الوفد اللبناني في موقف لا يُحسد عليه قبل قرار التجديد لـ”اليونيفيل”
عشية التمديد لقوات الطوارئ الدولية المؤقتة العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) لا يزال يخوض الوفد اللبناني مفاوضات توصف بـ”المضنية” في أروقة الامم المتحدة، في محاولة لتصحيح الخطيئة التي ارتكبت ربما “عن سابق تصور وتصميم” عندما تغاضت الدبلوماسية اللبنانية عن تعديل نص قرار التجديد لليونيفيل مما غيّر مهامها، الا ان الجهود المستمرة لم تحقق تقدما يذكر، باستثناء الموقف الروسي الذي أُبلِغ الى اعضاء مجلس الامن والذي أجهض عمليا مشروع تحويل “اليونيفيل” من “قوات حفظ الامن والسلم الدوليين الى قوات فرض الامن والسلم الدوليين” اي جعلها تعمل وفق الفصل السابع، على الرغم من ان لبنان لم يسلّف روسيا ولو موقف ايجابي واحد خصوصا في الحرب الاوكرانية انما اصطف في الامم المتحدة الى جانب المحور المعادي لروسيا وصوّت ضدها.
وقال مصدر في الوفد اللبناني لوكالة “اخبار اليوم” ان “التمديد لقوات “اليونيفيل” يحصل كل سنة بناءً لطلب من الحكومة اللبنانية، بكتاب يُرفع من الحكومة اللبنانية إلى الأمم المتحدة، يطلب لبنان التمديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في لبنان، والقرار بهذا الخصوص يعود الى مجلس الامن”.
اضاف المصدر: “قبل عقد جلسة مجلس الامن للتصويت على القرار يصدر أكثر من مسودة له ومنها المسودة الفرنسية التي دعمت روسيا لبنان في اسقاطها، والآن نحن في طور مناقشة المسودة الجديدة المعدلة، كون السنة الماضية اقرّت مسودة تتضمن بندا ليس لمصلحة لبنان. اي بند حرية الحركة لقوات الطوارئ الدولية حسب معاهدة “SOFA”، بينما القرار الذي في عام 2021 وما قبله كان ينص على حرية حركة قوات “اليونيفيل” ولكن بالتنسيق مع الجيش اللبناني. غير انه في السنة الماضية صدر قرار اباح لها حرية الحركة دون التنسيق مع الجيش اللبناني، وهذا الشيء يفتعل أزمة وحساسية مع السكان وخاصةً بعد مجزرة قانا، وكل العالم يعرف عندما وقعت مجزرة قانا بعقر دار “اليونيفيل” وتحت خيمته ومظلته، أصبح عند الناس هاجس وشكوك تجاه قوات الطوارئ الدولية. كل سكان الجنوب يتعاملون مع قوات الطوارئ الدولية على أساس “جيوش صديقة” ولا أحد عنده أعداء، ولكن يوجد لدى الناس بعض الشكوك تجاه بعض التصرفات، حيث يدخل جنودها الى احياء مكتظة ويحصل اشكالات يعالجها الجيش في ساعتها.
واوضح المصدر ان “اليونيفيل” تنفذ نحو 400 دورية كل 24 ساعة، لا يستطيع الجيش اللبناني مواكبتها كلها. فترسل “اليونيفيل” الى الجيش اللبناني برنامجًا بدورياتها خلال شهر، ويطلع الجيش على الجدول ويحدد المناطق الحساسة ويختار أي منطقة سيواكب “اليونيفيل” فيها. ولا يتم منع اي دورية، لا سيما حين نتكلم عن الدوريات الروتينية.
وشرح المصدر ان هناك نوعين من الدوريات، دوريات روتينية ودوريات مفاجئة. والنوع الثاني يحصل حين تطلب “اليونيفيل” أن تقوم بدورية على بقعة محددة وتكون الأرض مملوكة ولها أصحاب، هذه تحتاج لإذن من النيابات العامة. أما عندما تكون مناطق عامة ومفتوحة، تستطيع قوات “اليونيفيل” أن تذهب ولا يمنعها الجيش.
وقال: عندما صدر القرار السنة الماضية، قررت الحكومة اللبنانية إرسال بعثة دبلوماسية يترأسها وزير الخارجية وفيها عضو من وزارة الدفاع الوطني، لأن الجيش يعرف أمنياً وعسكرياً ولوجيستياً ماذا يحصل على الأرض أكثر من السياسيين، وحضرالبعثة لكي يناقش اعضاء مجلس الأمن عبر المندوبين الموجودين فيه وخاصةً الدول الأعضاء وقدم لهم وجهة نظر لبنان تجاه الموضوع، وخاصةً أن البعثة استبقت الزيارة بجولة للسفراء والملحقين العسكريين في لبنان على الخط الأزرق على الحدود اللبنانية – الفلسطينية المحتلة، وأوضحت لهم أين حقوق لبنان وأين يعتدي العدو الإسرائيلي، ورأى السفراء والملحقين بأمّ العين أين هي حقوق لبنان، ومن الطبيعي انهم أرسلوا الى دولهم كُتبا حول ما رأووه على الأرض. هذا ما ساعد البعثة الدبلوماسية لأنه بسبب هذه الزيارة تغيّرت بعض الانطباعات”.
اضاف المصدر: “منذ نحو اسبوعين ونحن نتفاوض مع مندوبين وجميع سفراء الدول لإقناعهم بوجهة نظرنا، وأهم شيء السيادة اللبنانية، عندما يتضمن اي قرار تجديد لليونيفيل بندًا ينص على عدم التنسيق مع الجيش اللبناني، فهذا إنتقاص للسيادة، وامر غير مقبول. نحن الدولة المضيفة، نحن وجهنا رسالة للأمم المتحدة للتجديد لليونيفيل، وليست القصة “فرض واجب” أو غصباً عنّا يُرسلون لنا قوات “اليونيفيل”. الحكومة اللبنانية هي التي أرسلت رسالة للأمم المتحدة للتمديد لليونيفيل، فلا يمكننا أن نقبل نحن كلبنان أن يتضمن القرار بنودا ضد مصلحة لبنان أو تخرق سيادة لبنان، فاستبقنا الأمر. ودائما إسرائيل عندما يحين وقت التجديد لليونيفيل، تسبقنا إلى الامم المتحدة وتبدأ بتقديم تقارير تسيء إلى سمعة لبنان، وأشياء تسيء إلى السكان في لبنان، وخلاصتها ان قوات “اليونيفيل” غير قادرة على التحرك ويتم التحريض عليها”.
ولفت المصدر الى ان “العدو الاسرائيلي منزعج جدا من تقارير “اليونيفيل” حول الخروقات التي تحصل في المنطقة التي ينص عليها القرار 1701 من الجانبين، حيث عندما تحصل خروقات بحرية وجوية وبرية من قبل العدو الصهيوني ترسل “اليونيفيل” التقارير بشأنها الى الامانة العامة للامم المتحدة، وإذا كانت الخروقات من الجانب اللبناني ترسل تقارير مماثلة أيضا، ويمكن احصاء 5 آلاف طلعة جوية إسرائيلية ما بين طيران حربي f16 وdrones خلال العام.
ويسجل يومياً خروقات بحرية وبرية وجوية، بحيث لا يمر يوم إلا ويكون فيه خروقات إسرائيلية. والخرق الأكبر أنها تدخل الأجواء اللبنانية بشكل فاضح لضرب سوريا. أما الخروقات التي تسجل عن الجانب اللبناني فهي قطيع ماعز يعبر الخط الأزرق أو شخص مختل عقلياً يعبر إلى الجهة الثانية؛ عدة سودانيين يهربون بسبب الأزمة الإقتصادية.
وعلى سبيل المثال خلال الإجتماعات الثلاثية في الناقورة يأتي كل جانب ويتقدم بعرض ويضع فيه أمام الجانب الآخر الخروقات التي تحصل، فتكون الخروقات الاسرئيلية f16 وهي طائرة حديثة لديها صواريخ ذكية بالإضافة إلى دبابات mirkava وبارجات بحرية اخترقت الحدود؛ ويقابلها الخرق اللبناني باتجاه الاراضي المحتلة ان سيارة rapid فيها شابان يحملان هاتفاً صوّرا الجانب الآخر وهذه هي المقارنة. بالإضافة إلى أن ممثل اسرائيل يتكلم بجدية وهذا شيء يُشعرك بالإشمئزاز حتى أنه يتجسس علينا؟.
واذ ذكر ان كاميرات ذكية وموصولة على الأقمار الإصطناعية مثبتة على السور ما بين لبنان وفلسطين المحتلة، قال المصدر ان “الجرم الكبير” الذي يتحدث عنه الاسرائيلي هو رشق الجانب الآخر بالحجارة، وقد قلنا اكثر من مرة إذا أتينا بالشعب اللبناني قاطبة ونشرناه من الناقورة حتى مزارع شبعا لراشقوا اسرائيل بالحجارة؛ أين الجرم في هذا الموضوع؟ أين الخطر عليها هي التي تقصف الاراضي. بالإضافة إلى ذلك نعرض للعدو فيديو عن المجازر التي ارتكبها واسقطت الضحايا وأشلاء أطفال وجثث لكبار السن، فيأتي لنا بصورة لمستوطن في ملجأ فاقد الأعصاب!!!”.
واشار المصدر الى انه “في المفاوضات التي حصلت في الأيام الاخيرة استطعنا أن نقنع السواد الأعظم من المندوبين في وجهة نظرنا التي اخذوا بها ووعدونا أنهم سيُعدّلون المسودة بعدما وجدوا معارضة من دول اساسية لها وتحديدا من قبل روسيا”.