من خلال الحوار… هل بتنازل “الحزب” عن فرنجية؟
في أوّل تعليقٍ على البيان الذي صدر عن الدول الخمس المعنيّة بلبنان، رأت مصادر “الثنائيّ الشيعيّ” في حديثٍ تلفزيونيّ أنّ “فكرة الحوار سقطت”، وجدّدت نتيجة ذلك تمسّكها بترشّيح رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، ردّاً على قطر والسعوديّة ومصر وفرنسا وأميركا، التي دعت إلى ضرورة الإحتكام للدستور لانتخاب رئيس للجمهوريّة. ومع هذا الموقف التصعيديّ لثنائيّ “أمل” و”حزب الله”، فإنّ مهمّة وزير الخارجيّة الفرنسيّة السابق جان إيف لودريان المرتقب وصوله إلى لبنان الأسبوع المقبل، لن تكون سهلة أبداً.
ويقول مراقبون إنّ بيان الدوحة لا يصبّ لصالح “حزب الله” ولا لمرشّحه سليمان فرنجيّة، لكن هذا لا يعني أنّ حظوظ الأخير انخفضت، أو أنّ هناك معارضة خارجيّة لوصوله، إذا إنّ الأصوات التي نالها في جلسة الإنتخاب الأخيرة يُبنى عليها، وهي ليست بقليلة، على الرغم من أنّ بيان الدول الخمس يدعم جهود المعارضة.
إلى ذلك، فإنّ “حزب الله” عاد إلى الحوار والتنسيق مع ميرنا الشالوحي، في دلالة على أنّ حارة حريك تُريد البحث في الموضوع الرئاسيّ مع رئيس “التيّار الوطنيّ الحرّ”، وإطلاق حوارٍ مع حلفائها في لبنان. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أنّ النائب جبران باسيل لا يزال يرفض دعم فرنجيّة، وقد سبق له أنّ حاول طرح بعض الأسماء التي لا تُشكّل عائقاً لسلاح “المقاومة”. ويرى المراقبون أنّ التواصل بين “التيّار” و”الحزب” سيزداد خلال الفترة المقبلة، في محاولة لرصّ صفوف فريق الثامن من آذار، بعدما أبدت الدول الخمس إنحيازها لفريق لبنانيّ على حساب الآخر.
وبينما تعتبر أوساط معارضة أنّ بيان الدول المعنيّة بلبنان بمثابة ضربة لفرنجيّة، بعدما أعلنت أنّها ستضغط من أجل إنتخاب رئيسٍ، عبر التلويح بالعقوبات على المعرقلّين أيّ نواب “الممانعة”، يرى مراقبون أنّ “حزب الله” يُمكن أنّ يُسهّل الإنتخابات ويتغاضى عن تأييد فرنجيّة في حالة واحدة فقط، وهي موافقة خصومه على الجلوس معه حول طاولة حوار تُعالج هواجسه. فإذا رأى أنّ هناك رغبة فعليّة لدى الأغلبيّة للتطرّق إلى الأوضاع الإقتصاديّة والماليّة والمعيشيّة، من دون تناول موضوع السلاح الذي قد يجرّ البلاد إلى مواجهات في الشارع، في ظلّ الوضع في الجنوب، وقضم إسرائيل المزيد من الأراضي اللبنانيّة، فإنّ حارة حريك ستكون جاهزة للبحث في أسماء وسطيّة.
ويُضيف المراقبون أنّ تمسّك “حزب الله” بفرنجيّة، وقول أمينه العام السيّد حسن نصرالله إنّه يُريد إنتخاب رئيس “لا يطعن المقاومة” في ظهرها، الهدف منه عدم الدخول في سجالٍ خلال السنوات الستّ المقبلة حول الإستراتيجيّة الدفاعيّة والسلاح. فما يهمّ “الحزب” هو تأمين الغطاء الرئاسيّ المسيحيّ لسلاحه، وقد نجح بهذا الأمر منذ عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي، وصولاً إلى انتخاب ميشال سليمان، ومع حليفه المسيحيّ “القويّ” ميشال عون.
ويلفت المراقبون إلى أنّ “حزب الله” لا يزال بحاجة ماسّة للحوار مع كافة الأفرقاء كيّ يطمئن الى أنّ لا أحد منهم ينوي التضييق عليه، فلا الظروف في المنطقة ولا العوامل الدوليّة تدلّ على أنّ الجوّ يسمح بمناقشة موضوع السلاح، فإيران لن تتنازل عن هذا الأمر طالما أنّ أميركا لديها تحفّظات على المحادثات النوويّة، فيما واشنطن تُريد طبعاً حصر السلاح في يدّ الدولة اللبنانيّة والمؤسسات العسكريّة الرسميّة، لإبعاد الخطر عن حليفتها في الشرق الأوسط إسرائيل.
أمّا إذا لم يقتنع المعارضون بأهميّة الحوار بالنسبة لـ”حزب الله”، واستقووا على “الثنائيّ الشيعيّ” ببيان الخماسيّ، فيقول المراقبون إنّ كتلة “الوفاء للمقاومة” ستتشدّد أكثر بدعم فرنجيّة، ولن تتساهل في الإنتخابات الرئاسيّة، ولن تكترث لما يصدر من بيانات وتصاريح عن الدول الخمس، وقد يطول الفراغ لفترة أطول، ما يُسقط كلّ المبادرات التي تعمل فرنسا أو قطر عليها حاليّاً.