خارجيات

القمة العربية وحدود مفاعيلها

كتبت يولا هاشم في “المركزية”:

أُسدِلت الستارة على القمة العربية الـ32، لكن أصداءها لا زالت تصدح في أرجاء المنطقة لِما حملته من مواقف وأحداث. فقد أثبتت وبجدارة أنها قمة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي ترأسها في غياب الملك سلمان بن عبد العزيز. قمة بداية إمساك العرب بزمام الأمور بأيديهم. قمة لمّ الشمل العربي بامتياز في حضور الرئيس السوري بشار الاسد وعودته الى الحضن العربي بعد غياب 12 عاماً. قمة توزيع الرسائل من خلال مشاركة الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي حضورياً حيث خطف الأضواء. قمة توجيه رسائل باتجاه الولايات المتحدة الاميركية واوروبا وروسيا من جهة، وباتجاه الصين لتشجيعها على مبادرتها من جهة أخرى. والأهم ان الاسد والوفد السوري لم يغادرا القاعة لدى إلقاء زيلينسكي كلمته، رغم رفض الاسد وضع السماعات لمتابعة الخطاب، كنوع من تسجيل موقف اعتراض، لأن خروجه كان سيترك موقفاً عربياً واضحاً وتأثيراً سلبياً. وبذلك يكون الأسد قد خرج بإجماع عربي وعاد بتوافق إنما من دون اجماع.  

وتوازياً، أبدت كل من ايران وحزب الله، بحسب ما صرّح مقربون من الحزب، ارتياحهما للبيان الختامي، بما انه لم يتضمّن حملات على الحزب او ايران أو اتهامات لهما بضرب الاستقرار في المنطقة. فما هي انعكاسات القمة على المنطقة عموماً ولبنان خصوصاً. 

رئيس “المجلس الوطني لرفع الاحتلال الايراني عن لبنان” النائب السابق فارس سعيد يقول لـ”المركزية”: لا أتصور ان للقمة انعكاسات على المنطقة بقدر ما أن نجاحها يتقدّر في نجاح ولي العهد بجمع غالبية الدول العربية في هذه القمة. فالنجاح ليس نجاحاً عربياً بقدر ما هو نجاح شخصي لبن سلمان يتعلق بشخصية الأمير، الذي، بعد الاتفاق مع ايران، ترأس هذه القمة وفقا لرزنامة دورية وجمع من خلال علاقاته الخاصة غالبية الدول العربية إليها”. 

أما فيما يختص بلبنان، فيشير سعيد الى “ان ليس من تبدّل أو تأثير لهذه القمّة على الوضع الداخلي اللبناني. قبل القمة كنا بلا رئيس للجمهورية ونعاني من أزمة اقتصادية ومن شلل على مستوى مجلس النواب ولدينا مليونا نازح سوري، وبعد القمة أيضاً لا زالت الأمور على حالها”. 

ويؤكد سعيد ان “نجاح قمة بن سلمان يكمن في نظر غالبية العرب إليها بعين الأمل، وبأن مشروع ولي العهد السعودي في المنطقة يقدم شيئاً من الحداثة والاستقرار بعد الاتفاق الذي أبرمته السعودية مع ايران، وبالتالي نأمل بعد اليمن والعراق او سوريا ان يكون هناك هامش او مكان او دائرة للبنان في هذه القمة”. 

هل ستشهد سوريا تغييرات وسيبدأ الاسد بتنفيذ الشروط، يجيب سعيد: “الشروط وضِعت في إعلان عمّان في الاول من أيار، حيث تمّ وضع مبدأ “خطوة مقابل خطوة” والتي غابت عن البيان الختامي للقمّة العربية. وبالتالي، نأمل ان تخضع عودة الاسد لإعلان عمّان “خطوة مقابل خطوة” وألا نذهب للتطبيع مع الاسد بدون شروط عليه”. 

ماذا عن البند السادس من البيان الختامي الذي شدّد على وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية، وما المقصود منه؟ يجيب: “كم دبابة تملك الجامعة العربية كي تنفذ كل ذلك؟ القمة ليس لديها وسائل تنفيذية بقدر ما هي قمة تجمع غالبية الدول العربية وهدفها تثبيت الهوية العربية السياسية بلحظة اندفاعة تركيا وايران واسرائيل في المنطقة. في هذه الحدود نقرأ القمة ونجاحها”. 

ويؤكد سعيد ان “الحل للبنان داخلي ويبدأ باعتراف غالبية القوى بأن لبنان تحت الاحتلال الايراني. هذا الاعتراف غير موجود، ولا تزال القوى السياسية تبحث عن وسائل تحت وطنية للخروج من أزمة وطنية. غير صحيح ان اللقاءات التي تحصل بين الأحزاب أو بين النواب كفيلة بحلّ الازمة، لأن اساسها يكمن في وضع ايران يدها على لبنان، والخروج منها يتطلب قرارا لبنانيا لرفع الاحتلال الايراني عن لبنان”. 

البعض يعتبر ان الاتفاق السعودي – الايراني قوّى حزب الله، يجيب سعيد: “بغض النظر عن القمة والمصالح العربية – العربية، فإن مسؤولية استقلال وتحرير لبنان وتنفيذ أحكام الدستور مسؤولية لبنانية قبل ان تكون عربية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى