مهمّة لودريان تتظهّر أوائل أيلول
١١ شهراً وأزمة انتخاب رئيس الجمهورية “مكانك راوح” بسبب تعنّت البعض والتركيز على مصالحهم الخاصة على حساب الجمهورية والناس، وعدم الإصغاء الى صوت العقل، فيما الشعب الذي منحهم ثقته في الانتخابات النيابية الأخيرة لإنقاذه من الويلات التي جرى إغراقه بها طيلة السنوات الست الماضية أداروا له ظهرهم. والمؤسف أنه ليس هناك من بارقة أمل بفرج قريب.
وفي قراءة المشهد السياسي العام، أشار عضو كتلة الاعتدال النائب وليد البعريني في حديث الى جريدة “الأنباء” الالكترونية الى أن “المملل والتشاؤم هما السائدان في هذه الفترة، لأن لا أحد منا كنواب يملك شيئاً عن طبيعة حل الأزمة بعد ان تحوّلت الى أزمة دولية. وكلنا كلبنانيين بانتظار التسوية، فهذه التسوية لن تحصل الا اذا توافقت مع مصالح الدول التي تسعى لحلها”، مشبّها الحديث عن حل وشيك بطبخة بحص لأن الأيام عودتنا ما نقول فول تيصير بالمكيول”.
البعريني كشف عن انفتاح كتلة الاعتدال الوطني على جميع القوى السياسية في البلد ومن بينها كتلة اللقاء الديمقراطي، مثنياً على المواقف الوطنية لرئيس اللقاء رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط في هذه المرحلة المفصلية التي يمر بها لبنان، واصفاً الحوار بين حزب الله ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بأنه مضيعة للوقت، لكن حزب الله برأيه صدره واسع ولديه مصالح معينة ولا يريد أن يكسر الجرة مع باسيل، رغم معرفته أنه يريد أن ينتزع من الحزب دعمه بالوصول الى رئاسة الجمهورية، وهذا برأيه بعيداً إن لم يكن مستحيلاً.
وعن زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الى لبنان المرتقبة في أيلول المقبل، توقع البعريني أن “تكون عادية وغير حاسمة للملف الرئاسي لأن فرنسا لم يعد لديها إمكانيات لفرض الحلول والمونة على القوى المحلية، ونحن في كتلة الاعتدال نتعاطى مع فرنسا كدولة صديقة للبنان موجودة على الساحة الدولية”، مؤكداً أن “الكتلة سترد على أسئلة الموفد الفرنسي بطريقة ايجابية لأن من الأساس كتلة الاعتدال تدعو الى الحوار العقلاني الهادئ وهي على مسافة واحدة من الجميع”.
من جهة أخرى، قالت مصادر سياسية لـ«اللواء» أن كلام نواب المعارضة بشأن تحريك الدعوات لجلسات انتخاب رئيس الجمهورية سيتوالى لاسيما بعد رفض الحوار مع قوى الممانعة، وأشارت الى أنه لم يسجل أي جديد على صعيد الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر ،فيما لم يصدر موقف ينهي تقاطع التيار البرتقالي والمعارضة في الاستحقاق الرئاسي.
وأوضحت المصادر ان مصير الاجتماع أو الحوار الذي طرحه الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان لم يحسم بعد لجهة قيامه أو لا، لاسيما أن المعارضة قالت كلمتها ، لافتة إلى أن الموضوع يتضح في أوائل الشهر المقبل كما أنه ليس معروفا ما إذا كان هناك من مبادرات جديدة في هذا الملف بالذات .
اما بالنسبة إلى موعد الجلسة التشريعية المقبلة فان المصادر توقعت أن يدعو اليها الرئيس بري بعد فترة واقله إلى حين تلمس مناخ يساهم في انعقادها.
وفي سياق متصل، قالت أوساط واسعة الاطلاع في بيروت لـ«الراي» إن«الممانعة» التي استثمرت طويلاً في المبادرة الفرنسية السابقة، التي دفعت مركب وصول سليمان فرنجية إلى الرئاسة من الخلف، لا تقيم وزناً لحركة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان، انطلاقاً من ثابتتين هما: ضآلة التأثير الفرنسي في الداخل وفي الخارج لا سيما بعد تراجع ثقل فرنسا الدولي لمصلحة الولايات المتحدة الأميركية، وموقف«حزب الله»السلبي من لودريان الذي سبق أن وصف الجنرال الإيراني قاسم سليماني بـ«الإرهابي».
ورأت الأوساط عينها أن المعارضة اللبنانية حاسمة في شكوكها حيال مهمة المبعوث الرئاسي الفرنسي وآليات عمله، وهي لن تجاريه في مسألة الحوار حول الطاولة، وردت في بيان الـ31 نائباً على مقاربته للمأزق الرئاسي وتتجه إلى الرد على سؤاليه بموقف علني سقفه العالي البيان الذي صدر عن آخر اجتماع لمجموعة الدول الخمس التي تشارك فيها فرنسا إلى جانب الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر.
وإزاء استبعاد ولادة أي حل للمأزق الرئاسي على يد«القابلة» الفرنسية في أيلول، فإن دوائر مراقبة ترصد بعناية الحوار الدائر بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، في صعوده وهبوطه وسط تقديرات متباينة حول إمكان خروجه بتوافق ما في ايلول المقبل، بعد ما يشبه «فترة السماح» الفرنسية التي أعطيت لهذا الحوار الذي من شأنه معاودة خلط الأوراق في البلاد.
وقالت أوساط على دراية بتكتيكات «حزب الله» وصبره الإستراتيجي لـ«الراي» إن رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الذي انخرط في حوار مع الحزب حول «أثمان» تأييده لمرشح «الممانعة» سليمان فرنجية لن يجد سبيلاً في نهاية المطاف إلا بتبني هذا الخيار والمضي في الاتكاء على حليف قوي في البلاد ممسك بخيوط اللعبة وبمسرحها على حد سواء.
ومن المرجح ان تلعب سياسة الانهاك دوراً محورياً في تطويع الوقائع السياسية في البلاد، فالاهتزازات الأمنية المتوالية (عين الحلوة، عين إبل، الكحالة وسواها) تزيد من هشاشة الواقع المفتوح على المزيد من المتاعب المالية – المعيشية، الطريق الأقصر إلى الاضطراب الاجتماعي.
فاستحقاقات لبنان وهموم أزماته المتنوعة تستيقظ تباعاً وبالتدرج، مع ترقب لوتيرة متسارعة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وإمكان تجمعها في ما يشبه «التكتل الصلب» بدءاً من منتصف الشهر المقبل، ربطاً بالإغراق المحقق في تعميق حال عدم اليقين السياسي.