استعادة الثقة مُفتاح الدعم: أي مرشّح قادر على الإنقاذ؟
تدهور صيت لبنان دولياً وبات في عيون العالم مرتعاً للفساد والصفقات ومرادفاً للسرقة والانهيار، بعد أن كان قبلة الشرق ومدرسته ومستشفاه والجامعة، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”. آخر المحطات السوداء التي سُجّلت في هذا السياق، أتت من فرنسا.
الاثنين، أوصى ديوان المحاسبة الفرنسي الحكومة بتقييم مدى فاعلية مساعداتها المالية للبنان من أجل تلبيةٍ أفضل لاحتياجات الشعب اللبناني الغارق في أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية حادة. ودقّق ديوان المحاسبة الفرنسي في المساعدات التي قدّمتها الدولة الفرنسية للبنان خلال الفترة الممتدّة بين 2020 و2022 من أجل التخفيف من تداعيات الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يتخبّط بها هذا البلد. وفي تقرير نشره، قال إنّه خلص بنتيجة عملية التدقيق التي أجراها للمساعدات التي قدّمتها باريس لبيروت إلى أنّه يتعيّن على الحكومة توخّي الحذر الشديد في مساعداتها وقروضها للبنان. وأوضح الديوان في تقريره أنّه “بعدما طال أمد الأزمة اللبنانية، من المهمّ الآن نشر آليات دائمة لتوحيد الإحصائيات، من أجل الحصول على الأدوات اللازمة لقياس مدى اتّساق وفعالية وتأثير المساعدات العامّة الفرنسية وتوجيه التدفّقات المالية بشكل أفضل نحو احتياجات اللبنانيين”.
ولفت ديوان المحاسبة إلى أنّه “في مسألة حسّاسة ومعقّدة مثل المساعدات للبنان، من المنطقي أن يهيمن النهج السياسي. مع ذلك، لا بدّ من تعزيز مراقبة الالتزامات والمدفوعات على المستوى المركزي”. وأشار الى أنّ هذا الأمر سيتيح إجراء عملية تقييم أكثر دقّة “لطبيعة القروض الممنوحة ونطاقها، والتحقّق من مدى اتّساقها (..) وتقييم تأثيرها وتوفير أدوات فعّالة لتوجيهها”.
هذا التقرير الذي لم تعلّق عليه السلطات اللبنانية، يشكل مؤشرا إضافيا على أن الثقة العالمية بلبنان- الدولة، باتت مفقودة في شكل شبه تام. فمنذ الانهيار الذي بدأ اثر اندلاع الثورة ضد الحكام في بيروت عام 2019، انسحبت العواصم الكبرى من لبنان تدريجيا على الصعيدين المالي والاقتصادي، وقررت اقفال “حنفية” المساعدات التي كانت تجيّرها الينا على شكل استثمارات وودائع وملايين الدولارات المخصصة للمشاريع الانمائية.. بعد ان ثبت لها ان كل هذا الدعم ذهب سدى وهدرا ولم يستفد منه اللبنانيون بشيء بل صُرف على المصالح الخاصة للطبقة النافذة الممسكة بمقاليد حكم البلاد.
اليوم، بات اللبنانيون أمام معادلة دولية واضحة: اصلاحات، ومكافحة فساد، ورئيس وحكومة انقاذيان يتعاونان مع صندوق النقد الدولي، او لا دعم خارجيا للبنان المنهار الذي بات اكثر من نصف شعبه تحت خط الفقر.
عليه، يجب أن يكون هذا العامل حاضراً بقوة لا بل جوهريا لدى اختيار رئيس الجمهورية. أي أن الشخصية العتيدة يجب ان تكون نظيفة الكف وغير منغمسة في الفساد وصاحبة مسيرة ناصعة وصاحبة كفاءة تساعده في قيادة هذه الرحلة الطويلة نحو بر الأمان.
واختصرت واشنطن الموقفَ الدولي في هذا الشأن وقالتها السفيرة الاميركية دوروثي شيا بوضوح “رئيس غير فاسد، يمكنه توحيد الشعب ويعمل مع الجهات الفاعلة الاقليمية والدولية لتجاوز الازمة، وتشكيل حكومة قادرة على تطبيق الاصلاحات الهيكلية والاقتصادية لمعالجة الازمة السياسية والاقتصادية ومواكبة مرحلة الاستحقاقات”.
ففي ايّ من المرشحين المتداولةِ أسماؤهم اليوم، تتوافر هذه الشروط؟