محاولات متكررة لتعطيل التشريع وعمل الحكومة وميقاتي: همّنا تسيير عمل الدولة
يتنافس نواب الامة، ومن ورائهم القيادات والاحزاب السياسية، على التعطيل الممنهج لكل المؤسسات، بدءا برئاسة الجمهورية مرورا بالتشريع في مجلس النواب وصولا الى جلسات مجلس الوزراء، وكأن الناس انتخبتهم للتعطيل وليس للانتاجية. واذا كانت الحجة المستهلكة المتداولة لديهم هي عدم جواز استمرار الوضع بشكل طبيعي في ظل الشغور الرئاسي، فالاحرى لديهم ان يواظبوا على البقاء في المجلس لانتخاب الرئيس، لا تبادل الادوار في تعطيل الجلسات .
هذا النهج المتعمد في التعطيل الذي يحاول البعض الباسه اثوابا دستورية، كان خالفه المجلس الدستوري بشكل واضح بقراره رقم ٦/٢٠٢٣ الصادر تاريخ ٣٠/٥/٢٠٢٣ والمتعلق بالمُراجعات المُتعلّقة بالطّعن بقانون التّمديد للمَجالس البلديّة والاختياريّة رقم ٣١٠ تاريخ ١٩/٤/٢٠٢٣ . فالمجلس الدستوري أكد مَبدأ استمراريّة المِرفق العام ذي القيمة الدستوريّة، وأن انتظام أداء المؤسّسات الدستوريّة هو أساس الانتظام العام في الدولة، وإنّ الفراغ في المؤسسات الدستوريّة يَتعارض والغاية التي وجِدَ من أجلها الدّستور، ويُهدِد النظام بالسقوط ويَضع البلاد في المَجهول.
كما أكّد دستوريّة التشريع في ظلّ خلوّ سدّة الرئاسة ولحين إنتخاب رئيس جديد، مُستنداً بذلك إلى أنّ الغاية من المادة /٧٥/ من الدستور التي تنّص على “أنّ المجلس المُلتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يُعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعيّة ويَترتّب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة دون مُناقشة أو أي عمل آخر”، هي فقط إعطاء الأوليّة لانتخاب رئيس للجمهورية وحثّ المجلس على الإسراع في الإنتخاب ومَنعِه من القيام بأي عمل آخر أو مُناقشة في الجلسة المُخصّصة للإنتخاب، أمّا الشؤون العامة الأخرى الداخلة في اختصاص مجلس النواب فيُمكن عرضها في جلسات أخرى لطرحها ومُناقشتها وأخذ القرارات بشأنها، مُشيراً إلى أنّه إذا كانت شؤون المواطنين توجب التّشريع في ظلّ الشغور الرئاسي مع وجود حكومة كاملة الصّلاحيات، فإنّه من باب أولى القيام بذلك الواجب في ظلّ حكومة تصريف الأعمال.
وفي المجال الحكومي اكد المجلس الدستوري وجوب انعقاد الحكومة بهيئة تصريف الأعمال، ومُمارستها لصلاحيات رئيس الجمهورية وكالةً حتّى ولو كانت في مرحلة تصريف أعمال، وعدم وجود ما يُسمّى صلاحيات لَصيقة بشخص رئيس الجمهوريّة لا يُمكن للحكومة مُمارستها وكالةً، ودستورية الآليّة المعتمدة لعقد جلسات مجلس الوزراء وإتّخاذ القرارات فيه”.
واذا كنا نعيد التذكير بما قرره المجلس الدستوري، فللاضاءة على ما فعله قسم من النواب بالامس في مقاطعة الجلسة التشريعية المخصصة لفتح اعتمادات لدفع رواتب ومخصصات القطاع العام، بعدما كانت مهددة بالتوقف. لكن الجلسة نجحت بتجاوز التعطيل وتوافر النصاب بمشاركة نواب “تكتل لبنان القوي”.
في المقابل، لا يزال رئيس “التيار الوطني الحر” يفرض حظرا على مشاركة وزراء “التيار” في الجلسات الحكومية، وهو استغل مناسبة حديثه التلفزيوني ليل أمس لتبرير فعلته و”للتفجّع على الدستور” واتهام الحكومة ورئيسها بتجاوز الدستور والاصول.
لكن التناقض الاساسي الذي يعجز باسيل وفريقه المعطّل عن تبريره هو اذا كانت عدم مشاركة وزراء “التيار” في الجلسات الحكومية هي لحفظ صلاحيات رئيس الجمهورية، فما هو التفسير لاستمرار الوزراء في مهامهم اليومية والمشاركة في الاجتماعات الوزارية وطلب وضع ملفات وزاراتهم على طاولة مجلس الوزراء لبتها، ولو في غيابهم؟
والسؤال الاهم المطلوب من باسيل وفريقه السياسي الاجابة عليه، هل الحكومة هي المسؤولة عن الشغور الرئاسي؟ ام انها ملزمة دستوريا ووطنيا واخلاقيا بالاستمرار في مهامها لعدم ترك البلد في المجهول؟
ازاء ما تقدم، يبقى كلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في مجلس النواب بالامس خير رد حيث قال: “نعم جدول اعمال مجلس الوزراء يكون كاملا من اجل تسيير عمل الدولة، وان الحكومة تقوم بدورها بتسيير أمور الدولة والمواطنين، وليس هناك أيّ شيء شخصي يتم تمريره”.وأعلن “أنّ موازنة الـ2023 جاهزة، وسندعو إلى جلسات حكومية متتالية لإقرارها”.وقال “إن وزارة المالية سترسل المشروع النهائي للموازنة الى الحكومة قبل آخر شهر حزيران للبدء بمناقشتها”.
وفي السياق الحكومي ايضا، يعقد مجلس الوزراء جلسة عند التاسعة والنصف من صباح غد الاربعاء في السرايا وعلى جدول اعماله 33 بندا.