هل يتّجه لبنان نحو انهيار أمني غير مسبوق؟
كل المؤشرات التي بدأت تظهر منذ اسابيع قليلة توحي بأن المواجهة عادت لتحكُم العلاقات السياسية في لبنان بعد مرحلة من المُهادنة دامت لعدّة أشهر وفرضها الأمر الواقع بفعل التدخلات الخارجية التي سعت الى تدوير الزوايا ومنع انزلاق الأزمة الى مستوى خطير من الانقسام والانهيار.
من هنا يمكن طرح العديد من التساؤلات التي تبدو أجوبتها شبه معلومة. السؤال الأول يتركّز حول إمكان عودة الانقسام التقليدي الى لبنان، أي تمترُس الأحزاب السياسية خلف الثامن والرابع عشر من آذار على اعتبار ان القوى السياسية المتناحرة اليوم والمتنافسة في المعركة الرئاسية بدأت تُعيد فرز نفسها وتعديل انقسامها ليشبه الانقسام القديم. الجواب على هذا السؤال هو رهنٌ بطرفين أساسيين، خصوصاً أن “التيار الوطني الحر” يتّجه الى عودة التموضع الى جانب “حزب الله” بغضّ النظر عن موقفه الرئاسي ويبتعد بشكل أو بآخر عن قوى المعارضة و”القوات اللبنانية”.الطرف الأول هو القوى والكُتل السنّية التي لا تزال ثابتة خلف موقفها الوسطي ولا تبدو أنها تنوي أن تكون طرفاً في الخلاف. اما الطرف الثاني فهو “الحزب التقدمي الاشتراكي” الذي وبالرغم من تموضعه الكامل الى جانب قوى المعارضة منذ بداية الاشتباك الرئاسي الا ان لديه علاقات وديّة جداً مع قوى الثامن من آذار وتحديداً مع “الثنائي الشيعي” المتمثّل بـ”حزب الله” و”حركة أمل” ولا يرغب بأن يكون رأس حربة في معركة كسر عضم ضدّهم. وعليه فإنّ موقف هذين الطرفين سيحدّد شكل الانقسام المقبل وإذا ما كان سيتّخذ طابعه التقليدي أم يستمرّ على هذا النحو الهجين.السؤال الثاني الذي يطرح اليوم يتمحور حول المدى الذي سيصل اليه هذا الخلاف، فهل سيتدحرج نحو تطورات أمنية أم سيبقى ضمن الإطار السياسي ؟حتى اليوم لا يبدو أن أياً من القوى الاقليمية والدولية ترغب بالذهاب نحو اللا استقرار الامني انّما الحديث يدور فقط حول معركة وضغوط سياسية جدية تترافق مع مستوى مختلف من الانهيار في حال عدم تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان. وهذا يعني، بشكل أو بآخر، أن المعركة المقبلة لن تطال الواقع الأمني في لبنان الا في حال تفلّت الامور وخروجها عن ما هو محسوب لها من قِبل كل القوى، حتى أن القوى المحلية ليست راغبة بأي زعزعة أمنية، ما يؤكد بأن الخلاف الحالي سيكون له سقف محدد لا يمكن لأحد تجاوزه أقلّه في هذه الأشهر القليلة المُقبلة.