هل يؤسس بو صعب لحالة “عونية” جديدة؟
منذ مدة غير بعيدة، ارتفعت وتيرة الحديث داخل “التيار الوطني الحر”، وخصوصا بين اعضاء تكتل “لبنان القوي” عن خلفيات وتداعيات تغريد نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب خارج سرب قرارات قيادته. وذهب البعض الى اعتبار أن تمايزه هذا سيكلفه على الارجح خروجا او اخراجا من التكتل، العضو فيه والمنتسب اليه حزبيا، وان موعد الحسم رهن مشاورات تكثفت اثر تصويته للوزير السابق زياد بارود في الجلسة الانتخابية الثانية عشرة التي عقدت الاربعاء الماضي، ثم اقتراحه على رئيس مجلس النواب نبيه بري دراسة اجراء انتخابات نيابية مبكرة، “إذا بقي المجلس النيابي عاجزا عن انتخاب رئيس للجمهورية وفي حال لم يقتنع السياسيون بوجوب التواصل الجدي بين كل المكونات، لتجنب الفراغ القاتل للبلد الذي قد يمتد لسنوات…”.
حتى اللحظة، لم يتخذ القرار، وقد لا يتخذ راهنا، بحسب ما تؤكد اوساط في التيار لـ”المركزية”، فبو صعب ليس مجرد نائب عادي في التكتل ليتم اتخاذ قرار بطرده كونه لم يلتزم قرار القيادة، على غرار ما سرى على نواب تمردوا او قياديين رفضوا الانصياع لقرارات النائب جبران باسيل، انما يشغل منصب نائب رئيس مجلس النواب، بما يكتسب من أهمية، الا ان السؤال يطرح حول ما اذا كان بو صعب نفسه سيبقى في التيار ام يتخذ هو قرار الانفصال، بعدما ارتفع جبل الخلافات عاليا مع باسيل لا سيما في الاونة الاخيرة بفعل تقرب نائب المتن الارثوذكسي من رئيس مجلس النواب نبيه بري على رغم هوة الخلافات الواسعة بينه والتيار البرتقالي، ما خلق حساسية داخل التكتل.
تقول مصادر مطلعة على اجواء الحالة العونية لـ”المركزية” ان بو صعب يبدو “فاتح عاحسابو” يتحرك من دون تنسيق مع رئيس التيار، حتى ان ثمة تشكيكاً بأن الرئيس بري قد يكون خلف طرح الانتخابات النيابية المبكرة لاستخدامها ورقة ضغط على التيار والتهويل عليه لاخضاعه، انطلاقا من اعتقاد البعض ان شعبية التيار تقلصت، والانتخابات إن حصلت سيفقد الكثير من نوابه الذين امّن حزب الله فوزهم باصوات قاعدته الشعبية، فيسترجع الثنائي بذلك “ودائعه” من حليف الامس، ردا على مواقف باسيل وممارساته واصطفافه في المقلب المعارض. وتعتبر ان اجتماعات بو صعب مع بعض نواب المعارضة هدفها ممارسة الضغط لحملهم على التخلي عن دعم ترشيح جهاد ازعور وصولا الى تنحيه، فيصبح متاحا انذاك البحث مع الثنائي بامكان التخلي عن فرنجية لبلوغ مرحلة التسوية بمرشح “لا غالب ولا مغلوب” وفق ما تريد فرنسا والسعودية. الا ان اوساط التيار تؤكد ان شعبيته ما زالت هي هي، لأن مناصريه يصوتون عن قناعة بمبادئه، كما ان ابتعاده عن الحزب من شأنه ان يجذب المزيد من الشعبية خصوصا ممن لم يستثيغوا التحالف وسجلوا ملاحظات كثيرة عليه. وتبعا لذلك، هو لا يخشى انتخابات نيابية ولا بلدية والايام ستثبت حجمه وقوته.
بو صعب يعتمد سياسة الاعتدال والانفتاح على مختلف القوى السياسية، وقد اثبت ذلك من خلال مبادرته التي قادته الى لقاءات واجتماعات مع رؤساء الاحزاب كافة على تلاوينهم من حلفاء التيار كما من خصومه، ويبدو يؤسس لحالة جديدة يحاول من خلالها جمع العونيين القدامى ممن خرجوا او طردوا من التيار في عهد باسيل، اذ يكشف بعض من هؤلاء لـ”المركزية” عن تواصل يجري معهم في هذا الاطار، غير محدد حتى اللحظة الي اين يصل وما هي ابعاده الاساسية، لكنه يهدف على ما يبدو الى لمّ الحالة العونية الاصلية واعادة تكوين نواة بعيدة من الحالة الباسيلية التي اقصت نوابا وقادة ناضلوا وضحوا في سبيل القضية فكان مصيرهم الاقصاء، وفق هؤلاء.