“الميدل إيست” تبتز المسافرين اللبنانيين عبر طيران أجنبي
لا تحتكر شركة طيران الشرق الأوسط-الميدل إيست خطوط الطيران من لبنان وإليه فقط، ولا تتحكّم حصرياً بأسعار التذاكر وحسب، بل تقوم بممارسات “استغلالية” بحق مسافرين لبنانيين تحت مظلة صلاحياتها المطلقة في مطار بيروت.
تقرر الشركة وتسنّ القوانين الخاصة بها وبصلاحياتها وممارساتها في المطار، من دون حسيب أو رقيب. وتُطلق إدارة المطار، ومن ورائها الوزارة الوصية والحكومة، يد الشركة على الخطوط والرحلات والأسعار وحقوق المسافرين وغير ذلك.
ويكاد يكون لبنان هو البلد الوحيد في العالم الذي تُمنع فيه شركات الطيران ذات الكلفة المخفضة Low Cost من العمل على أراضيه. والسبب ببساطة هو تجنّب منافسة شركة الميدل إيست المحتكرة لقطاع الطيران في لبنان. وهي الشركة نفسها المملوكة من مصرف لبنان، والتي لا تخضع لرقابة ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي.
تحقيق مكاسب من المسافرين
ورغم احتكار الميدل إيست لحركة الطيران في لبنان، فإنها تقوم أيضاً بممارسات مجحفة بحق المسافرين. فتفرض عليهم حجوزات عبر طيرانها، وتحرمهم حرية اختيار الشركة والرحلة الأنسب بالنسبة إليهم. وتُلزم المغادرين منهم أصحاب الحجوزات عبرها على حجز تذاكر عودتهم على متن طائراتها، وليس طائرات تابعة لشركات أخرى.
وليست ح.س. الوحيدة التي تصادمت مع موظفي الشركة في مطار بيروت قبل مغادرتها إلى إيطاليا. فغيرها كُثر عانوا الأزمة نفسها وتكبّدوا تكاليف إضافية لصالح الشركة من دون وجه حق.
ما حصل أن ح.س. حجزت تذكرتي سفر إلى إيطاليا. الأولى على متن طيران الميدل إيست ذهاباً، والثانية على متن الطيران التركي Pegasus إياباً. وصلت ح.س. قبل موعد رحلتها إلى مطار بيروت فأبلغها مكتب الميدل إيست بمنعها من المغادرة إلى ايطاليا، ما لم تقم بحجز تذكرة طيران أخرى للعودة على متن طيران الشركة.
رفضت المسافرة في البداية، كونها تمتلك تذكرة عودة على الطيران التركي. لكن بعد أخذ ورد بين المسافرة وموظف الشركة، قال لها الأخير إنه حسب قانون الميدل إيست لا يمكن لأي كان المغادرة إلى اوروبا من دون حجز رحلتين على متن الميدل إيست ذهاباً وإياباً، لأنها لا تملك إقامة في ايطاليا. متجاهلاً حجز المسافرة round trip وليس one way، وحيازتها على إقامة في قطر.
وعند رفض المسافرة الأمر، باعتبارها تمتلك تذكرة للعودة على متن الطيران التركي عرض عليها موظف الميدل إيست القيام بحجز رحلة العودة على الميدل إيست ثم استرداده فوراً (refund) ودفع غرامة الاسترداد. وعند وصول المسافرة إلى حائط مسدود مع الشركة رضخت للأمر الواقع، خوفاً من أن تفوتها الرحلة. وقامت بالحجز على متن الميدل إيست للعودة. فكانت المفاجأة أن مكتب الشركة في المطار أبلغها بأن لا أماكن سوى في درجة رجال الأعمال business. وعليه ستصبح عملية الإسترداد refund أغلى بكثير.
تجربة ح.س. حصلت أيضاً مع مسافرين آخرين، منهم ع.ج. الذي ألزمته الشركة بحجز تذكرة عودة ثانية على خطوط الميدل إيست لكن عبر اليونان. علماً أنه مسافر إلى إيطاليا. ومسافرون آخرون استطلعت “المدن” تجاربهم مع طيران الميدل إيست، فتبيّن أن الشركة تطبق هذا الإجراء على جميع المسافرين على متن طيرانها والعائدين على طيران آخر. ولكن فرض ممارسات مخالفة على أنها قاعدة لا يعطيها الشرعية. فهي قرارات مجحفة وغير قانونية، بالإضافة إلى أن حجوزات العودة التي تُفرض قسراً على مسافرين دائماً ما تكون على درجة رجال الأعمال لأنها أكثر تكلفة، على ما يقول مصدر في وزارة السياحة في حديث الى “المدن”.
ويقول المصدر إن شركة الميدل إيست تطبق هذا الإجراء منذ قرابة 3 سنوات، وهو غير قانوني، ولا يعطيها الحق بالفرض على المسافرين الحجز على طيران محدد دون سواه، فللمسافر حرية الاختيار بين الشركات وفق ما هو الأفضل بالنسبة إليه.
تحكم بالمسافرين
أما إدارة المطار، فتغفل أو تتغافل عن ممارسات الميدل إيست. ويقول مسؤول رفيع في المطار بأن أي مسافر يمكنه الحجز ذهاباً وإياباً على الطيران الذي يراه مناسباً، وليس ملزماً بالحجز على الميدل إيست. لكن عند مواجهة المسؤول بالشكاوى عن ممارسات الميدل إيست كان الجواب أن الشركة تقوم أحياناً بهذا الإجراء، حرصاً منها على عدم مواجهة الركاب اي مخاطر في أوروبا(!).
وهذا عذر أقبح من ذنب. فما علاقة الشركة بما يواجه المسافر على أراضٍ أجنبية؟ ثم أن المسافر الحاصل على فيزا Schengen لدخول الدول الأوروبية ولديه إقامة في بلد أجنبي آخر، ما المانع من حجزه على الطيران اللبناني ذهاباً وأي طيران آخر إياباً؟ فالأهم في هذه الحالات هو وجود حجز round trip. وإن كانت الشركة تعتمد هذا الإجراء كقاعدة رسمية، لماذا لا تعلن عنه صراحة على مواقعها لتجنيب المسافرين تكبد تكاليف إضافية؟ أهو فخ مقصود؟
حاولت “المدن” التواصل مع الشركة من دون جدوى، باستثناء إحدى العاملات في مكاتب الشركة التي فضّلت عدم ذكر اسمها. فقد فسرت موجبات الإجراء بأنه يهدف إلى تجنب سفر أي لبناني والبقاء في البلد الأوروبي من دون العودة. ونسبت القرار إلى الدول الأوروبية وليس إلى الشركة. وهو ما نفاه مصدر آخر في المطار، قائلاً إن غالبية الشركات تسمح بالسفر على متنها والعودة على متن طيران آخر من دون مشاكل، باستثناء الميدل إيست. ما يفسر استهداف الشركة تحقيق المكاسب المادية من ابتزاز المسافرين والتحكم بهم.
أحد المكاتب السياحية قال في حديث لـ”المدن” إنه لا يقوم بالحجز عبر الميدل إيست ذهاباً فقط تجنباً لأي مشاكل مع الشركة، معترضاً على ممارساتها غير المنطقية. وقال إن باقي الشركات لا تتعامل مع المسافرين كما حال الميدل إيست، ولا تتدخل بالحجوزات، شرط أن يكون الحجز ذهاباً وإياباً بغض النظر عن الشركة. وكشف المصدر عن حالات مارست فيها الميدل إيست الإجراءات نفسها على مسافرين غير لبنانيين، وأجبرتهم على سداد تذاكر على متن طيرانها.
إجراءات الميدل إيست الهادفة إلى تحقيق الأرباح على حساب حرية المسافرين، مخالفة لقوانين السفر، التي تفرض على المسافر أن يكون لديه حجزا ذهاب وإياب مهما كان الطيران. أما إصرار الميدل إيست أن يكون الحجز على طيرانها، فلا تفسير له سوى التسلط على المسافرين بالتعاون مع المطار لتحقيق الأرباح غير المشروعة. وتُضاف ممارسات الميدل إيست تلك على أسعار تذاكرها التي تفوق أسعار باقي الشركات، لاسيما في المواسم السياحية التي تستغل فيها الشركة حصرية عملها في لبنان، فتضاعف أسعارها وتكبدها للمسافرين اللبنانيين.
المدن