هل يُفهم تحذير قائد الجيش قبل فوات الأوان؟

في وقت تكبر التحديات الأمنية في الداخل وأخطر تجلياتها في مخيم عين الحلوة، وعشية جلسة مجلس الوزراء التي كان يفترض أن تناقش اليوم ملف النزوح السوري المتجدد، رفع قائد الجيش العماد جوزيف عون الصوت منبّها. فقد أكّد أنّ انتشار الجيش على طول الحدود “تتخلله صعوبات كثيرة سواء طبيعة المنطقة الجغرافية أو نقص العديد، لكنّ عسكريينا يبذلون قصارى جهودهم لحمايتها ومنع عمليات التهريب والنزوح غير الشرعي”، مشيراً إلى أنّهم “يتعرّضون لشتّى أنواع الشائعات والاتهامات بالتقصير فيما الحقيقة تثبتها الوقائع اليومية بالجهود الجبّارة التي تقوم بها الوحدات المنتشرة على الأرض”. ودعا “كلّ مشكّك لزيارة الحدود والاطّلاع ميدانيًّا على الوضع الذي ينذر بالأسوأ قريبًا”. وقال “كفى تنظيرًا واتّهامات باطلة وليقفوا خلف الجيش، لأنّه كان صمّام الأمان للبنان وسيبقى كذلك، ولن يحيد عن قسمه وواجباته”.
منذ أسابيع، يواجه الجيش، باللحم الحي، وبما توفر بين يديه من قدرات وامكانيات بشرية ولوجستية، موجاتِ النزوح الجديدة من سوريا الى لبنان عبر ممرّات ومعابر غير شرعية. لكنه، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، يخوض وحيدًا هذه المعركة الوجودية الطابَع.
فالنزوح لم تعد أخطاره اقتصادية فحسب، بل تتهدد هوية لبنان. إزاء هذا الوضع، السلطة السياسية مقصّرة ولا تقوم بواجباتها. فمن جهة، لا خطة رسمية سياسية وأمنية واضحة حتى الساعة لكيفية التصدي للنزوح. ومن جهة ثانية، الشللُ السياسي ككلّ، والذي يتسبب به الشغور الرئاسي وتعطيلُ كل المؤسسات الدستورية، يُضعف المناعة اللبنانية وهيبةَ الدولة ويضربها في الصميم، ويكشف ظهر البلاد، مُعرّضًا إيّاها لتحديات إضافية. فهل كانت اشتباكاتٌ لتندلع مثلا في عين الحلوة بين فصائل فلسطينية مسلّحة لولا ان الدولة وهيبتها والسيادة، مفقودة؟
بعد سرد هذه المعطيات، تقول المصادر إنّ نداء قائد الجيش يجب أن يلقى آذانًا صاغية سريعًا، وإلّا… فالمطلوبُ من السلطة السياسية أن تقوم بواجباتها في مواجهة النزوح طبعا، لكن في إكمال عقد المؤسسات ككل، قبل أي شيء آخر، فيتفرّغ الجيش بعدها لأداء مهامه الأساسية المتمثلة بحماية الحدود، مستندًا إلى ضوء أخضر وإلى قرار سياسيين واضحين، مرتاحًا إلى أنّه ليس وحيدًا في هذه المعركة وإلى أنّ ثمة دولة فعلية لا يمكن لكل من تُسول له نفسه تجاوزُها متى يشاء. فهل يفهم المعنيون الرسالة والتحذير اللذين أطلقهما العماد عون قبل فوات الأوان؟ وهل يفهمون أنّ الأمن يبدأ بالسياسة لا العكس؟ أم أنّ “الوضع السيء” سينفجر ولن تبقى تداعياته أبداً محصورة بالحدود؟ ما حصل اليوم في عدم التئام مجلس الوزراء وعدم تأمين الوزراء النصاب المطلوب لعقده، لا يبشّر بالخير، تختم المصادر.