خارجيات

“هيومن رايتس ووتش” تصدر تقريرها بشأن قضية هانيبال القذافي

قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إنه “يتعيّن فورا على السلطات اللبنانية إطلاق سراح هانيبال القذافي، نجل الزعيم الليبي السابق، المحتجز احتياطيا بتهم ملفقة منذ اعتقاله في كانون الأول 2015. 80% تقريبا من نزلاء السجون في لبنان هم رهن الحبس الاحتياطي، وبعضهم محتجز لسنوات عديدة دون تهمة”.

وذكرت “هيومن رايتس ووتش” أن “قوى الأمن الداخلي اللبنانية، التي تشرف على عمليات السجون، اعتقلت القذافي في كانون الأول 2015، بزعم صلته باختفاء الإمام الشيعي اللبناني موسى الصدر ورفيقيه في ليبيا بعد زيارة رسمية في آب 1978″. بحسب أحد محامي القذافي، اتهمت السلطات اللبنانية هانيبال بـ”حجب معلومات والتدخل لاحقا في جريمة الاختطاف المستمر” للإمام الصدر، رغم أن عمر القذافي في 1978 كان وقتها عامين فقط ولم يشغل أي منصب رسمي رفيع كشخص راشد”.

وقالت حنان صلاح، المديرة المساعدة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “الاحتجاز التعسفي المفترض لهانيبال القذافي بتهم ملفقة بعد إمضائه ثماني سنوات في الحبس الاحتياطي، يثير السخرية من النظام القضائي اللبناني الضعيف أصلا. استنفدت السلطات اللبنانية منذ فترة طويلة أي مبرر للاستمرار في احتجاز القذافي وينبغي لها إسقاط التهم والإفراج عنه”.

وكتبت هيومن رايتس ووتش في تموز 2023 بشكل منفصل إلى اللواء عماد عثمان، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللبنانية، وإلى القاضي زاهر حمادة، المحقق العدلي المسؤول عن القضية، تطلب معلومات تفصيلية عن الوضع القضائي للقذافي وصحته، لكنها لم تتلقَ أي رد.

وقال المحامي لـ “هيومن رايتس ووتش” إن “القذافي بدأ إضرابا عن الطعام من حزيران إلى تشرين الأول احتجاجا على استمرار احتجازه التعسفي وكذلك ظروف الاحتجاز التي نتج عنها خسارة شديدة في وزنه ودخوله المستشفى بشكل متكرر. تدهورت أوضاع السجون في لبنان بشدة منذ انزلاق البلاد إلى أزمة اقتصادية خطيرة في 2019. تشمل الظروف عدم ملاءمة الخدمات الصحية، وعدم كفاية الغذاء ورداءته، والاكتظاظ الشديد الذي تعزوه السلطات إلى زيادة معدلات الجريمة وبطء إجراءات المحاكمة وعدم قدرة العديد ممن قضوا أحكامهم على دفع الرسوم المطلوبة للإفراج عنهم”.
وأشارت “هيومن رايتس ووتش” الى أن “مسلحون مجهولون اختطفوا القذافي في 2015 في سوريا قرب الحدود اللبنانية بعد أن جرى خداعه ليعتقد بأنه سيجري مقابلة مع إحدى الصحف، بحسب تقارير. بدل ذلك، نقله المسلحون إلى لبنان، حيث عذبوه وطالبوه بمعلومات عن اختفاء الإمام الصدر وطلبوا فدية، وفقا لمحاميه. كان القذافي يعيش في سوريا مع عائلته بعد فراره من ليبيا في بداية ثورة 2011 التي أطاحت بنظام والده، وبعد قضائه فترة في الجزائر وعُمان”.

وأضافت: “حررت السلطات اللبنانية القذافي من خاطفيه، لكنها بحسب تقارير اعتقلته بعد أيام وأبقته محتجزا لدى “شعبة المعلومات” التابعة لقوى الأمن الداخلي بعد إصدار القاضي حمادة مذكرة توقيف اتهمه فيها بإخفاء معلومات حول اختفاء الإمام الصدر. اتُهم القذافي رسميا في 2016، على ما يبدو استنادا إلى تقارير تفيد بأنه كان يعرف مكان احتجاز الصدر بين 1978 و1982. نفى القذافي ومحاميه هذا الادعاء”.

وتابعت: “في كانون الأول 2015، اعتقلت السلطات اللبنانية حسن يعقوب، العضو السابق في البرلمان اللبناني عن حزب الله، لدوره المزعوم في اختطاف القذافي. يعقوب هو ابن الشيخ محمد يعقوب، أحد مساعدي الصدر اللذان اختفيا معه في ليبيا. أفرجت السلطات عن يعقوب دون تهمة في تموز 2016.

في 2018، حكمت إحدى المحاكم على القذافي بالسجن 15 شهرا في قضية منفصلة بتهمة “تحقير” القضاء اللبناني، فضلا عن منعه من السفر لمدة عام.

اختفاء الصدر، رجل الدين الإيراني المولد والمؤسس ذو الشعبية الكبيرة لـ “حركة أمل”، وهي حزب سياسي شيعي وجماعة مسلحة لبنانية، تسبب في انقطاع العلاقات بين لبنان وليبيا. أكّد معمر القذافي خلال حياته أن الصدر ورفيقيه في السفر، يعقوب والصحفي عباس بدر الدين، غادروا طرابلس في 1978 على متن رحلة متوجهة إلى روما، لكن أنكرت السلطات الإيطالية الادعاء، بينما اتهم أتباع الصدر القذافي بإخفاء الصدر وقتله هو ورفيقيه بسبب خلافات حول المدفوعات للميليشيات في لبنان.

زعمت السلطات اللبنانية أن هانيبال القذافي قدّم إفادة خطية أثناء احتجازه تتضمن معلومات عن الاحتجاز المزعوم للصدر ومساعديه في ليبيا بعد اختفائهم، لكن نفى محامي القذافي هذه الادعاءات في 2022، مشيرا إلى أن القذافي أُجبِر على توقيع الوثيقة تحت الإكراه، ودون حضور محام.

لم تنشر السلطات اللبنانية طوال فترة سجن القذافي سوى معلومات شحيحة حول وضعه القضائي والأساس القانوني لاحتجازه المستمر. لا يزال من غير الواضح من هي الجهة القضائية التي توافق رسميا بشكل دوري على استمرار احتجازه، وعدد مرات مثوله أمام القاضي.

في كانون الثاني 2019، طلب وزير العدل اللبناني آنذاك سليم جريصاتي من رئيس “هيئة التفتيش القضائي”، وهي الهيئة المسؤولة عن الإشراف على القضاء وعمل القضاة في لبنان، تقييم ما إذا كان استمرار احتجاز القذافي دون محاكمة لا يزال مناسبا من الناحية القضائية، لكن لم يُعلَن عن النتائج. شككت السلطات الليبية أيضا في آب 2023 في شرعية احتجاز القذافي وقالت إن على السلطات اللبنانية إطلاق سراحه والسماح له بالعودة إلى عائلته في سوريا، لكن السلطات اللبنانية لم تردّ.

بموجب القانون الدولي، يخضع الاحتجاز لإجراءات واجبة صارمة، وتحديدا إبلاغ الشخص بأسباب اعتقاله، وإسناد الاحتجاز إلى قانون محلي واضح، وتقديم الشخص فورا أمام القاضي وتوجيه التهم إليه أو إطلاق سراحه، وتوفير حكم قضائي بشأن شرعية احتجازه، ومنحه الحق في محاكمة سريعة أو إطلاق سراحه، وتوفير فرص منتظمة للطعن في شرعية الاحتجاز طويل الأمد. عدم احترام هذه الضمانات الإجرائية يجعل الاحتجاز تعسفيا. بموجب القانون الدولي، ينبغي أن يكون الاحتجاز السابق للمحاكمة هو الاستثناء وليس القاعدة.

تنص المادة 9 من “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” على أنه “لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا”. تنص المادة 9 من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، الذي صادق عليه لبنان عام 1972، على أنه لا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه”.

وقالت صلاح: “ندرك أن الناس يريدون معرفة ما حدث للإمام الصدر، لكن من غير القانوني إبقاء شخص رهن الاحتجاز الاحتياطي لسنوات عديدة لمجرد ارتباطه المحتمل بالشخص المسؤول عن ارتكاب الخطأ”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى