إرجاء مفاجئ من بيروت لحوار “فتح” و”حماس”
قبل أقل من أسبوع أطلّ عضو اللجنة التنفيذية في حركة “فتح”، المولج من الحركة الإشراف على الساحة اللبنانية عزام الأحمد، من مقر السفارة الفلسطينية في بيروت ليطلق تصريحات أضافت مادة سجالية جديدة الى سجل الخلافات التاريخية الطويلة بين “فتح” و”حماس”، معلنا تأجيل جلسة الحوار المقررة مبدئيا بين ممثلي الطرفين في بكين وبرعاية صينية “الى إشعار غير مسمى”، وقد عُدّ ذلك نعيا ملطفا لهذا الحوار المتنقل والبلا نتيجة.
وكتب ابراهيم بيرم في” النهار”: ما أثار الريبة والاستهجان عند “حماس” هو التوقيت الذي اختاره الأحمد ليعلن تأجيل حوار بكين، علما أنه حوار ممتد منذ سنوات وتحديدا منذ عام 2007. ومن المعلوم أن هذا الحوار كان مستمرا بفعل جهود مكثفة بذلتها دول كبرى عربية وأجنبية بهدف التوصل الى صيغة تصالحية بين التنظيمين الفلسطينيين الأكبرين.
والواقع أن جلسات الحوار والتفاوض تلك جرت سابقا ومنذ أعوام عدة في القاهرة والعلمين وفي الجزائر، لتنتقل الى موسكو وتنتهي في بكين. وإذا كانت تلك الجلسات المتنقلة قد عجزت عن تحقيق المبتغى والمرتجى منها نظرا الى اتّساع التباينات ومساحات انعدام الثقة، إلا أنه كان لتلك الجلسات إيجابيات منها:
– تبديد أجواء الاحتقان السائدة بينهما بدرجات معينة.
– وضعت الطرفين أمام مسؤولية أساسية هي السعي الى إيجاد قواسم مشتركة، خصوصا أمام جمهورهما المتعطش للتهدئة والاتحاد بعد الأثمان الكبيرة التي دفعها من جراء الانقسام.
– أظهرت تلك الجلسات أن ثمة إرادات خارجية وازنة وصديقة تاريخيا تحرص أشد الحرص على القضية الفلسطينية والمحافظة على رحلة النضال الطويلة لهذا الشعب وحقوقه المشروعة.
– وضعا للأمور في نصابها، أبلغت مصادر قيادية في حركة “حماس” الى “النهار” استغرابها أن يبادر الأحمد الى اختيار بيروت في هذا التوقيت بالذات لكي يعلن تأجيل المفاوضات على نحو بدا كأنه نعي لهذا المسار، خصوصا أنه أتى من طرف واحد ولم تتبلغ قيادة “حماس” بهذا الأمر وفق قنوات الاتصال المعهودة بين الطرفين.
لذا، تضيف تلك المصادر، أن تصريح الأحمد على هذا النحو يكشف عن أمر أساسي هو أن ثمة رغبة لدى قيادة رام الله في النيل من نتائج عملية “طوفان الأقصى” وما تركته من تداعيات وتأثيرات إيجابية عاصفة أعادت الى القضية هالتها وصداها وموقعها. وفي المقابل، تريد هذه القيادة إعادة الاعتبار الى نهج التسوية الذي اتبعته منذ عام 1993 ولم يفض الى تحقيق أي من الوعود التي أُغدقت على الشعب الفلسطيني، والمشهد في الضفة الغربية مثال واضح ونموذج صارخ.
وردا على سؤال، قالت المصادر عينها إنه “على رغم ما أعلنه الأحمد في بيروت وما نسمعه من وعود وتهديدات بمحاسبتنا ما إن تضع الحرب على غزة أوزارها، فإننا لا نملك إلا أن نؤكد أن حركتنا لا تعارض أي جهود تريد التوصل الى تفاهمات بيننا وبين الاخوة في حركة “فتح”. وليس لدينا أي مشكلة في خوض مفاوضات عنوانها العريض ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي الذي قلنا مرارا إنه يبدأ بإعادة النظر في وضع منظمة التحرير الفلسطينية لتصير فعلا ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني، إضافة الى إجراء انتخابات نزيهة في كل مناطق الوجود الفلسطيني”.
– الخلاصة وفق المصادر إياها: “ما زلنا نرى أن زيارة الأحمد مخصصة لمتابعة أوضاع تنظيمية في حركة “فتح” وليس لها أي علاقة بمشاورات الصين، أي أننا ننتظر إيضاحات وتوضيحات حاسمة من قيادة “فتح” وتحديدا من الجهات المولجة مهمة التواصل والتنسيق معنا، لنبني على الشيء مقتضاه”.