بُشرى للبنانيين: التنقل سيُصبح أرخص
في 23 أيار 2022 تسلّم لبنان 50 باصاً كهبة من الدولة الفرنسية، على ان تليها دفعة ثانية لاحقاً على ان تكون هذه الهبة حلقة من حلقات خطة النقل المتكاملة على الأراضي اللبنانية كافة .
كما عملت حينها مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك على تأهيل 45 باصا محلياً ما يعني انه كان من المُفترض ان يكون هناك 95 باصا جاهزاً للعمل على الطرقات، الأمر الذي يُساهم ولو جزئياً بالتخفيف من أعباء النقل على المواطن اللبناني.
وفي منتصف شهر كانون الأول 2023 تم تسيير باصات النقل العام مُجدداً في شوارع العاصمة بيروت مع بدء تنفيذ وزارة الأشغال العامة والنقل خطة تشغيل باصات الهبة الفرنسية والتي بلغ عددها 50 باصاً ودخلت 10 منها فقط الخدمة بعد انتظار لأشهر نتيجة إضراب الموظفين.
وانطلقت فعلاً هذه الباصات من منطقة مار مخايل وتوقفت في محطات عدّة ضمن نطاق بيروت الكبرى وضواحيها وحال نقص الأموال والسائقين دون وضع المزيد منها في الخدمة، الا ان هذه الباصات توقفت لاحقاً نهائيا لأنها تحتاج إلى مازوت وسائقين وصيانة والاعتمادات التي خُصصت لها لم تكفِ سوى لشهر واحد فقط.
بقيت الباصات الفرنسية متوقفة في انتظار نتائج الدراسات والخطط لتشغيلها في الوقت المناسب، إلى ان بشّر مؤخراً النائب بلال عبد الله الذي يُشارك في اجتماعات لجنة الأشغال والنقل النيابية المواطنين بأن هذه الحافلات أصبحت قريبة جداً من الاستعداد للتشغيل، ولكن فعلياً يظل القرار قيد النقاش والدرس، بحيث لا تزال وزارة الأشغال العامة والنقل تُعاني من التحديات التي تحول دون تشغيلها حتى الآن أولاً بسبب تدني قيمة رواتب العاملين في القطاع العام، وثانيا لارتفاع تكاليف الوقود والصيانة، ما يزيد من تحمل الأعباء المالية على الوزارة في حال تشغيل الباصات.
وللوقوف على حقيقة هذا الأمر، قال المدير العام لمصلحة سكك الحديد والنقل المشترك زياد نصر إن “المصلحة لا زالت في المسار الأول حيث تم وضع خطة لتسيير هذه الباصات وطلبنا اعتمادات لأننا لا يمكننا تشغيلها بالإمكانات المتوافرة لدينا إلا ان هذه الاعتمادات لم تتوفر فتم إطلاق مُناقصات لتسييرها وفقاً لقانون المشتريات العامة ووضع دفتر الشروط لتلزيم تشغيل الحافلات التي تملكها المؤسسة بهدف تحقيق إيرادات ولكن أيضا لم نتوصل لأي نتيجة فكان الحل الوحيد المُتاح هو التعاون مع القطاع الخاص”.
وكشف نصر انه “تم إطلاق مُزايدة ووضع دفتر شروط لاختيار الشركة التي تؤمن منفعة أكثر من غيرها للإدارة العامة ورست هذه المزايدة مبدئيا على إحدى الشركات الخاصة التي ستؤمن الكادر البشري لتسيير الباصات وفق الخطوط التي تم وضعها بحسب خطة النقل”، مؤكدا ان “الأمور إيجابية”.
واعتبر ان “هذه الخطوة مهمة جدا وللمرة الأولى سنشهد تكاملا ما بين القطاع العام والخاص لتسيير الباصات”، مُشيرا إلى ان “هناك بعض الأمور التي هي قيد التحضير من إعداد للكادر البشري وتجهيز محطات وقوف للباصات”، وتوّقع ان “تتبلور هذه الخطة وان يتم تسيير الباصات ما بين شهري أيار وحزيران المُقبلين”.
ماذا عن التعرفة؟
يوضح نصر ان “تعرفة الباصات يجب ان تُغطي متطلبات الإدارة،أي مصلحة سكة الحديد والنقل والشركة المُشغلة فلا يمكن ان تكون زهيدة جدا وان تؤدي إلى تكبد الخسائر”، لافتاً إلى انه “سيتم دراسة التعرفة وفق معايير مُناسبة”.
وأشار إلى ان “قرار التعرفة هو بيد مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك”، مُجدداً التأكيد انه “سيتم تشغيل هذه الحافلات على الطرق الرئيسية في لبنان في وقتٍ قريب”.
خطة النقل العام
وعن مصير خطة النقل العامة، شدد نصر على ان “قطاع النقل يجب ان يكون مدعوما من قبل الدولة كما يحصل في سائر بلدان العالم لأنه قطاع حيوي”، داعياً إلى ان “يتصدر سلم الأولويات وأن يتم تأمين تنفيذ الإعتمادات الكافية له لإحياء المؤسسات والمصالح المعنية بتفعيل هذا القطاع”.
واعتبر ان “خطوة تشغيل الباصات والتي يبلغ عددها 95 باصاً هي خطوة نموذجية و”نوعية” يُمكن وضعها في المسار السليم لإطلاق لاحقا خطة نقل مُتكاملة”، مشيراً إلى انه “للمرة الأولى سيكون هناك شراكة مع القطاع الخاص لتسيير الحافلات”.
ويُعوّل نصر على نجاح هذه الخطوة، مُطالبا المعنيين بتأمين النجاح لها وان تُواكب من قبل وزارتي الداخلية والأشغال والنقل بسبب الفوضى العارمة التي تتحكم بقطاع النقل.
ولفت إلى انه “منذ 40 سنة ولغاية اليوم فان قطاع النقل العام مهمل ومتروك ونحن وضعنا العديد من الخطط انما بقيت نظرية بسبب أوضاع البلد التي يعرفها الجميع ولدينا الإرادة لتحسينه لكن يجب ان يترافق هذا الأمر مع قرار رسمي حاسم بتنظيم هذا القطاع، ونأمل ان نبدأ من خلال إعادة تشغيل حافلات النقل بتنظيم هذا القطاع خطوة خطوة”.
إذا بُشرى سارة للبنانيين قريبا إعادة تشغيل باصات النقل العام أو “جحش الدولة” كما كانت تُعرف سابقاً علّهم يوفرون ولو جزئيا من أعباء تنقلاتهم مع ارتفاع أسعار البنزين، ويتحقق حلمهم بتنظيم قطاع النقل كسائر دول العالم.