أيا يكن مصير المبادرتين الفرنسية والقطرية: من يقنع حزب الله باستحالة خياراته؟!
بانتظار أن يحدد موعد زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الرابعة الى بيروت، وما يمكن أن يحمله من جديد. ومعرفة ما انتهت اليه جولة الموفد القطري السري جاسم بن فهد آل ثاني والتي ما زالت محصورة بينه وزواره، سيبقى اللبنانيون رهن مجموعة من السيناريوهات الغامضة والمتناقضة الى تلك اللحظة التي يضطر فيها أي من الطرفين الى الكشف عن خططه المستقبلية ومدى قدرة أي منهما على تطوير مبادرته في الاتجاه الإيجابي.
فقد بات واضحا ان الإستحقاق الرئاسي الذي ما زال معلقا على الفرز العمودي بين اللبنانيين الذي تترجمه المعادلة النيابية السلبية في ظل عجز اي وسيط داخلي او خارجي عن تعديله او احداث اي خرق ايجابي فيه منذ الجلسة الثانية عشرة التي كانت مخصصة لانتخاب الرئيس في 14 حزيران الماضي، لصالح الوصول الى انهاء مرحلة خلو سدة الرئاسة من شاغلها وقد اقتربت من نهاية سنتها الاولى نهاية الشهر الجاري.
واستنادا الى ما تقدم من التوقعات، قالت مصادر ديبلوماسية وسياسية لـ “المركزية” ان عليها ان تقرأ الحاجة الى ايام قليلة لمعرفة ما قد تحمله من تفاصيل تتصل بما انتهت اليه الاجتماعات التي تلت “لقاء نيويورك الثالث” للخماسية الدولية من اجل لبنان والتفاهمات الجديدة ان وجدت، والتي ستتحكم بكل ما هو متوقع من تحركات ومواقف في المرحلة المقبلة وخصوصا على مستوى المبادرتين الفرنسية والقطرية اللتين انبثقتا من لقائي باريس والدوحة قبل اللقاء التقويمي الثالث في نيويورك وما يمكن ان يعكسه من تغييرات محتملة على الساحة الداخلية اللبنانية.
وفي اعتقاد هذه المصادر، ان هناك قناعة بدأت تترسخ يوما بعد يوم ان ما على الساحة الداخلية من عقد وعقبات لا يمكن فكها او حلها بهذه السهولة للانتقال الى مرحلة أخرى متقدمة باتجاه امرار الاستحقاق الرئاسي. وإن بقيت المبادرة الفرنسية او القطرية التي تظللها الخماسية الدولية على مستواها الحالي دون الإنتقال من مرحلة المواصفات التي حددتها الى الغوص في الأسماء المقترحة طالما ان “الخيار الثالث” لم يعد امرا مكتوما ومن ضمن الكواليس السياسية والديبلوماسية وان المسألة قد تطورت باتجاه اقتراح الأسماء.
ومن ضمن هذه القناعة – تضيف المصادر – فإن استمرت المناقشات قائمة ومحصورة بين اطرافها الخمسة، لن تأتي باي نتيجة إيجابية. وهي ترى ان المطلوب هو التوسع باتجاه أطراف مؤثرة أخرى ومنها طهران أو اي قناة أخرى يمكن ان تخفف من تصلب “الثنائي الشيعي” وتحديدا “حزب الله” مما هو مطروح. وهي خطوة ملحة ومطلوبة ذلك ان تخلي الموفد الفرنسي عن اقتراحاته السابقة مطلقا السباق باتجاه الخيار الثالث بعد لقاء نيويورك اغضب فريق الممانعة، ولم يعدل في موقف المعارضة في ظل الجمود الحاصل طالما ان الحوار القائم داخليا ما زال بين أبناء الصف الواحد، على مستوى المعارضة على تنوعها من جهة وفريق الممانعة من جهة أخرى.
وما زاد في الطين بلة، أن تعطل اي مسعى للحوار داخلي بعد فشل الخطوات التي بنيت عليها مجموعة من الرهانات التي اقتربت من ان تكون اوهاما، وفي مقدمها الحديث عن الحوار الذي انطلق منذ فترة بين التيار الوطني الحر وحزب الله حول ملفي اللامركزية الادارية والمالية والصندوق السيادي من دون ان يحقق اي خطوة ايجابية على وقع احتمال قرب الإعلان عن فشله. وهو ما سيؤدي الى نكسة إضافية تضاف الى تلك التي اصابت الدعوة التي وجهها رئيس مجلس النواب نبيه بري الى “طاولة حوار الايام السبعة” واعلانه انه أدى قسطه الى العلى وما يعنيه من فرملة لكل الخطوات التي يمكن ان تؤدي الى توجيه الدعوة الى الجلسة الثالثة عشرة لانتخاب الرئيس ومن بعدها مجموعة الدورات المتتالية التي لن تتوقف قبل انتخاب الرئيس.
وأمام هذه الصورة الفسيفسائية التي اتسمت بها مستجدات الاستحقاق، توقفت المصادر الديبلوماسية أمام حجم وأهمية الإنذار الأخير الذي أطلقه لودريان بدعوته الى دخول “مدار الخيار الثالث” في محاولة وصفت بأنها الاخيرة لإخراج المبادرة الفرنسية بصيغتها المتجددة من مسار التعطيل. وان صح القول ان هذا الموقف من لودريان كان مطلوبا من أطراف الخماسية في نهاية اجتماع نيويورك وهو الذي فتح الطريق امامه من باريس الى الرياض قبل العودة الى بيروت، فإن انتظار ما انتهت إليه مساعيه فيها بات واجب الوجوب ليتمكن المراقبون من تقدير ما يمكن ان يحققه في زيارته المرتقبة تزامنا مع التثبت مما يمكن ان تقوم به قطر في حالتي فشل باريس المحتملة وفي حال العكس المستبعد.
وختاما، تنتهي المصادر لتقول ان وفي كل الحالات المقدرة مستقبلا، يبقى الاهم ان فتح الطريق الى الحل رهن بقدرة أي طرف على التخفيف من تصلب “الثنائي الشيعي” واقناع “حزب الله” تحديدا بأن خياراته الرئاسية باتت مستحيلة في هذه المرحلة. وان الادعاء بانتصار محوره في الإقليم لم يكتمل بعد، وأن ما عليه سوى التراجع عن خياراته المرفوضة من اكثرية نيابية موصوفة الى نقطة وسطية يكتمل بها مشهد الإجماع المطلوب بالحد الادنى حول الخيار الثالث أيا كانت الكلفة. ذلك ان في حال تفاقمت التطورات، سينحو الوضع بسرعة الى مزيد من الإنهيارات ولن يتمكن احد من الإدعاء بانه سجل انتصارا او حقق انجازا يمنن به اللبنانيين.
طوني جبران – المركزية