عن توتر العلاقة بين فرنسا وايران… أمن اسرائيل خط أحمر
كتب يولا هاشم في “المركزية”:
خلّفَ طرح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون فكرة تشكيل تحالف دولي لمكافحة الإرهاب ضد حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، انتقادا واسعا واستياء عارما من قبل ايران، وقوبل كلامه بهجوم عنيف، حيث أكد عضو لجنة الأمن القومي والسياسية الخارجية في البرلمان الإيراني، فدا حسین مالکي، ان “في حال شكل الغرب تحالفا ضد حماس، أو أرادوا الاستمرار بجرائمهم بحق أهالي غزة أو دخولها بريا، فمن المؤكد أننا سوف نشهد فتح جبهات جديدة ضد إسرائيل وتشكيل تحالف مضاد لن يشمل إيران والسعودية فقط، بل سيشمل دولا إسلامية قوية في المنطقة، كباكستان ومصر وتركيا”. وأضاف أن “اضطرابات الرئيس الفرنسي ظهرت بوضوح في القضايا الدولية منذ فترة طويلة وهو عادة ما يتبع هواه في سياسته في الساحة الدولية، وذلك طبيعي إذا ما أخذنا بالاعتبار المشاكل التي يعاني منها هو كرئيس في الداخل الفرنسي”.
وكان ماكرون قد حذّر مع بداية عملية “طوفان الأقصى”، نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، في اتصال هاتفي، من “أي تصعيد أو توسيع للنزاع بين إسرائيل وحركة “حماس”، خصوصاً في لبنان”، وذكّر “بضرورة أن يدين الجميع، بشكل صريح، هجمات “حماس” الإرهابية في إسرائيل”، و”حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وكذلك القضاء على الجماعات الإرهابية التي ضربت سكانها”، معتبراً أن “إيران، نظرا لعلاقاتها مع حزب الله و”حماس”، تتحمل مسؤولية”، مشدداً على “وجوب أن تفعل كل ما في وسعها لتجنب أي تصعيد إقليمي”.
مما لا شك فيه ان التوتر يتسيّد العلاقة بين طهران وباريس. فالى اين تتجه وما هي تداعياتها؟
العميد المتقاعد يعرب صخر يؤكد لـ”المركزية” ان “لفهم ما يحصل، علينا بداية ان نشير إلى ان الولايات المتحدة عندما تحضر إلى الشرق الأوسط، تستلم الإمرة السياسية وحتى العسكرية، وما نشهده ميدانياً برياً وبحرياً وجوياً يدلّ الى ذلك. وفي كل القضايا التي تتعلّق بالشرق الأوسط، تنجرّ الدول خاصة الاوروبية، خلف واشنطن. وكما تقود الولايات المتحدة، تسير هذه الدول، أكان فرنسا ام بريطانيا ام غيرهما. خصوصاً بريطانيا”.
ويشير صخر الى ان “فرنسا عادة، ما قبل ماكرون، كانت تحافظ على خصوصية معينة في الشرق الاوسط بما فيه لبنان، وتُرتِّب المخارج، وأتحدث عن فرنسا في عهد الرئيس جاك شيراك وما قبله، لكن فرنسا ماكرون تتحكم فيها الشركات العملاقة العابرة للقارات، إذ ان شركات السلاح والطاقة والصناعات الضخمة، في عصر العولمة، باتت تتحكم في صناعة قرار الدول الفاعلة. هناك عقود بمليارات الدولارات بين فرنسا وايران ومنها عقد بـ90 طائرة ايرباص، كما ان سيارات “بيجو” و”سيتروان” و”رينو” تصنّع في طهران، وشركة النفط “توتال” الفرنسية أيضاً تنقِّب في طهران، وهذه مصالح اقتصادية ضخمة ما بين فرنسا وايران”.
ويؤكد صخر ان “ما قبل عملية غزة، أو ما قبل استلام الولايات المتحدة للإمرَة في الشرق الأوسط، كانت الحال في وئام تام ما بين فرنسا وايران وأزلام وأذرع ايران. إنما بعد الحضور الأميركي تغير كل شيء. تنتهي هذه المصالح، وتحلّ محلها اعتبارات اصطفافية واحدة تقودها واشنطن، والسبب أن أمن اسرائيل على المحك. العقيدة الثابتة الأميركية والغربية هي أمن اسرائيل. كل شيء متغيّر إلا أمن اسرائيل هو الثابت”.
ويختم: “عملية غزة أظهرت لواشنطن والدول الغربية إمكانية انفلات الأمور من يد اسرائيل وخلق حالة من التشنج والرعب، فانبرت الولايات المتحدة والغرب لإنقاذ اسرائيل. كي نفسّر كيف تغيّر الموقف الفرنسي مما قبل “طوفان الأقصى” إلى ما بعده، علينا أن نفهم كيف كان الوضع قبل حرب غزة وكيف أصبح بعد ذلك، حتى نتمكن من استشراف ما بعد غزة”.