الحرب مسألة أسابيع وشباط الموعد؟
ميشال نصر – الديار
واضح ان زيارة الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين هذه المرة الى بيروت لا تشبه ايا من سابقاتها، سواء لجهة مضمون لقاءاته الثلاثة العلنية، او اللهجة التي قارب بها الملفات، او الاهم السرية التي احاط بها نقاشاته الجدية، البعيدة عن البروتوكوليات الشكلية “عالطريقة اللبنانية”، والتي تقصدها قبيل وصول السفيرة الاميركية الجديدة، التي وصلت على متن الطائرة التي اعادته الى واشنطن، حيث عقد معها خلوة “عالواقف” في مطار رفيق الحريري الدولي انتهت بكلمتين “God help” .
في السراي، الزيارة بدت وكانها دعوة لضبط النفس وعدم التصعيد، وضرورة التوصل سريعا إلى حل دبلوماسي يريده الطرفان لوقف التصعيد وخفض التوتر على الجبهة الجنوبية، اما في عين التينة، فبحث معمق في “المقترحات والطروحات” مع “ابو مصطفى”، بحيث نفذ من الشكل الى الجوهر. فماذا تخبىء هذه الازدواجية؟
واضح من جدول الزيارة ان الموفد الاميركي تقصد زيارة اصحاب القرار، من مجلس النواب “بحكيكي يا جارة لتسمعي يا كنة حارة حريك”، السراي “الناطق الرسمي باسم الفراغ”، واليرزة صاحبة السلطة العسكرية و”الكلمة عالارض”، مسمعا كلا من اسياد المقرات “شو بحب”، فيما بقي الملف الذي حملة معه من واشنطن “مسكر”، اذ لم يعرضه على احد بعدما اكتشف عدم جدوى عرض خطته، ليبقى لقاءه مع نائب رئيس المجلس في الخارج لغزا محيرا، وان كان ثمة من اوحى من مجالسه، ان هوكشتاين سمع اجابات على ما حمله “دولة الرئيس” معه.
مصادر مطلعة على مضمون تقرير الوسيط الاميركي، كشفت ان الصيغة المعتمدة على دبلوماسيتها، الا انها جاءت متشائمة الى اقصى الدرجات، معتبرة ان ما رفعه هوكشتاين يعطي الضوء الاخضر للانتقال الى مرحلة التحضير العملي لاطلاق العملية العسكرية على جبهة لبنان، بغطاء ومشاركة اميركيتين، خصوصا ان رسائل التحذير وصلت على كافة جبهات محور الممانعة من العراق واليمن الى لبنان وفلسطين.
واشارت المصادر الى ان بيروت فوتت فرصة كبيرة، من خلال رفضها العرض الدبلوماسي المطروح، والذي كان كفيلا بتامين المخرج للحكومة اللبنانية لتحقيق مكاسب على حساب “اسرائيل”، من خلال حل مسالة بعض النقاط المختلف عليها، مقابل وقف العمليات العسكرية في الجنوب، بعدما تراجعت تل ابيب خلال المفاوضات عن موقفها من بعض النقاط المتحفظ عنها.
عليه تختم المصادر بان الاسابيع المقبلة تحمل اوضاعا سيئة بالنسبة للجبهة اللبنانية، وان شهر شباط سيكون “حاميا جدا” اذ يبدو ان المنطقة دخلت مرحلة تنفيذ الحلول “عالسخن”، ذلك ان الظروف غير ناضجة لاحداث أي خرق في اتجاه التهدئة سواء في غزة أو على الجبهة مع لبنان، خلافا للاعتقاد السائد عند الكثيرين بان البحث يدور حول التسوية المنتظرة، داعية الى متابعة الاوضاع على الجبهة اليمنية، التي ستكون تداعياتها لبنانيا كبيرة جدا.
بين كلام بلينكن وكلام هوكشتاين، جامعان مشتركان: الأول، لا جديد نوعيا فيهما، والثاني يعكسان الذهاب هرولة نحو التصعيد. في الخلاصة، رسم الاثنان سقفهما، تهدئة في الحد الأدنى، واتفاق في الحد الأقصى، لكن لا يبدو ان أحد الحدين يمكن أن يتحقق، ما يؤشر إلى أن الجواب عرف من العنوان.
لكل من المبعوثين ملفه، لكن في نهاية المطاف يلتقيان عند علامة واحدة: ماذا في اليوم التالي لحرب غزة، وماذا في اليوم التالي لمعارك الجنوب. ما كتب قد كتب. فشباط وآذار لناظرهما قريبان…