خطاب نصرالله… تصعيد مغلف بالهدوء!
بدا لافتاً أن خطاب أمين عام “حزب الله” السيّد حسن نصر الله كان هادئاً جداً في الشكل، إلا أنه في المضمون تضمّن الكثير من المواقف المهمة التي يمكن البناء عليها لمعرفة خطّة مسار “الحزب” في المرحلة المُقبلة وكيفية تعاطيه مع الملفّات المطروحة من رئاسة الجمهورية الى الحدود البرية وغيرها من الملفات الخلافية الكبرى.
حسم السيّد نصر الله أن “الحزب” ليس بصدد تقديم أي تنازلات على خط الأزمات الحدودية، إذ قال بأنه يؤيّد الذهاب الى حلّ شامل لمسألة الحدود والنقاط الخلافية على أن يحصل لبنان على كامل حقوقه في هذا الملفّ وكل ما دون ذلك لن يُؤدّي مهما كان حجم الضغوطات الى سحب الخيمة التي ثبّتها في مزارع شبعا.
وأكّد السيد نصر الله بشكل واضح في خطابه على إعطاء حريّة الحركة لمقاتلي “حزب الله” للذهاب بعيداً في حال تمّ الاعتداء على الخيمة، وكذلك لمّح بأن “الحزب” قد يقوم بأعمال عسكرية من أجل تحرير الجزء اللبناني من قرية “الغجر”، الامر الذي يفتح الباب أمام مسار تصعيدي كبير في المرحلة المقبلة قد يتدحرج ليتحول الى اشتباك عنيف وربّما معركة كبرى.
في الملفّ الداخلي، لم يكن السيّد نصر الله ليّناً مع حليفه “التيار الوطني الحر” بالرغم من الإشارات الإيجابية التي عبّر عنها في خطابه، إذ إن هذه المؤشرات بدت مبنية على فكرة الحوار الذي بدأ بين “الحزب” و”التيار” بهدف تهدئة العلاقات الثنائية وإعادة الأمور الى نصابها، لكنّ ذلك لا يعني بأن “الحزب” قد شطب من ذاكرته المرحلة الفائتة من الخلاف والتصعيد الكبير الذي انتهجه “التيار” ضدّه.
وربطاً بذلك، كان واضحاً جداً أن السيّد نصر الله أكّد على عدم تنازله عن ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، لكنه أشار أيضاً الى أنه منفتح على الحوار على أن تقنعه القوى السياسية بمرشح آخر لا يكون على غرار الأسماء السابقة المطروحة في مواجهة فرنجية، لكنّه في المقابل أكّد من خلال تذكيره بمرحلة دعم ترشيح رئيس الجمهورية السابق ميشال عون على أن مرشّحه الحالي هو مرشح جدّي ولا يمكن لـ”الحزب” التنازل عنه مقابل مكتسبات سلطوية.
وتشير مصادر سياسية مطّلعة الى أن خطاب السيّد نصر الله رغم هدوئه الا أنّه مهّد لمرحلة قد يكون فيها التصعيد هو الحل سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، خصوصاً أنه اعتبر أن “الحزب” لن يدعو بعد اليوم للحوار حول الملف الرئاسي لأن المواقف باتت واضحة ومعروفة وتتكرّر بصورة مملّة، ما يعني أن إصرار “الحزب” على فرنجية بات اليوم أكثر من أي وقت مضى وعلى القوى السياسية التعامل مع هذا الأمر على اعتباره أمراً واقعاً.