لبنان على شفير التداعيات اللاهبة للعملية الصاعقة
لعلها المرة الأولى الأكثر جدية منذ حرب تموز 2006 يقف فيها لبنان، انطلاقا من حدوده الجنوبية، امام خطر التورط في اتساع الحرب الناشئة بين غزة وإسرائيل ، ولو ان هذا الاحتمال لم ينتقل بعد من حيز التحسب والتخوف الى حيز الانزلاق الفعلي وفقاً ل”النهار”. اذ ان لبنان وقف منذ شيوع الانباء المدوية الأولى عن عملية “طوفان الأقصى” الخارقة التي حققت عبرها حركة “حماس” تطورا غير مسبوق منذ خمسين عاما في اختراق وهز المنظومة الدفاعية والأمنية والاستخباراتية لإسرائيل، امام معادلة بالغة الدقة وجهها الأول يتمثل بتضامن لبناني واسع لا يمكن تجاهله مع الفلسطينيين بدافع من الأسباب الموضوعية لهذه العملية ولو اختلفت الاتجاهات الداخلية اللبنانية في شأن تقويم كل ظروفها والنظرة الى النتائج النهائية التي يمكن ان تسفر عنها الحرب التي استعرت امس والتي يمكن القول انها ستكون على جانب شديد الخطورة ربما يتسبب باشتعال إقليمي واسع. واما وجهها الثاني فتركز على رصد ما قام به “حزب الله” مبكرا في قصفه للمواقع الإسرائيلية في مزارع شبعا وقراءة هذا السلوك الميداني للبناء عليه في ما يمكن ان يذهب اليه الحزب وهل وضع او لم يضع خطوطا حمراء لامكان تسبب انضمامه الى دعم شريكته الفلسطينية “حماس” من الجنوب في توريط لبنان بما لا يحسب من تداعيات مدمرة على كل الصعد. والحال ان الساعات الثماني والأربعين الماضية لن تكفي وحدها للاستشراف الجازم بما يمكن ان يصيب او لا يصيب لبنان لان مجريات الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس لا يزال يغلفها غموض كثيف وسط مسار حتمي لا مجال لمناقشته هو مضي الحرب نحو فصول بالغة العنف والخطورة والاتساع. ولكن حصر “حزب الله” استهدافه الصاروخي امس بالمواقع الإسرائيلية في مزارع شبعا شكل رسالة موحية يمكن الاتكاء عليها للاستشراف بان شبح التورط الكبير لا يزال مستبعدا وان الحزب يعتمد ردا مدروسا يأخذ فيه في الاعتبار حتما واقع لبنان وظروفه، اقله حتى اللحظة وما لم “تنفجر” مفاجات ميدانية جديدة ليست في الحسبان. اما على مستوى رصد المشهد السياسي الداخلي بعد المفاجأة الصاعقة التي اذهلت اللبنانيين كما كل العالم جراء المجريات الحربية الجارية منذ صباح السبت فبدا واضحا ان التهيب طغى عليه ولو تصاعدت معالم “الابتهاج” لدى فئات سياسية وشعبية بالاختراق الضخم الذي حققته “حماس” بما يعكس النسبة العالية من التريث والانتظار ورصد كل الاحتمالات التي يمكن ان تلفح لبنان بقوة جراء هذا الحدث الاستثنائي المباغت بكل المعايير الفلسطينية والإسرائيلية والإقليمية والدولية.