قوات “الرضوان” في الجليل!.. خبراء يتحدثون عن احتمالات الحرب الشاملة
على الرغم من انشغال الحكومة الإسرائيلية في الحرب في غزة، إلا أن العيون الإسرائيلية تترقب وتترصد مسار التصعيد الدراماتيكي على الجبهة الشمالية مع جنوب لبنان، في ظل ارتفاع وتيرة ونوعية عمليات حزب الله ضد مواقع وثكنات وتحشدات جيش الإحتلال وحجم الخسائر الكبيرة التي يتكبدها يومياً تحولت إلى حرب استنزاف طويلة، إضافة إلى الضرر الذي يصيب جبهته الداخلية وتفاقم أزمة استعادة الأمن إلى مستوطنات الشمال وإعادة 150 ألف مهجر إليها. لكن الجديد هو تزايد الخشية الإسرائيلية أكان لدى قيادة منطقة الشمال في الجيش الإسرائيلي أو لدى سكان المستوطنات الذين لا يزالون فيها، من خطر تسلل قوات “الرضوان” في حزب الله الى الجليل وتكرار ما حصل في 7 تشرين الأول الماضي في غلاف غزة.
وقد أصبحت القوات الخاصة في حزب الله التي تسمى وحدة “الرضوان” الهاجس الأكبر في منطقة الشمال لا سيما في الجليل، وفق ما ينقل الإعلام الإسرائيلي الذي يتحدث عن أنفاق تربط الجنوب بالبقاع ببيروت وتمتد الى الحدود اللبنانية – السورية، وربما أنفاق على الحدود اللبنانية – الفلسطينية قد تمكن الحزب من التسلل الى الجليل.
وأشار مصدر عسكري إسرائيلي، وفق موقع “المونيتور”، إلى “أننا نرصد زيادة مطردة وبطيئة في هجمات حزب الله على إسرائيل”، لافتًا إلى أنّه “استمرار التصعيد سيوصلنا لحريق هائل وإن كان حزب الله يريده فسيحدث بالنهاية”.
ولذلك سارعت الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأوروبية والعربية إلى التحرك نحو لبنان للضغط على الحكومة وحزب الله لوقف التصعيد وإنسحاب قوات الرضوان 10 كلم بالحد الأدنى تحت طائلة لجوء “إسرائيل” الى عمل عسكري في الجنوب وإقامة منطقة عازلة ونشر قوات دولية، بهدف إبعاد خطر الحزب وتطمين المستوطنين وإقناعهم بالعودة الى الشمال. ووفق معلومات خاصة فإن مسؤولين أوروبيين عرضوا وساطتهم بين الحكومة اللبنانية و”إسرائيل” ونقلوا عروضاً للمقايضة على ملف الحدود البرية، بين انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية المحتلة ووضع مزارع شبعا في عهدة الأمم المتحدة، مقابل انسحاب حزب الله مسافة معينة يجري الإتفاق عليها باتجاه شمال الليطاني.
لكن مطلعين على موقف المقاومة يشيرون الى أن الأخبار المتداولة عن تفاوض ومقايضة في ملف الحدود، غير صحيحة، موضحة أن حزب الله يتلقى رسائل تحذير واقتراحات في آن معاً عبر قنوات رسمية ودبلوماسية تتعلق بترتيبات حدودية، لكن الحزب لن يبحث بأي ترتيبات أو تفاصيل في ملف الحدود، قبل انتهاء العدوان على غزة وتوقف الإعتداءات الإسرائيلية على الجنوب. ونقل موقع “المونيتور” عن مصدر سياسي إسرائيلي، أنّ “فرص التوصل إلى حل دبلوماسي للخلافات بين حزب الله وإسرائيل تتضاءل”.
ويضع خبراء عسكريون التهديدات الإسرائيلية بتوسع الحرب على لبنان، في إطار التهويل والحرب النفسية والإعلامية، ويستبعدون خيار الحرب الشاملة، لأسباب عدة تتعلق بقدرة الجيش الإسرائيلي الذي يتكبد خسائر بشرية ومادية ومعنوية كبيرة جداً لم يعهد مثلها في تاريخ الكيان الإسرائيلي، والخسائر بلغت في لواء جولاني ضمن (الوحدة الخاصة) في الجيش الإسرائيلي 25% كما قال قائده السابق موشي كابلنسكي، وكذلك الأمر بالنسبة لوحدات النخبة الأخرى في جبهات أخرى، ما يعني أن 40 في المئة من الوحدات النخبة في جيش الإحتلال أصبحت خارج الخدمة حيث تم سحبها من الميدان لإعادة تأهيلها وترميمها.
ووفق مصادر ميدانية فإن انتشار الجيش الإسرائيلي على حدود لبنان، لا تؤشر الى استعداده للقيام بشن عدوان واسع على لبنان، لا سيما وأنه سحب 10 آلاف من الوحدات الخاصة التي كانت منتشرة على حدود لبنان الى جنوب غزة خلال الجولة القتالية الثانية في غزة، علماً أن المقاومة تمكنت من تدمير الجزء الأكبر من الجدار الإلكتروني والمواقع الإسرائيلية على طول الحدود وفي عمق 10 كلم في الأراضي المحتلة. كما أن المقاومة وفق المصادر الميدانية فإن حزب الله لم يستخدم أكثر من 3 في المئة من قدراته وقواته، كما أن الوحدات التي تقاتل الآن في الجنوب ليست من القوات الخاصة ولا قوات الرضوان، كما لم يستخدم الحزب الخطط والتكتيكات والأسلحة النوعية والصواريخ الدقيقة التي أعد لها للحرب الكبرى، ولم تظهر المفاجآت التي توعد بها الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله التي ستغير وجه المنطقة وفق ما قال نصرالله في خطابات ماضية.
لكن الخبراء العسكريون لا يستبعدون فرضية الحرب الواسعة كلياً في ظل المأزق الكبير الذي يواجه حكومة الحرب في “إسرائيل” ويتحكم بمصير رئيس الحكومة بنيمين نتانياهو، وقد يفكر كيان الإحتلال بعمل عسكري واسع ضد لبنان وضرب أهداف لحزب الله في الجنوب والبقاع والضاحية قبل انتهاء الحرب في غزة بأيام قليلة، لاستعادة هيبة جيشه وقدرة الردع، لكن هذا الخيار قد يأخذ الى حرب واسعة مع حزب الله والذي تؤكد مصادره بأن أي عدوان سيواجه بردة فعل قاسية، مشددة على أن الحزب لم تسمح بتعديل قواعد الإشتباك في بداية الحرب عندما كان جيش الإحتلال في ذروة قوته، فكيف في نهايتها وهو يجرجر ذيول الخيبة والهزائم؟.