هل تضيع قضيّة الإعتداء على الأطفال بين لبنان والخارج؟
كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:
تتوالى تحديات كشف خفايا شبكة «الوحوش البشريّة» التي اعتمدت وسائط التواصل الإجتماعي (تيك توك) ميداناً لإقتناص فرائسها بين المراهقين، يوماً بعد آخر؛ خصوصاً أنّ مشغّلي «عصابة الأشرار» التي امتهنت الإتجار بالأطفال واستغلالهم والإعتداء عليهم، تنعم بحماية ما خارج لبنان.
وهذا ما برز برفض السويد استجابة طلب لبنان توقيف بول معوشي المعروف بـ JAY كونه يحمل الجنسية السويدية إلى جانب اللبنانية، ما يؤدي بطبيعة الحال إلى الحدّ من قدرة القضاء اللبناني على التوسع في التحقيق مع المشتبه به الأساسي بتمويل تلك «العصابة» والمطالبة باسترداده، في انتظار التحقيقات التي سيُعهد بها إلى السلطات السويدية القيام بها وتسليمها إلى لبنان. واستبق معوشي طلب لبنان استرداده، بنفي ارتباطه ودعمه المادي لأفراد تلك العصابة عبر الإعلام السويدي.
في غضون ذلك، تستكمل الأجهزة الأمنية تعقّب مروحة الخيوط الكفيلة بكشف أفراد «العصابة» والبيئة الحاضنة لأعمالها الإجرامية. وسجّل توسيع لائحة المشتبه فيهم، وتوقيفهم تمهيداً لإحالتهم أمام قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان القاضي نقولا منصور للإستماع إليهم وإصدار مذكرات توقيف وجاهية في حقهم. كما ظهرت إلى العلن إمكانية تورط حقوقيين بدرجات متفاوتة في أعمال تلك العصابة. وانخرط بعضهم في سجالات مباشرة وعلنيّة عبر الإعلام، خلافاً للقوانين والتعاميم التي تدأب نقابة المحامين على التذكير بها.
وبينما تتوزع الشبهات بين ضالعين في محاولات تجنيد الأولاد القصّر، وبين «منحرفين» ومترددين في اختبار هويتهم وميولهم الجنسية، يتصدّر توقيف القُصّر إهتمام المتابعين بعد الضبابيّة التي رافقت توقيفهم والمسار الممكن لمحاكمتهم.
وفي هذا السياق، أوضح المحامي جورج إسطفان الخوري لـ»نداء الوطن» أنّ حضور مندوبي الأحداث أساسي خلال التحقيقات الأوليّة والتحقيقات الابتدائية ومن ثم اثناء المحاكمات مع القصّر. ولفت إلى دور الضابطة العدلية إبلاغ مندوب الأحداث وجوب حضور التحقيق الأولي، وفي حال تعذّر عليهم ذلك خلال 24 ساعة، عندها يمكن للضابطة العدلية المباشرة بالتحقيق مع القاصر في غيابهم. وأشار إلى أنّ تورط القصّر إلى جانب الراشدين في قضايا جنائية في هذه القضيّة، يوجب على قاضي التحقيق بموجب القانون احالتهم في قراره الظني إلى الهيئة الإتهامية حتى لو تبين ارتكابهم جنحاً وذلك لعلة التلازم، و بدورها تصدر الهيئة الاتهامية القرار الإتهامي وتحيل الملف إلى محكمة الجنايات التي تنظر في القضية وتحاكم جميع أفراد «العصابة» بصفة متهمين واظناء بحسب دور كل منهم. وتوقف عند حتمية إستجواب القُصّر المدعى عليهم في حضور مندوبي الأحداث ووكلائهم القانونيين. وبعد انتهاء مسار المحاكمة، أوضح أنّ محكمة الجنايات تصدر حكمها في حقّ من تتثبت من ارتكابه افعالاً جرمية فتجرم المتهم وتدين الظنين وتنزل العقوبة اللازمة بحقهم ما خلا القصر حيث تحيلهم بواسطة النيابة العامة الى محكمة الاحداث لانزال التدابير العقابية الملائمة بحقهم والمنصوص عليها في قانون الاحداث 422/2002.
ومع بروز موقوفين بلغوا أخيراً سنّ الـ18، بينهم الفتاة التي امتهنت الإيقاع بالقصّر واصطيادهم عبر «تيك توك»، لفت إلى أنّ الجرائم المنسوبة اليها أو أفعالها الجرميّة إستمرت بها حتى بعد بلوغها سنّ الرشد، ما يجعلها تحاكم أسوة كغيرها من المشتبه بهم الراشدين.
وإذ يمهّد إعطاء نقابة المحامين في الشمال إذناً لملاحقة المحامي خ. م. كأي فرد من أفراد العصابة المشتبه بهم الآخرين، لفت المحامي الخوري إلى أنّ الطلب من خلال «الإنتربول» إسترداد افراد العصابة الموجودين خارج لبنان، غير ممكن قبل أن يعمد قاضي التحقيق إلى إصدار مذكرات توقيف غيابية في حقهم، تضعهم في خانة المطلوبين رسمياً. وسط الإشارة في موازاة ذلك، إلى صعوبة إسترداد حاملي الجنسيّة المزدوجة، بحيث قد تلجأ الدولة الموجود على أرضها المشتبه به، إلى طلب إرسال الملف من أجل محاكمته على أراضيها، على غرار ما يحصل في لبنان لجهة حماية المواطنين اللبنانيين ومحاكمتهم على أراضيه وعدم تسليم المشتبه بهم لمحاكمتهم خارج لبنان.