خارجيات

أزمة نتنياهو قد تفجّر المنطقة

ليس سهلاً على من يضع نفسه في الموقع السياسي لرئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ان يقرر إيقاف الحرب على غزة وفق الظروف والنتائج الحالية، فالواقع شديد التعقيد ويضع مصير الرجل على المحك، وقد يكون مصيره الشخصي وليس فقط مستقبله السياسي، وعليه فقد أصبح هدف نتنياهو من الحرب “هو إستمرار الحرب” وهذا يحدّ ذاته يترك مخاطر التدحرج إلى حرب شاملة مرتفعة.

في بداية المعركة كانت فرص استدراج نتنياهو للاميركيين لحرب شاملة في المنطقة ينخرط فيها الغرب كلها، عالية، على اعتبار ان التعاطف والمشروعية الدولية التي أمنتها السردية الاسرائيلية لما حصل كان كفيلاً بإقناع الدول الغربية بمواكبة اسرائيل في حربها حتى على “حزب الله” بالرغم من عدم رغبتها في ذلك، لكن مع مرور الوقت فقدت السردية الاسرايلية فاعليتها، وعاد الفسلطينيون ليصبحوا اصحاب الشرعية في المعركة.

بعد سحب الولايات المتحدة الاميركية لأكبر سفنها الحربية من المنطقة، بات واضحاً بأن مشاركة واشنطن في الحرب اضحت امراً صعباً للغاية، لا بل يبدو ان الاميركيين لن يسمحوا لتل ابيب بتوسيع المعركة والبدء بحرب كبرى او اقليمية، لكن في ظل هذه الظروف لا تعترض واشنطن على قيام تل ابيب بتخطي الخطوط الحمر من خلال عمليات امنية وعسكرية محددة، وهذا يشمل الاغتيالات التي تحصل في لبنان وسوريا..

بحسب مصادر مطلعة فان تركيز اسرائيل بشكل كبير على سياسة الاغتيالات في لبنان سيفتح الباب على المخاطر بإتجاهين، الاول هو عدم قدرة “حزب الله” على إحتمال هذا التصعيد والتخطي للخطوط الحمراء، وعندها يصبح الذهاب الى الحرب اقل كلفة من البقاء ضمن شكل المعركة الحالي، وهنا يكون الحزب هو البادئ بالحرب بشكل او بآخر، ولعل هذا الامر الذي يريده نتنياهو ليقول لحلفائه انه يتعرض لاعتداء وأنه بحاجة لمساعدة.

أما الإتجاه الثاني للمخاطر التي قد تشعل الحرب فهو قيام اسرائيل بعملية إغتيال لا يستطيع الحزب السكوت عنها، او التعاطي معها بعقل بارد، وهذا سيفتح حربا شاملة. حتى اللحظة يحاول الحزب سحب ورقة الحرب من يدّ نتنياهو ويعمل على احتواء التصعيد عبر ردود مؤذية استراتيجياً لكنها لا تؤدي إلى اشعال الجبهات، لكن هذا الأمر قد لن يستمر وقتا طويلا حتى لو ادى ذلك الى تطورات دراماتيكية يحاول الجميع تجنبها في المنطقة.

بات “حزب الله” اليوم مرتاحاً بشكل كبير للواقع اللبناني الداخلي، اذ ان الرأي العام او غالبيته بات مقتنعاً بأن الحزب يحاول تجنب الذهاب الى الحرب، ويتحمل الضربات من دون ان يقوم بتوسيع المعركة، وعلية فقد إملك الحزب الرواية السياسية اليوم وبات توسع الحرب لا يؤذيه داخلياً بالقدر الذي كان سيؤذيه في بداية المعركة التي دخلها دعماً لحركة “حماس”، كل ذلك يعني ان المخاطر لا تزال مرتفعة بالرغم من كل الاشكال المختلفة والأقل سخونة التي تأخذها الحرب في قطاع غزة.

المصدر: “لبنان 24”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى