اهم الاخبارمحليات

هدوء نصرالله يُخفِي “العاصفة”.. الرهان على الوقت والميدان

خاصّ Topskynews

وإن طبَعت اللُغة الهادئة خطاب السيد حسن نصرالله، لكنها أخّفَت في طياتها عاصفة التصعيد المقبلة التي لاحت مؤشراتها اليوم بتسخين كافة جبهات محور المقاومة، وتضمنت رسائل ومعادلات اختُصِرت بجملة واحدة: “الميدان يتكلّم”.

في قراءة تحليلية لخطاب الأمين العام لحزب الله، يظهر الإرتياح الذي طغى على تعابير وجهه وخطابه المتأتي من الثقة بالوقائع والمعطيات الآتية من الميدان الفلسطيني والغزاوي تحديداً والتي ترجح الكفة للمقاومة الفلسطينية بتكبيد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة اختصرتها صحيفة “يديعوت أحرونوت” بجملة: “جثث القتلى الإسرائيليين تملأ شوارع غزة”.   

وإن اعتاد المتابعون لخطابات نصرالله على نبرة الصوت المرتفعة والتهديدات العالية السقف والمعادلات النوعية، لكن السيد اختار هذه المرة سلاحاً آخر أشد إيلاماً.. هو السلاح نفسه الذي يستخدمه الإسرائيلي في المعركة الإعلامية والنفسية ومعركة كيّ العقول والإرادات. فجرائم الإبادة المبرمجة والممنهجة على الفلسطينيين ليست خطأ أو انتقاماً على عملية 7 تشرين فحسب، بل هي رسالة للبنان وسوريا ولكل الدول العربية التي تفكر بالإنخراط في الحرب ضد “إسرائيل”، بأنها ستلقى المصير نفسه الذي تلقاه غزة، وما تهديد وزير الحرب الإسرائيلي بعد خطاب نصرالله بتدمير بيروت إلا الدليل على ذلك..

كما تهدف حرب الإبادة الإسرائيلية لغزة الى تيئِيس الفلسطينيين واللبنانيين الذين يؤمنون بخيار المقاومة للدفاع والردع واستعادة الحقوق، وتدفيعهم ثمناً حده الأدنى ما يحصل في غزة.. لكن “السيد” شن حرباً مضادة لتيئيس الإسرائيلي والتشكيك بصوابية هدفه وخياره في إطار صراع الإرادات، بأن جرائمه الدموية لن تؤدي الى إركاع وإخضاع الشعب الفلسطيني ولا إخافة اللبنانيين وثني حزب الله عن إشعال الجبهة الجنوبية، واستخرج نصرالله شواهد من تاريخ الحرب بين المقاومات وكيان الإحتلال، ليزرع الشك في عقل كيان الإحتلال بأن “الجرائم الإسرائيلية في فلسطين منذ 1948 لم توقف العمل المقاوم بل تعاظم وصولًا إلى ما أنجزه المقاومون في كتائب القسام في 7 تشرين الأول”. كما أن المجازر ضد اللبنانيين لم تحول دون تراكم إنجازات المقاومة في العام 1982 وصولاً للتحرير عام 2000 مستحضراً عملية تفجير المقر الحاكم الإسرائيلي العسكري في صور ليُنعش ذاكرة الرؤوس الحامية في “إسرائيل”. وهذا سيُساهم بدفع “إسرائيل” للتراجع عن تنفيذ هدفها بعد يأسها.

بعدما عاين السيد الجبهات المنخرطة في الحرب من اليمن الى العراق وسوريا وجنوب لبنان، ركز على ثلاثة أمور أساسية ستكون حاسمة في مسار الحرب:

*التركيز على الإدارة الأميركية التي تدير الحرب على غزة، ووجوب تشديد الاستهداف الناري ضد القواعد والمصالح الأميركية في العراق وسوريا، ومخاطبة واشنطن بأنه إذا أرادت توقف ضرب قواعدها فعليها وقف العدوان على غزة، وهذا رد واضح على الرسائل الأميركية المتتالية لإيران ولحزب الله للضغط على المقاومة العراقية لوقف هذه الضربات.. وفي التفسير الميداني لكلام نصرالله فإن المقاومة العراقية سترفع من وتيرة عملياتها ضد الأميركيين في المنطقة.

يعلن نصرالله عن جبهة جديدة حقيقية انخرطت في الحرب بقوة وهي الجبهة اليمنية التي تشكل ضغطاً كبيراً على كيان “إسرائيل” لا سيما في “إيلات” وما تمثله من ثقل اقتصادي وتجاري وخاصرة استراتيجية إسرائيلية.  

وأزال نصرالله الإلتباس الذي أثاره بعض أعداء المقاومة وخصومها حول موقف سوريا ومدى انخراطها في الجبهة، كاشفاً أن “المسيّرة التي وصلت إلى “إيلات” وأثارت الرعب هناك ضاعت “إسرائيل” في تشخيص الجهة التي انطلقت منها ووصلت في نهاية المطاف إلى اتهام إحدى تشكيلات حزب الله واستهدفت سورية وسقط لنا شهداء هناك”، ما يعني أن الجبهة السورية إحدى الجبهات الأساسية لمحور المقاومة وفق مقتضيات المصلحة وتطورها مرتبطة بمجريات الوضع الميداني في غزة.

وبطبيعة الحال أكد نصرالله على الإستمرار بإشغال الجبهة الجنوبية والرفع التدريجي لوتيرة النار ربطاً بالوضع في غزة، وكشف بعض الأسلحة النوعية المستخدمة وتوسيع نطاق قواعد الإشتباك والعمليات.

يُعلّق نصرالله على جملة من الرهانات وعوامل الضغط السياسية والإعلامية والعسكرية ستكون كافية لإجبار إدارة الرئيس جو بايدن وحكومة الحرب في “إسرائيل” على التراجع ووقف الحرب مع تجنب اشتعال الحرب في المنطقة:

*تطور الميدان الفلسطيني في غزة والضفة باتجاه المزيد من استنزاف جيش الإحتلال.

*عامل الوقت القاتل لحكومة نتانياهو بسبب الرأي العام والجبهة الداخلية في “إسرائيل”.

*إحراج الإدارة الأميركية أمام الرأي العام الأميركي والعالمي وظهر ذلك في التحول في موقف الرئيس الفرنسي.

*غليان الشارع العربي والإسلامي الضاغط على الأنظمة العربية الحليفة لواشنطن و”تلأبيب”.

*الضغط العسكري المتأتي من تكاثر الجبهات على “إسرائيل”.

 *تهديد المصالح الأميركية الحيوية في المنطقة.

هذه العوامل ستؤدي الى تغليب خيار وقف الحرب الإسرائيلية تدريجياً وإنزال نتانياهو عن الشجرة، وبحال لم تتوقف الحرب، فإن اشتعال المنطقة سيصبح أمراً لا مفرّ منه كما حذر وزير الخارجية الإيراني منذ أيام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى