مراوحة في القضاء بملف انفجار المرفأ.. هذا ما كشفه نون!
2023 على عتبة الانتهاء مؤذِنة بمرور ثلاث سنوات واربعة اشهر على انفجار مرفأ بيروت وملف هذه القضية لا يزال مجمداً بحكم استمرار العقبات القانونية المثارة امام القضاء من مدّعى عليهم سياسيين، وما استتبعها لاحقا من ترك جميع الموقوفين في هذه القضية، مرورا بالعقبات السياسية ايضا التي حالت دون استكمال العضوية في الهيئة العامة لمحكمة التمييز وعدم موافقة رئيسي غرفتين لمحكمة التمييز على المشاركة في هذه العضوية لعدم تعيينهما اصيلين في مركزيهما، وكذلك رفض اعضاء اصيلين فيهم عضوية قضاة منتدبين في الهيئة الأصيلة التي استقر عددهم فيها على ثلاثة قضاة فحسب مع الرئيس الاول لمحكمة التمييز القاضي سهيل عبود، فيما الأفق السياسي للافراج عن انتظام عمل المؤسسات في الدولة بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة والافراج عن مرسوم تشكيلات قضائية عامة والانتهاء من مسألة الانتدابات والتكليف الجارية في قصر العدل بحكم تقاعد قضاة لايزال مسدوداً. والتعقيدات القانونية أيضا لا تزال تحول دون بتّ الادعاء على قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار في ملف المرفأ بجرم اغتصاب سلطة رغم تعيين رئيس مجلس القضاء الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف في بيروت القاضي حبيب رزق الله لهذه الغاية لعدم تعيين مجلس القضاء الاعلى هيئة اتهامية من ثلاثة قضاة لخلاف على تسمية رئيس هذه الهيئة.
وبين هذه العقبات القانونية المختلفة الاوجه يمكن التوقف عند قرار مجلس شورى الدولة الذي حصر مهمة تبليغ المدعى عليهم في ملف المرفأ من طريق المباشرين في قصر العدل وليس بواسطة الضابطة العدلية. ودفع هذا القرار بحفنة من الامل في نفوس ذوي ضحايا المرفأ الذين يتمسكون بمتابعة هذه القضية حتى الوصول الى النهاية وطمأنة نفوس الضحايا الذين بكّروا الى المثوى راقدين بفعل كارثة المرفأ.
“لن يصيبنا اليأس من متابعة قضية ضحايا المرفأ رغم البطء والتأخير القضائيين لاستئناف السير بالملف”، يقول وليم نون شقيق الشهيد جو نون، “لذا أصررنا على القضاء للاسراع بعمله الذي يستغرق وقتا اكثر من اللازم وبتّ القاضي رزق الله الملف العالق امامه. وقد اوصلنا له هذه الرسالة خلال الوقفة التي نفّذها ذوو الضحايا امام قصر العدل لانتفاء سبب عدم الفصل به واصدار قراره ايا يكن سلبا او ايجابا بعد مرور ثمانية أشهر على تكليفه هذه المهمة، لنرى بعدها المسار القانوني وكيفية استكماله”. واضاف: “لقد تواصلنا مع مراجع قانونية ودستورية رأت عدم الحاجة لإحداث هيئة إتهامية ويعود للقاضي رزق الله اصدار قراره. وفي كل الاحوال على القضاء القيام بواجبه”.
ويأخذ نون على مجلس النواب عدم بتّه اقتراح قانون تقدم به مكتب الادعاء في نقابة محامي بيروت والنائب زياد حواط، مؤدّاه إمكان متابعة المحقق العدلي في ملف المرفأ عمله لحين بت القضاء طلبات رده ودعاوى المخاصمة. ولم يتم وضع هذا الاقتراح على جدول الهيئة العامة إلا برضى رئيس مجلس النواب نبيه بري. ومن وجهة نظر نون ان الحل القضائي اهون واسرع . وتوقف عند ما تضمّنه البيان الاخير لذوي الضحايا لجهة مشروع القانون المعجل المكرر المقدَّم من تكتل “لبنان القوي” راموا فيه الى ان يكون الموظفون المدعى عليهم في تصرف رئيسهم التسلسلي او المرجع المختص، وعدم فصل قضية المرفأ عن باقي قضايا الفساد.
واعتبر نون ان بعض المُخلى سبيلهم من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات في ملف المرفأ من موظفين مسؤولين يسعون الى تقديم مراجعات امام القضاء يطلبون فيها العودة الى عملهم وهم لوحقوا بملف كبير وبهذا الحجم، الامر غير المنطقي. وتحدث عن مناقشة ذوي الضحايا هذه الناحية “وقرَّ الرأي على القيام بتحرك في مركز عمل هؤلاء المسؤولين انطلاقا من حقنا الطبيعي في ذلك لمواجهة هذه الطلبات في حال الموافقة على عودتهم الى عملهم”، واستطرد ان “تخليتهم غير قانونية وإلا لكان القاضي البيطار شملهم مع الموقوفين الخمسة الذين وافق على تخليتهم في الفترة ذاتها، وجلّهم يعملون في مجال التلحيم، وربما كان المحقق العدلي سيقضي لاحقا بتخلية هؤلاء الموظفين، ما لم يحصل بعد توقف التحقيق”. ويقوم مسار دعاوى اهل الضحايا امام القضاء على أن الامور تأخذ طريقها وتتطلب الوقت، منوها بمؤازرة المنظمات الحقوقية المحلية والدولية في تحركهم في اتجاه مجلس الامن في الامم المتحدة بغرض انشاء لجنة تقصّي حقائق، “وإنْ تأثر هذا التحرك بالحرب على غزة” .
كما نوّه نون بقرار مجلس شورى الدولة الذي صدر قبل اسبوعين و”جاء لصالحنا كأمور اخرى ولو ببطء”. واذ عبّر بغصّة عن الوقفة الشهرية لذوي الضحايا قرب الموقع في المرفأ حيث استشهدوا واضاءة الشموع لأرواحهم وللقول لهم في كل رابع من الشهر اننا سنتابع مسارنا حتى صدور القرار الاتهامي في قضية المرفأ، والذي سيكون على مقدار طموح كل اللبنانيين وإلا لما كانت محاربته”.
عندما توقف التحقيق في ملف المرفأ مرة رابعة في كانون الثاني الماضي بعد استئنافه من القاضي البيطار كانت المعطيات تشير الى انه قطع شوطا بعيدا فيها وبات على مسافة قريبة من اصدار قراره الاتهامي، وآل الادعاء بحقه الى وقف التحقيق عند النقطة المتقدمة التي وصل اليها في متنه ما حال دون استكماله وصدوره. ويُفترض في منطق التحقيق ان يكون ما وصل اليه قد أجاب عن اسئلة اساسية ورئيسية عن هذا الانفجار لتشكل عناصر الملف التي يرتكز عليها.
كلوديت سركيس – النهار