ماذا سيحدث إذا لاحقت “الجنائية الدولية” نتنياهو؟
يتحسّس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عنقه مع وزير دفاعه يوآف غالانت ورئيس أركان جيشه هرتسي هاليفي، ويخشون أن تصدر محكمة العدل الدولية مذكرات توقيف بحقهم في الأيام القليلة المقبلة بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضدّ الفلسطينيين في غزة، وبذلك يصبح نتنياهو المطلوب بتهم جنائية في الداخل الإسرائيلي، مطلوباً بتهم جنائية خارجية وعلى مستوى العالم.
المخاوف جدية من صدور مذكرات التوقيف ولذلك يحاول نتنياهو الضغط على الولايات المتحدة لاستخدام حق النقض الفيتو في حال صدور أوامر اعتقال بحقه وبحق غالانت وهاليفي، تبعاً لما تكشف وسائل إعلام إسرائيلية مع توقعات بقرب صدور المذكرات عن المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، وتقول صحيفة إسرائيل هيوم “إن التداعيات ستكون مدمرة لأن إسرائيل كلها ستكون بنظر العالم مجرمة حرب”. ومع دخولنا شهر أيار غداً، تبدو تل أبيب في سباق مع الزمن للحؤول دون صدور المذكرات، ومن المنتظر أن يفتح نتنياهو خطوط التواصل حول هذه القضية مع رؤساء دول هولندا والتشيك والنمسا، وأن يجري وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، وسفير تل أبيب لدى واشنطن مايك هرتسوغ، محادثات مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، بغية الضغط لمنع صدور أوامر الاعتقال.
في إسرائيل من يعتبر أنّ من المستحيل اتخاذ المدعي العام هكذا خطوة دراماتيكية من دون ضوء أخضر أميركي، وهنا مكمن القلق الإسرائيلي بسبب تأزم العلاقات بين تل أبيب وواشنطن عشية التوغل البري المرتقب في رفح، وتخشى الحكومة الإسرائيلية من مغبة أن يؤثر التوغل على الساحة القانونية الدولية ضد إسرائيل، وخاصة في لاهاي، ما قد يدفع المحكمة لإصدار أمر بوقف إطلاق النار في غزة.
أوامر الاعتقال لن تؤثر فقط على نتنياهو، غالانت وهاليفي فقط، إذ إن تداعياتها ستصيب بشكل مباشر صورة إسرائيل في العالم واقتصادها وتجارتها وحركة الطيران والسياحة وعلى المجالات كافة، ولا تستبعد بعض التقديرات أن تدفع أوامر الاعتقال دولاً عدة لقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل وعزلها للضغط عليها لوقف الحرب.
الساحة الإسرائيلية الداخلية تعيش إرباكاً كبيراً وتكشف المشاورات الإسرائيلية المكثفة لقيادة الجيش ومجلس الحرب ومجلس الأمن القومي ومكتب رئيس الوزراء جدية المسألة، لأن أوامر الاعتقال تشكل ورقة ضغط دولية، يعول عليها من أجل وقف الحرب وجرائم الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في غزة، فيما الضغوطات الداخلية الإسرائيلية لا تتعدى المطالبة بإعادة المختطفين إلى وقف القتال. وحتى الساعة لا تطالب الإدارة الأميركية بوقف الحرب، التي لا تعارضها من الأساس، إنما تعترض على مسارها وعلى العملية البرية العسكرية المتوقعة في رفح.
أما مصدر قلق تل أبيب وإدارة الرئيس بايدن معاً، فينبع من التحولات الكبرى في الرأي العام الدولي والاحتجاجات الطالبية في الجامعات لا سيما الأميركية، ما يعيد إلى الأذهان مشاهد الاحتجاجات التي ساهمت بإسقاط “نظام الأبارتايد” في جنوب أفريقيا، ما يؤشر إلى بداية فرض عزلة دولية على إسرائيل، من دون إغفال تأثير الشريحة الشابة على الانتخابات الرئاسية الاميركية.