمآلات

لبنان يواجه استحقاقات مصيرية وسط تعقيدات سياسية وأمنية، حيث يرزح تحت ضغوط دولية وإقليمية متشابكة تترافق مع خروقات أمنية ميدانية، أبرزها التطورات في سوريا وتأثيرها المباشر على الساحة اللبنانية. في هذا السياق، يُرصد الآتي:
اتفاق وقف إطلاق النار: إطار ملزم وسط الخروقات
الدعم الدولي والإقليمي:
الاتفاق المبرم بين لبنان وإسرائيل يحظى بدعم أمريكي-فرنسي ورعاية دولية واسعة النطاق، مما يجعله محصناً ضد الانهيار على الرغم من الانتهاكات.
لجنة الإشراف والمراقبة المكونة من جنرالات دوليين بدأت عملها رسمياً لتطبيق الاتفاق ولجم الخروقات الإسرائيلية المتكررة.
التحديات الميدانية:
الانتهاكات الإسرائيلية، ومنها 60 خرقاً مسجلاً، تُعدّ اختباراً لجدية اللجنة في حماية الاتفاق.
على الجانب اللبناني، جرى التأكيد على تعزيز وجود الجيش جنوب الليطاني، وهو ما يُنظر إليه كخطوة رمزية وميدانية في آن.
الرسائل السياسية:
عقد جلسة لمجلس الوزراء في الجنوب يعكس رمزية تعزيز حضور الدولة اللبنانية هناك، بالتزامن مع التزامها بتنفيذ القرار الأممي 1701.
ملف الاستحقاق الرئاسي: ضبابية وتقاطعات معقدة
الاستحقاق الرئاسي:
المهلة المحددة لإنجاز الاستحقاق الرئاسي هي 27 كانون الثاني، في ظل غموض يلف هوية الرئيس المقبل.
السجال الدائر حول “نزع سلاح حزب الله” يزيد من تعقيد المشهد، خاصة أنه يرتبط بتفسيرات القرار 1559، لكنه لم يُذكر نصاً في الاتفاق الأخير.
تعزيز الجيش:
القوى الأساسية أبدت ملاحظات حول خطة تموضع الجيش جنوب الليطاني، والتي يُتوقع أن تلعب دوراً محورياً في استقرار الوضع الأمني.
التوترات الإقليمية وتأثيرها على لبنان
الوضع في سوريا:
التصعيد العسكري في سوريا له انعكاسات دراماتيكية على لبنان، مما يدفع باتجاه الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار لتجنب انتقال الفوضى.
حزب الله يؤكد استمراره بدعم سوريا ضد الجماعات التكفيرية التي يعتبرها أدوات تخدم المصالح الإسرائيلية والأمريكية.
التطورات الإسرائيلية:
العدوان الإسرائيلي المستمر في غزة، والضفة الغربية، وجنوب لبنان يضع المنطقة على حافة تغييرات جذرية، قد تشمل إعادة رسم الخرائط الجيوسياسية.
مواقف الأطراف اللبنانية:
حزب الله:
أكد الأمين العام الشيخ نعيم قاسم أن اتفاق وقف إطلاق النار هو آلية تنفيذية للقرار 1701، مع التشديد على أن أي قرار يتعلق بسلاح الحزب هو شأن داخلي لبناني.
الحكومة اللبنانية:
ميقاتي شدد على أولوية الاستقرار طويل الأمد، وأن سحب السلاح يحتاج إلى وفاق وطني.
الحكومة تسعى لدعم الجيش اللبناني ليكون الجهة الوحيدة التي تتحمل المسؤولية الأمنية على الأرض.
كتلة التنمية والتحرير:
رحبت بدعوة ميقاتي لعقد جلسة وزارية في صور، وأكدت دعمها للجيش اللبناني وللجهود الرامية لتنفيذ القرار 1701.
لبنان يمر بمرحلة دقيقة تتطلب توازناً دقيقاً بين الالتزام بالاتفاقات الدولية وتعزيز السيادة الوطنية. وعلى الرغم من الخروقات والتحديات، يبدو أن الإرادة الدولية والإقليمية تحرص على صون الاتفاق الحالي لمنع انزلاق لبنان إلى الفوضى مجدداً. في ظل هذه المعطيات، يبقى إنجاز الاستحقاقات الداخلية، وخاصة الرئاسية، رهناً بتقاطع المصالح الخارجية مع التوافقات المحلية.