دور محوري لقطر في حرب غزة… هل يجنب المنطقة الانفجار؟
كتبت يولا هاشم في “المركزية”:
تبذل قطر مساعي حثيثة لوقف إطلاق النار في غزة، ومنع تمدد الصراع إلى سائر دول المنطقة، إلى جانب دورها في الإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم حركة “حماس”. في هذا الإطار، اتصل وزير الخارجية أنتوني بلينكن برئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مجدداً شكره لقطر على عملها الرامي إلى ضمان خروج المواطنين الأميركيين والأجانب من غزة والإفراج عن الرهائن، بمن فيهم رهينتان أميركيتان، وجهودها المتواصلة لتجنب اتساع رقعة الصراع. الأمر الذي حظي أيضاً بإشادة من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي نوّه بالدور “المهم جدا” لقطر في إطلاق سراح رهينتين أميركيتين، مبديا ثقته بالإفراج عن مزيد من الرهائن.
الى ذلك، ذكر موقع “أكسيوس” أن مدير الموساد، ديفيد برنيع، زار قطر خلال عطلة نهاية الأسبوع، وناقش مع كبار المسؤولين القطريين مساعيهم لإطلاق سراح أكثر من 235 مواطنًا إسرائيليًا وأجنبيًا احتجزتهم “حماس”.
واليوم، حطّ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في قطر قبل أن يتوجه إلى تركيا، في زيارة هي الثانية له الى الدوحة منذ بدء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة وذلك في إطار الجهود الدبلوماسية المبذولة لوقف الحرب الدموية.
لبنانياً أيضاً، افتتح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، جولة عربية يفترض أن تشمل لاحقاً مصر، والأردن، والكويت سعيا لتجنيب لبنان تداعيات التصعيد، بزيارة إلى قطر. فلماذا هذا التعويل العربي والدولي على الوساطة القطرية وما هو الدور المحوري الذي تلعبه الدوحة في حرب غزة؟
مدير معهد المشرق للدراسات الاستراتيجية الدكتور سامي نادر يؤكد لـ”المركزية” ان قطر هي الدولة العربية الوحيدة التي لديها قنوات اتصال مفتوحة مع “حماس”. هذا بشكل اولي، بغض النظر عن مسألة سوريا وعلاقتها المأزومة مع بعض الدول على المستوى الدبلوماسي. كما أنها لعبت دوراً في المرحلة الأخيرة في التوصّل إلى بعض الحلول في مسألة تخفيض التوتر بين “حماس” واسرائيل في السنتين الأخيرتين، في فترة ما قبل اندلاع “عدوان الأقصى”. وتوصّلت إلى تفاهم بالسماح للعمال داخل غزّة بالعمل داخل إسرائيل، فتم تأمين نحو 17 ألف رخصة عمل، وتقديم مساعدات للسلطة المدنية في “حماس” تصل إلى ما يقارب الـ20 مليون دولار أميركي شهرياً. بالإضافة إلى أن قطر، بعيداً عن “حماس”، برز دورها الفاعل أيضاً في التوصّل إلى تسويات لأزمات في المنطقة، كأزمة لبنان، حيث لعبت دوراً أساسياً عام 2009 في وصول الرئيس ميشال سليمان. وبالتالي، لقطر حضور دبلوماسي في حلّ الأزمات، واليوم تلعب دوراً محورياً في فلسطين واسرائيل تحديداً في قضية الإفراج عن الرهائن، لا سيما وأنها تعرّضت لانتقادات، حول ما إذا كانت تعلم بعملية “طوفان الأقصى”، خاصة وأنها تأوي رئيس حماس وهذا ما يُرتِّب عليها مسؤولية بعد 7 اكتوبر، من وجهة القانون الدولي والدبلوماسية الدولية، وما يدفعها إلى تزخيم دورها الايجابي بموضوع السعي إلى التوصّل إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن”.
ويضيف نادر: “وزيارة ميقاتي الى قطر هي لتمرير رسالة إلى “حماس” لعدم توسيع الجبهة باتجاه الأراضي اللبنانية، وهذا ما أعتقد أنه محور الرسالة التي حملها رئيس الحكومة، خاصة وأن ميقاتي لا يستطيع لقاء “حماس” بشكل مباشر، لكن في المقابل يمكنه لقاء الوسيط القطري. وهذه من الرسائل التي تم تبليغها، خاصة في ظل الكلفة الكبيرة التي سيتكبدها لبنان في حال امتداد الحرب إليه”.
و يعتبر نادر “أن الحرب ستطول في غزة لأن العملية البرية الاسرائيلية ستكون طويلة، بسبب القيود التي تواجهها اسرائيل وتقيد حركتها، وأهمها ان عملية برية سريعة إذا كانت ممكنة ستكون مكلفة جدا بشرياً، وهناك شبكة أنفاق تحت الأرض تجعلها صعبة جدا، إلى جانب مسألة الرهائن، كما أنها تريد ايضاً مراعاة حلفائها لا سيما الولايات المتحدة والتي بدورها تواجه همّين، الاول الرأي العام والثاني أن هذه الحرب في حال توسعت تدخلها في حرب اقليمية قد تتحول الى حرب عالمية. ورأينا انها عاشت نوعا من العزلة الدولية حيث ان هذه الأزمة انقلبت عليها وانعكس ذلك في التصويت في الجمعية العامة للامم المتحدة الأسبوع الماضي، التي تُخرِج من حسابها لتضع في حساب الصين وروسيا المرتاحتين لتخبط الولايات المتحدة في وحول الشرق الاوسط ولعزلتها الدبلوماسية ولسياسة الكيل بمكيالين، وتسجلان نقاطا بشكل غير مباشر. وبالتالي فإن واشنطن حريصة على ألا يتمادى هذا الأمر ، لذلك تقوم بالضغط على اسرائيل التي بدورها لا بدّ وأن تراعي الطلب الاميركي من دون أن تضحي بأمنها. لذلك ولمجمل هذه الاسباب ومنها الكلفة العالية لعملية سريعة ومراعاة الشريك الاميركي وردات الفعل، ستسعى الى عملية قضم متدرجة. ولهذا تحضّر اسرائيل الرأي العام أنها أمام حرب طويلة”.
ولكن ماذا عن تجنيب المنطقة الانجرار الى الصراع، يقول نادر: “إذا كانت اسرائيل تريد تجنيب المنطقة، علينا ان نرى في المقابل الطرف الآخر ما إذا كان سيستجيب، فهو لديه مصالح، وفي حال رأى ان الامور تنعكس ضد حماس وسيخسر الاستثمار الامني والسياسي والعسكري، فهو سيضطر الى فتح جبهة ثانية…. نحن بانتظار التطورات”.