الصراع العوني- القواتي يحتدم… الزعامة المسيحيّة أولاً!
كتبت بولا مراد في الديار
يوحي احتدام الصراع بين القواتيين والعونيين في الاسابيع القليلة الماضية كأن الانتخابات النيابية حاصلة غدا، علما ان الاستحقاق المقبل موعده بعد عامين. لا تفسير لعودة الطرفين الى جبهات الاقتتال السياسي والاعلامي الا المحاولات المستمرة لكل منهما لنحر الآخر وتحجيمه بهدف السيطرة على الساحة المسيحية.
فالتيار الوطني الحر لم يتجاوز الارقام غير المسبوقة التي حققها حزب “القوات” في الانتخابات النيابية الماضية والتي جعلت كتلته اكبر من الكتلة العونية، فبعدما كان “التيار” هو الممثل الاول للمسيحيين اضطر الى تقاسم التمثيل اليوم مع جعجع، وهي معادلة لم يتأقلم معها بعد، وسيقوم بالمستحيل لانهائها في الاستحقاق المقبل. يُدرك العونيون ان ذلك يحتم العمل في هذا الاتجاه تراكمي، من هنا يعملون على تحطيم غريمهم الاول بشتى الطرق والتصويب على اي خطأ سياسي يرتكبه لمحاولة اجتذاب قسم من الشارع المسيحي الذي فقده في السنوات الماضية.
حتى ولو اضطر للاختيار بين خصمه اللدود رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس “القوات” سمير جعجع، فرئيس “الوطني الحر” جبران باسيل يختار الاول من دون تفكير. فرغم كل ما اقترفته ايدي بري بحق عهد الرئيس السابق ميشال عون، تبقى المصلحة العونية بالتفاهم مع عين التينة خاصة بعدما اختبرت ميرنا الشالوحي ان حزب الله قادر على التفريط بحلفه مع التيار ولم يسمح بأن تمس علاقته ببري. ولعل انتخابات نقابة المهندسين كانت ابرز اختبار مؤخرا لاستعداد “التيار” للتموضع مجددا الى جانب “الثنائي الشيعي” فقط ليضمن فوزه بأي مواجهة مباشرة مع “القوات”.
وبحسب المعلومات، فان “الوطني الحر” ليس متحمسا للانتخابات البلدية لانه يدرك ان نتائجها قد لا تكون لصالحه خاصة وان العمل على تفعيل “التحالف المصلحي” مع “الثنائي الشيعي” لا يزال في طور التنفيذ ويحتاج وقتا ليتبلور كليا، وبالتالي هو لا يفضل المجازفة في اي امتحان شعبي طالما ورقة التمديد للبلديات هي حاليا بيده، وهو حتى ولو لم يغط التمديد في الجلسة التشريعية المقبلة، يدرك ان “الثنائي” اتخذ قرار التمديد وسيلجأ اليه بطريقة او بأخرى حتى ولو قفز فوق الطرح الاكثر دستورية القائل باقراره بقانون يصدر عن مجلس النواب.
ووجد العونيون اليوم بانقلاب القواتيين على مواقفهم السابقة المرتبطة بملف النزوح السوري بوابة اساسية لهم للتصويب المباشر على الفشل القواتي بمقاربة هذا الملف ما من شأنه ان يُضعف وضعيتهم الحالية اكثر فأكثر لدى القاعدة المسيحية. وطالما معراب ذهبت بعيدا باستثمار حادثة خطف وقتل منسق جبيل في “القوات” باسكال سليمان، ارتأت ميرنا الشالوحي الاستثمار ايضا بالتسرع القواتي بتوجيه التهمة لحزب الله، فلجأت الى اتهامها بمحاولة اشعال الفتنة بالبلد.
بالمقابل، يقف القواتيون بموقع الدفاع بعدما اعتمدوا طوال الفترة الماضية الهجوم. وها هم اليوم يحاولون تبرير مواقفهم السابقة من ملف النزوح بعدما سقط اتهام حزب الله باغتيال سليمان واضطروا لشن حملة كبيرة على النازحين.
وتدرك معراب راهنا ان قدرتها حاليا مع باقي القوى المعارضة تقتصر على التعطيل بغياب اي امكانية للمبادرة والحسم خاصة بعدما سقط الشعار الانتخابي “بدنا وفينا” مع قرار حزب الله فتح جبهة الجنوب لدعم غزة، ووجد حزب “القوات” والمعارضة نفسيهما عاجزين عن تبرير عدم قدرتهم على منع ذلك بعد مرور اشهر على الحرب.
ويجد جعجع اليوم بقرار “الثنائي” التمديد للبلديات مدخلا جديدا يمكن ان يظهره بموقع الحريص على الاستحقاقات الدستورية وحصولها في مواعيدها. وهو يتمنى ان يغطي العونيون التمديد ليصوبوا عليهم بالمباشر ما يخدمهم شعبيا.
وبعدما كانت بكركي تعول على امكانية رص الصف المسيحي لمواجهة تعطيل عملية انتخاب رئيس للجمهورية، وجدت ان كل محاولاتها تذهب ادراج الريح وان لا صوت يعلو فوق صوت الصراع العوني – القواتي الذي يضع المصالح الحزبية والزعامة المسيحية فوق كل اعتبار!