قضية المفقودين غير مرشحة للنسيان.. و”اجتياح” سوري فاقع!
وفقاً لتقارير الصليب الأحمر اللبناني، فإن الآلاف من الأشخاص في عداد المفقودين في لبنان خلال النزاع 1975-1990 . وهم في غالبيتهم من الشباب الذكور في العشرينيات من العمر ومن جنسيات مختلفة (لبنانية وسورية وفلسطينية ومن جنسيات أخرى)، ومن ديانات مختلفة ( مسلمين ودروزًا ومسيحيين). وكذلك من انتماءات سياسية مختلفة.
كما كانت الغالبية العظمى من المفقودين مدنيين. هذه المعاناة لاتزال مستمرة إلى اليوم، فمنذ نهاية الحرب الأهلية في لبنان عام 1990، ولا تزال المنظمات الحقوقية والإنسانية تدعو الحكومات اللبنانية المتعاقبة إلى اتخاذ تدابير ملموسة لإجلاء مصير الأشخاص المفقودين والإجابة على استفسارات عائلاتهم. شمل ذلك المبادرة التي تقدمت بها اللجنة الدولية للصليب الأحمر لصياغة قانون بشأنهم. ويقضي ذلك القانون بإنشاء لجنة وطنية وحفر المقابر الجماعية واستخراج الرفات البشرية وتحديد هوية أصحابها والبحث مع السلطات السورية عن مصائر اللبنانيين الذين قضوا في سجون الاستبداد هناك.
مؤخراً، أثارت الإعلامية اللبنانية نور سليمان قضية المفقودين في تحقيق مؤثر نشره موقع درج الإلكتروني جاء بعنوان: “طواحين الهوى”: قصص نساء من أهالي المفقودين. قالت فيه الأم نهاد الجردي وهي تحمل الصورة الوحيدة التي تملكها لابنها أيمن سليم، قبل ان يُخطَف على حاجز مسلح في منطقة بحمدون في 28، حزيران 1982: “أنا صار عمري 82 سنة. إذا كنت اليوم، ما رح كون بكرا، خلصت الحياة”.
تزامن تحقيق نور سليمان مع صدور كتاب “طواحين الهوى” الذي أطلقته لجنة أهالي المفقودين والمخطوفين قسراً بالتعاون مع المركز الدولي للعدالة الانتقالية، وجمع قصة نهاد إلى جانب قصص 14 سيدة أخرى ممن يتشاركن معها الألم نفسه.
احتوى الكتاب قصصاً كثيرة، بينها قصة “أمي المتسوّلة” لسعاد الهرباوي التي خُطف شقيقها أحمد الهرباوي على حاجز في منطقة الأشرفية في آذار 1975، وفيها تسترجع سعاد كيف غير اختطاف شقيقها حياة والدتها إلى الأبد، وحوّلها إلى معاناة كبرى لا تنتهي. لقد أمضت والدة سعاد عمراً كاملاً وهي تتسول حقيقة مصير ابنها.
تكتب سعاد أنها لن تتخلى عن القضية حتى آخر نفس في روحها، لأنها عاهدت والدتها بذلك بعدما أوصتها قبل وفاتها: “لا تنسي أن تطرقي على قبري عند عودة أحمد، لكي يرتاح قلبي، ويثلج التراب فوق رأسي”.
جاء في مقدمة الكتاب: “أحد لم يسألنا عن أحوالنا، وعن كيف تمر أيامنا… أحد لم يقترب ليسمع دقات قلوبنا، ليستمع إلى معاناتنا وكوابيس ليالينا. كأننا وُجدنا في هذه الدنيا لنكون أهالي مفقودين، ليكون أولادنا أولاد مفقودين”.
أمام هذه القصص المؤلمة تصبح حدود الكلام ضيقة، لقد انتهت الحرب الأهلية اللبنانية منذ عام 1990، وتصالحت ميليشيات السلاح، وأصدرت العفو عن نفسها بدلا من محاسبتها ومحاكمتها. كذلك تقاسمت السلطة والنفوذ والفساد، فيما حسرة أمهات المفقودين لا تزال مستمرة. هناك أمهات يصلحن للانتحار، رغم كل التحديات. لكن يبقى السؤال: إلى متى تتجاهل الحكومات اللبنانية المتعاقبة آلام أهالي المفقودين؟
اجتياح سوريّ
انتشر مؤخراً وبشكل فاضح تقرير إخباري بعنوان “اجتياح سوري من نوع آخر” بثته قناة ” أم تي في” اللبنانية يتحدث عن الانتشار السوري في لبنان وتملكه للأراضي اللبنانية. وقد انهالت عليه التعليقات من رواد مواقع التواصل الاجتماعي لما يحمله من كراهية مشبعة وعنصرية فاقعة. أبرز ما جاء في التقرير: “بعد الانتشار الديمغرافي المخيف والضغط لدولرت المساعدات وغزو قطاعات العمل وضمان الأراضي الزراعية. بدأ تملك النازحين السوريين للعقارات والسيارات في لبنان يتسع إن بشكل مباشر أو غير مباشر. التملك السوري يتم بطريقتين: الاولى من خلال حصول أي شخص على إقامة مؤقتة أو إقامة مجاملة في حال زواجه من لبنانية مما يسمح له بتسجيل سيارات باسمه، وهذا نموذج لاحد النازحين حصل عليه من دوائر من الامن العام، حيث الطلبات بالآلاف والكلفة أربعة ملايين ليرة فقط مع شروط وجود كفيل لبناني. أما طريقة التملك العقاري فتكون عبر تملّك النازح بتعهد لدى كاتب العدل بانه لا يملك عقاراً في لبنان يحصل عندها على نفي ملكية ما يسمح له بالتملك والحصول بعدها إقامة سنوية فئة أولى”.
لنبدأ بالعنوان “اجتياح سوري”: هل النزوح السوري إلى لبنان بعد الحرب الدامية التي أحرقت سوريا ودمرتها تعادل اجتياح اسرائيل للأراضي اللبنانية في 6 حزيران عام 1982؟ كيف يمكن لسياسة القناة أن توازي بين اجتياح العدو الاسرائيلي لدخول عائلات تحاول اللجوء إلى وطننا والاحتماء من هدر الدماء والدمار والموت المحتم؟