خاصّ – “حماس” تربح الجولة و”إسرائيل” أمام مأزقٍ خطير.. ماذا بعد الهدنة؟
خاصّ Topskynews
لم يكُن المشهد الميداني والإعلامي والتفاوضي في غزة بعد 48 يوماً من الحرب الإسرائيلية التدميرية على غزة، على الصورة التي رسمتها حكومة الإحتلال الإسرائيلي والإدارة الأميركية، بل كان ثقيل الوطأة على حكومة “الحرب” ومرعباً للجبهة الداخلية الإسرائيلية، ووضع واشنطن في مأزق كبير يدفعها للسعي لتمديد الهدنة ووقف الحرب لكي لا تتوسع وتتدحرج إلى حربٍ إقليمية لا تريدها إدارة الرئيس جو بايدن قبيل أشهر قليلة من الإنتخابات الأميركية…
بعد شهر ونصف من التدمير والمعارك العسكرية العنيفة بين قوات الإحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، رضخت “إسرائيل” للهدنة ووقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.. هذه المطالب رفعتها منذ بداية الحرب حركة حماس التي كانت تفاوض باسم جميع حركات المقاومة في فلسطين.. فيما كانت “حكومة الحرب” بقيادة بنيمين نتانياهو تضع سقفاً عالياً من الشروط: سحق حركة حماس وإخراجها من غزة وتهجير سكان شمال القطاع إلى جنوبه لترحيلهم الى سيناء، استعادة الرهائن والأسرى بالقوة العسكرية من دون تفاوض ولا قيد أو شرط، وقف إطلاق الصواريخ من غزة على المستعمرات الإسرائيلية.. لكن “إسرائيل” لم تستطع تنفيذ هذه الأهداف التي تمكنت حماس من إسقاطها وإرغام “الكابينت الحربي” على وقف النار والتبادل وإدخال قوافل المساعدات الى غزة.
بموازاة الحرب العسكرية التي خاضتها حركة حماس بنجاح باهر وفق الخبراء العسكريين وما أظهرته المشاهد المصورة والتي فرضت على “إسرائيل” التراجع والإنكفاء والقبول بالهدنة وبشروط حماس، خاضت “الحركة” حربها التفاوضية والإعلامية والنفسية بذكاء وكفاءة كبيرين، إذ أن حماس فرضت على “إسرائيل” الهدنة وتفاصيلها لاسيما معادلة “1 من الرهان مقابل 3 من الأسرى الفلسطينيين”، كما أن ظهور مقاتلي “الحركة” بكثافة وبلباسهم وعتادهم العسكري المتكامل في أحياء غزة خلال عملية تبادل الأسرى وعلى مقربة من قوات الإحتلال وتحت مرمى ومرأى الأقمار الصناعية وأبراج المراقبة والتنصب الجوية والبرية وأجهزة الإستخبارات، شكل ضربة قاتلة لـ”حكومة الحرب” وقيادة جيش الإحتلال الذين ادعوا بأن الجيش الإسرائيلي سيطر على غزة، ما دفع بالإعلام الإسرائيلي وقادة كبار في “إسرائيل” للإعتراف بأن “يحيي السنوار هزم إسرائيل”.
تواجه “حكومة الحرب” مأزق وإشكالات كبيرة بعد الهدنة:
*عودة الجيش إلى جولة جديدة من الحرب في الميدان في ظل الزخم الذي فقده وتراجع القدرة القتالية والروح المعنوية بعد مشهد الهدنة القائمة، وبعدما انكشف حجم الخسائر البشرية والمادية لدى جيش الإحتلال وفي المستوطنات والإحراج الأميركي لجهة استمرار الحرب أمام التحول في الرأي العام الأميركي والعالمي وكذلك الرأي العام العربي والإسلامي.
*الفشل باستعادة الأمن لمنطقة جنوب غزة وشمال فلسطين المحتلة على الحدود مع لبنان، في ظل رفض المستوطنين في كلا المنطقتين العودة طالما أن حركة حماس وحزب الله بهذه القوى على جانبي الحدود.
*معالجة الإنقسام السياسي داخل الحكومة الإسرائيلية بين الجناح المتطرف الذي يهدد بالإستقالة من الحكومة بحال أوقف نتانياهو الحرب، وبين المستوى العسكري والأمني الذي يهدد بمعظمه برفض الإستمرار في القتال في ظل انعدام الرؤية السياسية والأمنية للحكومة وغياب الأهداف العسكرية الواضحة.
*حرب غزة وتداعياتها الكارثية على “إسرائيل” وضعت مصير نتانياهو على المحك، ومن الفرضيات التي تخضع للدراسة الأميركية، فرط عقد حكومة نتنياهو ما يفتح الباب لانتخابات مبكرة، ربما تريدها واشنطن للتخلص من نتنياهو وحلفائه في اليمين المتطرف والمجيء بحكومة تكون جاهزة لخيارات التسوية السياسية، وتنقل صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن نتنياهو توجّسه من شيء ما يجري في حزبه الليكود، حيث يتحدّث عن مساعٍ لإزاحته ومؤامرات لاستبداله، والتداول بأسماء يجري التصويت على انتخاب أحدها رئيساً بديلاً لحزب الليكود.
ماذا بعد الهدنة؟
لا شك أن “إسرائيل” لا تستطيع إيقاف الحرب الآن لأنها بذلك تعلن رسمياً ومبكراً هزيمتها الكبرى، وبالتالي بداية نهاية “كيانها” ودولتها المزعومة، لكن الإستمرار في الحرب خيار محفوف بالمخاطر وقد يؤدي الى تلقيها ضربة أقوى لا تحتملها، لكن القيادة العسكرية الأميركية والمستشارين العسكريين في “البيت الأبيض” يقرأون المشهد الغزاوي والوضع في المنطقة الذي وقف على مشارف الحرب الكبرى التي تُشعل بنارها إن اشتعلت، المصالح والوجود الأميركي في المنطقة وربما تجرف بطريقها الكيان الإسرائيلي، لذلك تسعى واشنطن الى احتواء الجموح الإسرائيلي وإنزال نتانياهو عن الشجرة تدريجياً والحد من تكاليف نتائج الحرب على الكيان وعلى الأميركيين، والحل المتوفر هو الهدن المتكررة وجولات قتالية لا تتعدى “الإشغال” وإن طالت.
ونقلت صـحـيـفـة واشـنـطـن بـوسـت عـن مـصـادر مـطـلـعـة أن مدير CIA وليم بيرنز وصل إلى قطر اليوم لعقد اجتماعات للتوصل لصفقة موسعة بين “إسرائيل” وحماس. كاشفة أن بيرنز يضغط على حماس و”إسرائيل” لتوسيع مفاوضاتهما بشأن الرهائن لتشمل الإفراج عن الرجال والعسكريين.
ويبحث بيرنز وفق الصحيفة بالدوحة مع مسؤولين قطريين وإسرائيليين استمرار إطلاق سراح الرهائن وجوانب أخرى من الصراع في غزة.
هل توافق “إسرائيل”؟
يشير خبراء إلى أن نتانياهو لن يستطع القفز فوق الإرادة الأميركية التي تدير الحرب في غزة منذ 7 تشرين الأول الماضي، وقد يوافق على تمديد الهدنة، ويصور أن حقق إنجازاً باستعادة الأسرى كونه أحد الأهداف التي وضعها لحربه على غزة، وهذا يكون مبرراً للرأي العام الإسرائيلي للقبول بالهدن والوقف المتقطع لإطلاق النار.
وفي سياق ذلك، كشفت قـنـاة “كـان” الـعـبـريـة أن “الكابينت” يناقش اليوم مصير الهدنة بعد تمديدها ليومين إضافيين، علمًا بأن أقصى مدة إجمالية لتمديد الهدنة هي عشرة أيام وفقًا للتفاهم المبرم مع حماس.