خارجيات

هل تنجح المعارضة الاسرائيلية في تجميد التعديلات القضائية؟

كتبت يولا هاشم في “المركزية”:

مرّر الائتلاف اليميني الحاكم في إسرائيل، بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي الجزء الأول من التعديلات القضائية، في محاولة لمنع القضاة من الطعن في بعض قرارات الحكومة، الأمر الذي أثار موجة من الاحتجاجات، ما دفع بزعيم كتلة المعارضة في البرلمان الإسرائيلي يائير لبيد إلى الطلب من الحكومة تجميد التعديلات القضائية 18 شهرا، معتبراً ذلك شرطا لاستئناف المفاوضات حول صيغة توافقية بشأنها. 

وفي حين يعتبر ائتلاف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إن التعديلات القضائية ضرورية للرد على ما يصفها بأنها تجاوزات من المحكمة العليا، التي يقول إنها أصبحت تتدخل في السياسة أكثر من اللازم، يرى معارضو التعديلات أنها ستفتح الباب أمام إساءة استخدام السلطة من خلال إزالة الضوابط الفعالة على السلطة التنفيذية. وبالتالي تشهد اسرائيل انقساماً غير مسبوق حول موضوع القضاء. فإلى أين يمكن أن تؤدي ازمة المحكمة العليا؟  

مدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية سامي نادر يقول لـ”المركزية”: “يجب وضع الأزمة في إطارها التاريخي، فقد حصل في الفترة الأخيرة تحوّل في اسرائيل نحو اليمين السياسي (droitisation d’Israel)، وبالتالي تبدّل المشهد السياسي ولم يعد هناك من أحزاب يسارية وأخذت الأمور منحىً راديكالياً وتهويدياً أكثر والأهم أنه ضرب توازن السلطات، لأن الديمقراطية ترتكز بالدرجة الاولى على توازن السلطات. في السابق، كانت معارضة وموالاة، وحزب العمل مثلاً يراقب حزب الليكود او العكس، لكن اليوم أصبحت المعارضة داخل اليمين. فمنذ نشأة دولة اسرائيل وهذه الاحزاب تتناوب على السلطة وكل فريق يراقب الآخر، وهذا الامر اساسي في الديمقراطيات، لا سيما في اسرائيل، حيث لا دستور مكتوبا، وبالتالي هي قائمة على أعراف وممارسات. لذلك، لم يكن هناك الا هذه المؤسسة تقوم بعملية توازن السلطات وتوازي السلطة السياسية”.  

ويضيف نادر: “اليوم هناك محاولة لتقويضها، علماً أنها سلطة استنسابية بمعنى انه يمكنها ان توقف اي قرار في حال لم يكن منطقياً. لكن مسألة بعض التعديلات كان ممكنا القبول بها لو حصلت في ظروف مختلفة ولو كان مازال في اسرائيل يمين ويسار، وكان يمكن حصول بعض النقاش حولها. لكن كما هي مطروحة، في ظل أمرين: منحى تحول اسرائيل الى اليمين، ومنحى رئيس وزراء متورط في عدد من المسائل القضائية، لا يُغيّب البُعد الشخصي، عبر طرح بعض التساؤلات حولها، فهل نتنياهو اليوم ينقذ نفسه و”ينفد بريشه” ويحاول تعديل القضاء لأن سيفه كان مسلطاً عليه؟”. ويستطرد: “هذا الأمر له تداعيات على داخل اسرائيل وديمقراطيتها بالنسبة للاسرائيليين وله انعكاس على المنطقة ففي ظل هذا المنحى لا يمكنها الاستمرار في القول أنها واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط. في السابق، كانت هناك أكثر من علامة استفهام حول “ما هذه الدولة الديمقراطية، والتي تقول عنها الولايات المتحدة الاميركية بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط، وتقوم بهذه المذابح وهذا العنف تجاه الفلسطينيين”. هذا الموضوع كان خاضعا للنقاش. اليوم اكثر فأكثر نرى ان الرأي العام الاميركي بدأ يأخذ مسافة من مسألة اسرائيل”. 

ويرى نادر ان “من الواضح ولفترة العشر سنوات المقبلة هناك تحول الى اليمين وبالتالي الامور تتجه الى مزيد من الراديكالية والى سلطة مركزية لليمين وفقدان التوازن في السلطات check and balances”. ويؤكد ان تأثيره سلبي أيضاً على المنطقة، خاصة وانه يتجه نحو منحى راديكالي. لكن ما هو مشروع اليمين؟  ليس لديه مشروع سلام. اسحق رابين كان لديه مشروع سلام، كما ان اليسار كان يحاول على الاقل اتباع مسار تفاوضي، في حين ان اليمين ليس لديه مشروع سلام ولا اعرف ما الذي سيفعله بالاسرائيليين من غير اليهود، كالعرب الاسرائيليين مثلاً والذين يبلغ عددهم نحو ثلاثة ملايين شخص. هناك علامات استفهام كبيرة حول الموضوع”. 

عن لبنان، وعما اذا كان تهديد حزب الله الحدود الشمالية لاسرائيل يقدّم خدمة لتل ابيب التي تعيش انقساماً غير مسبوق حول موضوع القضاء لأن من شأن ذلك ان يعيد الوحدة الى داخلها، يقول نادر: “يمكن المراهنة على ما قاله نتنياهو أمس ان “في حال تجرأ أحد على اللعب بأمن اسرائيل واستغل الشأن الداخلي فيها، فسيجد اسرائيل، في ساعة الامتحان، متراصة كتفا إلى كتف”. لكن هذا الفكر والتهديد يولّد لدى اسرائيل رد فعل عكسيا. وفي حال أراد أحد ما من الداخل لا سيما حزب الله او الألوية الفلسطينية ان تستغل الازمة الداخلية الاسرائيلية، فقد برهنت التجارب السابقة ان وقت الشدة يلتف الاسرائيليون حول بعضهم البعض، وعندما يكون امن اسرائيل على المحك، يتوحدون وبذلك نساعد الحكومة الحالية على الخروج من المأزق”. 

Related Articles

Back to top button