“التربية” تحسم الجدل بشأن الامتحانات الرسميّة!
ندى عبدالرزاق – الديار
يعد التعليم حقاً أساسياً وضرورياً لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في أي مجتمع، ويواجه القطاع التربوي الذي يعتبر العمود الفقري في لبنان منذ نحو 4 سنوات، تحديات كبيرة تهدد نوعية التعليم وتؤثر في مستقبل الأجيال القادمة. ولا يزال القطاع يعاني من ازمة مالية متعثرة، الى جانب مشكلة الاعداد غير المسبوقة للطلاب الاجانب في المدارس، وأدت هذه العوامل الى وضع ضغط هائل على البنى التحتية للتعليم والموارد البشرية.
بالموازاة، الهدوء الذي خيم على المدارس هذا العام لم يستمر طويلا، بعد ان خرقته الاعتداءات “الإسرائيلية” في الجنوب، الذي يعيش تحت وطأة القصف الهمجي من قبل جيش الاحتلال. هذه الاعمال العسكرية عرّضت الأطفال والشباب لخطر الانقطاع عن التعليم. واستمرار الأوضاع الأمنية الهشة يزيد من صعوبة وصول الطلاب إلى المدارس وتلقي التعليم بشكل منتظم، كما وقد يؤدي إلى إلغاء الامتحانات الرسمية، مما يؤثر سلباً في جودة التدريس وديمومته. فتحقيق التعليم النوعي والمستدام في الجنوب اللبناني، يتطلب تعزيز الثبات في المناطق الحدودية، بالإضافة إلى توفير الدعم اللازم للمدارس والمعلمين لضمان مواصلة العملية التعليمية، رغم التحديات الأمنية.
وليس خافيا على أحد ان القطاع التربوي في لبنان من أكثر القطاعات تأثراً بالأوضاع الاقتصادية والسياسية، ويواجه النظام التعليمي تحديات هيكلية وتنظيمية، ونقص في التخصيصات المالية اللازمة لتطوير البنى التحتية للمدارس، وتحديث المنهج وتوفير التكنولوجيا التعليمية. كما تسببت الأزمة الاقتصادية بتدهور القيمة الشرائية للعملة المحلية وزيادة في معدلات البطالة، مما أدى إلى صعوبات مالية للأسر.
المواجهات القاهرة
الى جانب ذلك، يجابه الطلاب اليوم مشكلات كثيرة منها مادية وأخرى معنوية، نتيجة عدم وضوح القرارات الوزارية بهذا الشأن، وهذه العوامل تزيد من الضغط النفسي على الطلاب بسبب عدم اليقين حول موعد اجراء الامتحانات، وهذا يؤثر في جدولهم الدراسي وخططهم المستقبلية. ويجمع التربويون على ان التأجيل قد يؤدي إلى فقدان الطلاب الموضوعية والتركيز، فيتقلص أداؤهم في الاختبارات عندما تُعقد، او يفقد الطلاب المهارات والنواحي العلمية التي يجب ان يتسلحوا بها في المراحل المتقدمة.
أيضا يهدد تعطيل او تعديل الدروس المقررة، نظام العام الدراسي وخطط المناهج. كما قد يتطلب تأجيل الامتحانات إعادة ترتيب جداول الامتحانات وتخصيص الموارد والمعلمين، فيتضاعف الضغط على النظام التعليمي. فتوقيف الامتحانات الرسمية غالبا ما يتم في المرحلة المتوسطة والثانوية، مما يؤثر في قدرة الطلاب على التقدم للتعليم العالي.
وفد طالبي جنوبي في “التربية”
وفي هذا المجال، كشف عضو لجنة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي في لبنان حسين محمد سعد لـ “الديار”، عن “ان وزير التربية عباس الحلبي اجتمع بوفد ضم طلاب وأساتذة من المناطق الحدودية، واستمع الى مشكلات الطلاب، ووعد بالعمل على إيجاد الحلول وتبديد الهواجس وتذليل الصعوبات التي تعتري عملية التعليم، سواء كانت عن بُعد او في مدارس الاستجابة، التي انشأها في المناطق الامنة وهي خارج الشريط الحدودي، أي التي لا تشهد اشتباكات مسلحة وانما بعض المناوشات المحدودة”.
وتابع “طرح الطلاب العوائق التي تواجههم، مثل صعوبة تأمين “الانترنت” نظرا لتكلفته العالية، وكان وزير التربية طلب من وزير الاتصالات منح طلاب وأساتذة الجنوب في القرى الحدودية باقات “انترنت”، لكن الوزير جوني القرم لم يقدم أي تعاون في هذا السياق، لذلك وعد الحلبي بإعادة متابعة الامر”.
تخفيض الدروس
وقال سعد: “اثار الطلاب مشكلة المنهاج، وطلبوا من الوزير اصدار قرار اختزال المناهج، فأكد والحلبي حصول هذا الامر خلال الأسبوع الحالي، الذي من المفترض ان يصدر عن المركز التربوي حتى يعرف الطلاب الدروس المطلوبة منهم، وهذا طبعا بالنسبة للمرحلة الثانوية. اما في ما يتعلق بمستوى الامتحانات وكيفية اجرائها، في ظل صمود الطلاب في القرى الامامية مع فلسطين المحتلة التي تشهد قصفا يوميا متكررا، وما هي طريقة انتقال الممتحنين الى مراكز الامتحانات والتكلفة المادية المترتب دفعها، فأكد الحلبي انه يدرس هذا الموضوع من الناحية اللوجستية، وكيفية انتقال الطلاب وتأمين حياتهم بالدرجة الأولى، وذلك يأتي قبل تنفيذ الامتحانات الرسمية”.
دورة خاصة… ماذا عن طلاب المدارس الأخرى؟
وأشار الى “ان الوزير شدد على ضرورة اجراء دورة خاصة للطلاب الصامدين في المناطق الحدودية، ومن الممكن ان تتضمن المواد الاختيارية، لذلك المطلوب من الطلاب في المناطق التي لا تشهد اشتباكات مسلحة الالتزام بالمحاور المقررة كاملة، وبحسب تعبير الحلبي فان انجاز الامتحانات الرسمية بات محسوما، الا إذا خرجت الأمور عن السيطرة فساعتئذ تلغى”.
وأردف “لقد طلبنا ان يشمل قرار تأدية الامتحانات الاستثنائية الخاصة بالجنوب كلا من مرجعيون وصور والنبطية، لان هذه الاقضية تحتضن آلاف النازحين”.
وختم سعد “يصر الوزير على اجراء الامتحانات الرسمية بشكل عادي وطبيعي إذا لم تخرج الأمور عن السيطرة ، عدا منطقة الجنوب. لذلك، اشدد على ان الأمور ذاهبة باتجاه إتمام دورة استثنائية خاصة بطلاب المناطق التي تشهد مواجهات عسكرية مع العدو الإسرائيلي، والامتحان يتضمن مواد اختيارية وتقليص المنهج. ووفقا لتحليلي الشخصي، فان قرار اقتصار المناهج قد يشمل كل المدارس اللبنانية الأخرى، لكن بدون مواد اختيارية للشهادة الثانوية، وبحسب ما تبين لي ان الوزير لا يحبذ فكرة وجود مواد اختيارية على غرار ما جرى في السنوات الماضية”.