هكذا أخفقت فرنسا في لبنان!
يروي أحد الوزراء من المقربين من الرئيس السابق إميل لحود تفاصيل اللقاء الأول الذي جمع لحود ببرنار إيمييه، السفير الذي كان جاك شيراك قد عيّنه العام 2005 إبان اغتيال الرئيس رفيق الحريري، حيث كانت تسعى فرنسا في ذلك الحين، حسب المواقف الرسمية الصادرة عنها، الى تفادي انهيار لبنان وانزلاقه نحو الاسوأ، فيقول: “استقبل لحود السفير المعيّن بعد توصيات العديد من أصدقائه بصدر رحب وهو المعروف عنه انفتاحه على الغرب وفرنسا خصوصاً. وبعد الكلام الودي الذي سمعه السفير الفرنسي باشر هذا الأخير بإخراج ورقة من جيبه وتلا على الرئيس لحود بنبرة فوقية ما كان مكتوباً سلفاً وهو عبارة عن 10 توصيات هي أقرب الى أوامر فرنسية صادرة عن قصر الاليزيه كان ينبغي من الجانب اللبناني تطبيقها دون مناقشتها. فما كان من الرئيس لحود الا شكر الزائر على زيارته واختصار الاجتماع ليشكو الطريقة الفوقية التي كانت فرنسا تقارب من خلالها الواقع اللبناني”.
منذ تلك الحادثة، مرت السنوات وأصبح إيمييه مديراً لجهاز المخابرات الفرنسية وانتهى عهد لحود وتوالت المصائب على لبنان. وبعد 18 عاماً على هذه الواقعة، تغيرت الاوضاع في لبنان ووصلنا الى حد الانهيار وتسارعت وتيرته، الا ان فرنسا لم تغيّر من آلية تعاملها مع بلاد الأرز، يقول مصدر متابع للسياسة الفرنسية. ويضيف صحيح ان فرنسا ساعدت عبر مرور الأعوام الأخيرة وخصوصاً بعد انفجار المرفأ، الا أن لبنان وصل الى ما وصل اليه بسبب غياب المسؤولية عند سلطاته وبسبب تكبّر وأخطاء من أراد تقديم المساعدة في الوقت عينه. فلبنان ما كان ليكون عليه لو لم تتمسك فرنسا بأفراد ساهموا في تسريع وتيرة الاتهيار، على رأسهم حاكم المصرف المركزي، ولو لم تتمسك فرنسا بسياسة التهميش للمؤسسات الرسمية ودعمها للجمعيات المدنية غير الحكومية ومدّها بالمساعدات والأموال بدلاً من مساهمتها في اعادة بناء مؤسسات الدولة. وقد وثق ديوان المحاسبة الفرنسي المحسوبيات والضبابية التي اكتنفت توزيع المساعدات خلال السنوات الاخيرة، سائلاً عن آلية انفاق مبالغ وصلت الى حدود 300 مليون يورو وعن الجهات المستفيدة منها.
ويستطرد المصدر ليقول ان فرنسا تمادت في أخطائها من خلال استمرارها في مقاربة الوضع اللبناني بمنهجية مرّ عليها الزمن ولا تحاكي أوضاع المنطقة والتحوّلات المحلية والاقليمية والدولية، لتعود الى واقعية يطالبها بها اللبنانيون، وأبرز هذه المطالب التراجع عن تسويتها الرئاسية المتمثلة بدعمها سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية في وقت تلاقي هذه التسوية معارضة مسيحية. علماً انها أبرمت عقوداً في المجالات الأساسية مثل المرفأ والطاقة والبريد وهو دلالة على رغبة لبنانية باستمرار التقارب من الأم الحنون.
يختم المصدر المتابع “مع استمرار المسؤولين الفرنسيين عينهم في المناصب المسؤولة في فرنسا على غرار السفيرين السابقين في لبنان برنار إيمييه وإيمانويل بون بمناصب رفيعة تخص لبنان ستستمر فرنسا في التمادي في أخطائها على شكل آلة التفتيش الالكتروني التي وضعت أمام باب السفارة خشية على أمن سفيرتها التي ألقت خطاباً في اليوم الوطني الفرنسي اقل ما يقال فيه انه “تربيح جميلة”، بينما فرنسا اليوم أكثر حاجة الى وضع هذه الأكشاك الالكترونية على مداخل مدنها الكبرى تفادياً لانزلاق جمهورية نابوليون وديغول وماكرون باتجاه حروب أهلية تهدد أمن مواطنيها”.