اهم الاخبارمحليات

فرنجيّة المجروح إذ يَجرَح

تاريخ ١٣ حزيران، بالنسبة الينا، هو واحد من تواريخ سوداء أليمة أوّلها في ١٣ الأول، نيسان، وبعده كانت حلقات من تواريخ خلّفت ندوباً في جسد الوطن، لم يُشفَ منها بعد. 

لكنّ هذا التاريخ، بالنسبة الى سليمان فرنجيّة، يمسّه شخصيّاً وهو أهمّ من سائر أوراق روزنامة حياته، بما فيها من إنجازاتٍ وإخفاقات. هو الجرح الأبديّ. وهو يستحقّ، خصوصاً في هذا التاريخ، أن يُفهَم لا أن يُجلَد.
إلا أنّ البعد الإنساني لهذه المناسبة يجب ألا يُزجّ في استحقاقٍ رئاسي نشهد انقساماً لبنانيّاً حوله، في بلدٍ اعتاد الانقسامات وبات يهواها.
وإذا كان سليمان فرنجيّة وقف في قصر اهدن، الذي شهد المجزرة الأليمة، مجروحاً ومستعيداً، في داخله، ما حصل في ذلك اليوم الذي أصبح فيه صبيّاً يتيم الأب والأم، ووحيداً، فإنّه أخطأ في تحويل المناسبة التي تستدعي خشوعاً وفحص ضمائر الى حدثٍ سياسيّ أطلق خلاله سهاماً في أكثر من اتّجاه، بلغةٍ حاكت الغرائز أكثر من العقول.
فرنجيّة المجروح جرح آخرين في كلامه. وصفُ سياسيّ بـ “النعنوع” هو انحدار في اللغة. الهجوم في اتجاهاتٍ أخرى يبدو صادراً عن مرشّح رئاسي “مزروك”، ولا يعبّر عن قوّة اعتاد فرنجيّة أن يمتاز بها، ويكون مترفّعاً.

لم يترفّع أمس، وفي هجومه على قياداتٍ مسيحيّة حصراً ألبس نفسه، أكثر، ثوب المرشّح المدعوم من المسلمين، خصوصاً الشيعة، أكثر من المسيحيّين.
ربما من هاجمهم سليمان فرنجيّة ليسوا قدّيسين، وهم ارتكبوا أخطاء بالجملة، بحقّه تحديداً، ولكنّه، في مسيرته السياسيّة وفي وجوده في الحكومات المتعاقبة، كان جزءاً من طبقة سياسيّة اعتمدت الزبائنيّة ولم يعترض يوماً على قراراتٍ ساهمت في وصول البلد الى ما وصل اليه، ولم يحقّق وزراؤه غالباً إنجازات تعطي نموذجاً عمّا سيكون عليه عهده. بل أصيب بعضهم بـ “لوثة” الفساد.
والأهمّ أنّ فرنجيّة يتماهى، أقلّه في المواقف المعلنة، مع حزب الله بشكلٍ كامل، ولم يصدر عنه يوماً موقفٌ يتضمّن اعتراضاً على سلوكٍ للحزب، أو تمايزاً عنه.

لا يعني ما سبق كلّه أنّه لا يحقّ لفرنجيّة أن يكون مرشّحاً. ولا يعني، أيضاً، أنّ مرشّحين آخرين يُتداول باسمهم هم أفضل منه. لا بل هو، على الأرجح، قادر على قول “لا” أحياناً، حتى لحزب الله. لن تصمد رِكَب آخرين، على الأرجح أيضاً، إن أتاهم اتصالٌ من “الحاج وفيق”. 
ولكن، بعد ١٤ حزيران، الذي يبعد ساعات فقط عن الذكرى الأليمة، سيكون على فرنجيّة أن يعيد حساباته. إن وجد أنّ طريقه الى بعبدا مسدود، عليه ألا يبقي طريق الحلّ مسدوداً أيضاً. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى