فاجعة هزّت مدينة طرابلس: “نسرين تموت مرّتين”
كتب مايز عبيد في نداء الوطن:
يقال إنه عندما سقطت نسرين، الطفلة التلميذة، البالغة من العمر 13 سنة؛ في حفرة داخل باص مدرستها، كانت تتحدث إلى زميلتها الحديث الأخير، وكانت مشرقة بوجهها الباسم وبكامل نشاطها.
فجأةً ومن دون سابق إنذار، هوت على الأرض واختفت عن أعين رفاقها. كانت الحفرة تحت مقعد الباص كبيرة ومخفية. لم تكن نسرين الطفلة البريئة تعلم بأنه سيكون آخر يوم لها في المدرسة كما في هذه الدنيا الصعبة. كانت تنتظر أياماً قليلة حتى ينتهي العام الدراسي. لكنها لم تكن تتوقّع بأن تتواجد داخل الباص حفرة قد تهوي بها إلى الأرض وتودي بحياتها. أمّا السائق، فتشير المعلومات إلى أنه استعار حافلة صديق له كي لا يُعطّل التلامذة عن دوامهم المدرسي، لأن باصه كان معطلاً في هذا اليوم. بالنهاية سقطت نسرين في الحفرة المجهولة (إهتراء في حديد الباص)، التي لم تكن لا هي ولا أي أحد من ركاب الباص يعلمون بوجودها. رحلت إبنة الـ 13 سنة، وتركت وراءها حالة من الحزن والأسى تخيّم على أجواء مدينة طرابلس وعموم الشمال، وعلى كل من سمع بقصتها على مساحة الوطن الجريح الذي يسقط كل يوم في حفرة هو الآخر.
إنها الفاجعة التي هزّت مدينة طرابلس أمس وهزّت معها كل الوطن، لا سيما وأن هذه الطفلة، التي نهضت من فراشها، وحملت كتبها وذهبت إلى مدرستها، لم تكن تعلم بأنها ستهوي في حفرة داخل الحافلة المدرسية، ثم يكون مصيرها الدهس، فتقتل مرتين ويكون ذلك مآلها الأخير! إنه شيء أشبه بالخيال. كثرٌ ممن سمعوا بالقصة لم يصدقوا. لكن في النهاية لا يحدث مثل هذا الوجع إلا في لبنان حيث يموت الناس بسبب أو من دون سبب.
الطفلة نسرين عزالدين كانت أمس حديث الناس، والكل يتساءل، عن المسؤول عن سير المركبات والآليات التي لا تتوفّر فيها مواصفات وشروط السلامة العامة، وكذلك الأمن والأمان لركّابها، من دون إغفال كل أشكال الفوضى وسوء التخطيط والتنظيم على طرقات لبنان العامّة.
سنتان بين ماغي محمود ونسرين عزالدين. الأولى توفيت بسقوط سقف مدرسة أما نسرين فكانت ضحية اهتراء أرضية حافلتها المدرسية. ومهما يكن سبب الوفاة فهو ليس سوى شكل من أشكال الإستهتار والفوضى وغياب المحاسبة، في بلدٍ لا تقيم سلطاته أي وزنٍ لحياة الناس ومصيرهم ومستقبلهم.
وأفيد بأنّ والدة نسرين قد تعرّضت لحالة مرضية صعبة لدى علمها بالخبر وتمّ نقلها إلى المستشفى. أما الوالد الذي حضر من عمله في البقاع الغربي إلى طرابلس، فكانت آثار الذهول والحزن والصدمة تسيطر عليه بالكامل.