رغم الوعود.. السعودية ستنفّذ حكم الإعدام بحق 3 شبّان.. فمن هم؟
سلطت منظمة العفو الدولية (أمنستي)، في تقرير مطول نشر، الجمعة، الضوء على ملفات بعض المحكومين بالإعدام من الأحداث في السعودية.
وقالت المنظمة إنه على الرغم من التزام السلطات السعودية المعلن بوضع حد لاستخدام عقوبة الإعدام ضد أحداث دون سن 18 عاما وقت ارتكاب الجريمة، فإن سبعة شبان معرضون لخطر الإعدام الوشيك، بعد أن أيدت محكمة استئناف عقوبتهم.
وسيشكل إعدامهم، إذا نفذ، تصعيدا مروعا لاستخدام عقوبة الإعدام الذي حطم رقما قياسيا، حيث زاد عدد عمليات الإعدام في البلاد سبعة أضعاف في السنوات الثلاث الماضية وحدها.
وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “لقد وعدت السلطات السعودية بالحد من استخدام عقوبة الإعدام، واعتمدت إصلاحات قانونية تحظر إعدام الأشخاص الذين كانوا أحداثا في وقت ارتكاب الجريمة. وإذا أرادت السلطات أن تؤخذ أي من هذه الوعود على محمل الجد، فعليها أن تأمر بالوقف الفوري للإعدام المزمع للسبعة الذين كانوا جميعا أحداثا وقت القبض عليهم”.
ما قصة الرجال السبعة؟
وذكرت المنظمة “كان الرجال السبعة أحداثا دون سن 18 عاما، بمن فيهم طفل كان عمره 12 عاما، وقت ارتكاب الجرائم المزعومة. كما حرموا من التمثيل القانوني طوال فترة حبسهم الاحتياطي. وأيدت محكمة استئناف أحكام الإعدام الصادرة بحقهم في الفترة بين مارس 2022 ومارس 2023. وحُكم على ستة منهم بتهم تتعلق بالإرهاب، والسابع بتهمة السطو المسلح والقتل، بعد محاكمات جائرة اعتمدت على اعترافات مشوبة بالتعذيب.
وفي عام 2018، اعتمدت السعودية نظام الأحداث الذي حدد عقوبة قصوى بالسجن لمدة 10 سنوات لأي شخص دون سن 18 عاما يدان بجريمة التعزير. كما منع أمر ملكي صدر في 2020 القضاة من فرض أحكام إعدام تقديرية على الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما وقت ارتكاب الجريمة التي أدينوا بها.
وفي مايو 2023، أكدت هيئة حقوق الإنسان السعودية في رسالة إلى منظمة العفو الدولية أن “تطبيق عقوبة الإعدام على الأحداث في جرائم التعزير قد ألغي نهائيا”.
وأدين ستة من الشبان السبعة بتهم تتعلق بالإرهاب، بما في ذلك المشاركة في الاحتجاجات المناهضة للحكومة أو حضور جنازات الذين قتلوا على أيدي قوات الأمن.
وينتمي الشبان الستة المحكوم عليهم بالإعدام إلى الأقلية الشيعية، التي يواجه أفرادها بشكل روتيني التمييز والمحاكمات الجائرة بتهم مبهمة وواسعة النطاق نابعة من معارضتهم للحكومة، وفقا لأمنستي.
يوسف المناسف
حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة على، يوسف المناسف، الذي كان يتراوح عمره بين 15 و18 عاما وقت ارتكاب الجريمة المزعومة، بالإعدام في نوفمبر 2022، وفقا لأمنستي.
ووفقا للائحة اتهامه وحكمه، اللذين اطلعت عليهما منظمة العفو الدولية، أدين يوسف المناسف بعدة تهم منها: “السعي لزعزعة النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية، والمشاركة والترويج والتحريض على الاعتصامات والمظاهرات والتجمعات التي تمس وحدة واستقرار المملكة”. وقالت عائلته إنه لم يسمح لهم برؤيته أو زيارته إلا بعد أكثر من ستة أشهر من اعتقاله، وخلال هذه الفترة قالوا إنه احتجز في الحبس الانفرادي. وأيدت محكمة الاستئناف عقوبته في مارس 2023.
وتاريخ ميلاده 8 سبتمبر 1996، واعتقل بتاريخ 6 أبريل 2017، ومن الانتهاكات التي مورست بحقه: “الاعتقال التعسفي، المنع من أحقية الزيارة والتواصل مع الأسرة، المنع من أحقية توكيل محامي، التعذيب وسوء المعاملة، منع المراقبين من حضور المحاكمة والجلسات”، وقد “تعرض للتعذيب الوحشي أثناء الاحتجاز، ما أدى إلى نقله إلى المستشفى”، وفقا لمنظمة “القسط”.
عبد الله الدرازي
كان الدرازي، يبلغ من العمر 17 عاما وقت ارتكاب الجريمة المزعومة. وأدين، من بين تهم أخرى، بتهمة “المشاركة… في تجمعات مثيري الشغب في محافظة القطيف… وترديد الهتافات المناوئة للدولة وإحداث فوضى” و”مهاجمة مسؤولي الأمن بقنابل المولوتوف”. وقال للمحكمة إنه احتجز احتياطيا لمدة ثلاث سنوات ولم يسمح له بالاتصال بمحام طوال فترة تحقيقاته وحبسه الاحتياطي.
ووفقا لوثائق المحكمة، التي اطلعت عليها منظمة العفو الدولية، قال الدرازي للقاضي: “أطالب بإيقاع الكشف الطبي على لجنة مستقلة لإثبات واقعة التعذيب… كما أن سجلات مستشفى مباحث الدمام تثبت أنني أتعالج من آثار الضرب على أذني من فترة التحقيق معي حتى الآن، وأطالب بتقرير طبي منهم يثبت هذا الأمر”.
وأخفقت المحكمة في إجراء تحقيق طبي مستقل أو التحقيق في مزاعم تعرضه للتعذيب، وبدلا عن ذلك، في أغسطس 2022، أيدت محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة حكم الإعدام الصادر بحقه.
وفي 9 أغسطس 2022، أيدت محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة في السعودية حكما بقتل الدرازي تعزيرا، وهو من مواليد 8 أكتوبر 1995، بعد محاكمة هزلية افتقرت لأبسط شروط العدالة، وفقا لـ”المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان”.
وقالت المنظمة “مكث الدرازي لمدة ثلاث سنوات في السجن الاحتياطي قبل بدء محاكمته في أواخر أغسطس 2017. على الرغم من إخباره للقضاة – أثناء سير المحاكمة – أن الاعترافات التي قدمتها النيابة العامة كدليل ضده اُنتزِعت منه تحت وطأة التعذيب في فترة التحقيق التي حُرِم فيها من الاستعانة القانونية، أصدروا حكما بقتله تعزيرا بعد عدة جلسات استغرقت قرابة 6 أشهر (فبراير 2018). لم تقدم النيابة العامة أي دليل مادي على ارتكابه الجرائم المزعوم ما عدا الاعترافات التي طعن في صحتها”.
وفي 27 أغسطس 2014، اعتقلت عناصر من مركز شرطة جزيرة تاروت عبد الله الدرازي من وسط الشارع بعد الانهيال عليه بالضرب الشديد. كان عمره حينها ثمانية عشر عاما وعشرة أشهر.
وأضافت هبة مرايف أن “إعدام الأشخاص الذين كانوا دون 18 عاما وقت ارتكاب الجريمة التي أدينوا بها، أو لجرائم لا تنطوي على القتل العمد، أو بعد محاكمات جائرة، بما في ذلك على أساس اعترافات انتزعت بالتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة، يشكل انتهاكا للقانون الدولي. فعقوبة الإعدام هي أقصى أشكال العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة”.
نطاق واسع لعمليات الإعدام
وفي الرسالة نفسها الموجهة إلى منظمة العفو الدولية في مايو، كشفت هيئة حقوق الإنسان السعودية عن إعدام 196 شخصا في 2022. وهذا العدد هو أعلى بكثير من عدد عمليات الإعدام التي أبلغت عنها وكالة الأنباء السعودية الرسمية وسجلتها منظمة العفو الدولية في 2022، والتي بلغت 148 عملية إعدام.
وختمت هبة مرايف حديثها بالقول: “التفاوت بين عدد عمليات الإعدام التي قدمتها هيئة حقوق الإنسان السعودية وتلك التي أبلغت عنها وكالة الأنباء السعودية يشير إلى أن حجم عمليات الإعدام أسوأ من ذلك الذي تنقله وكالة الأنباء السعودية بانتظام. وإذا كانت السلطات السعودية ترغب في أن تُؤخذ أي من خططها الإصلاحية المعلنة على محمل الجد، فعليها كخطوة أولى أن تفرض وقفًا لتنفيذ أحكام الإعدام، لضمان عدم قبول المحاكم لأي أقوال منتزعة عن طريق التعذيب”.
ولم يحصل موقع “الحرة” على تعليق من السفارة السعودية في واشنطن بشأن الإعدام المحتمل لهؤلاء الشبان رغم مناشدات المنظمات الحقوقية.
الحرة