خارجيات

الأسد نجم القمة العربية… بداية العودة وليست نهايتها!

كتبت يولا هاشم في “المركزية”:

كل الانظار تتجه الى جدة اليوم بعد نجاح المملكة العربية السعودية في تحويل القمة العربية الروتينية الى قمة “استثنائية” بفعل الخطوات الانفتاحية المتسارعة تجاه دمشق، حيث تحولت مشاركة الرئيس السوري بشار الاسد الى حدث بحد ذاته. ويسود الترقب مفاعيل ما بعد القمة، وانعكاساتها على الملفات العربية الشائكة والساخنة في المنطقة ومنها لبنان. ويشكل ترؤس الرئيس السوري بشار الأسد وفد بلاده، التي غابت عن العرب وقممهم لـ12 عاماً، في اجتماعات جدة علامة فارقة في القمة التي يمكن إعتبارها قمة سوريا بامتياز.     

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا هذه السرعة بإعادة الاسد الى الحضن العربي رغم أنه لم يقدّم أي تنازلات ولم ينفذ أيا من الشروط المفروضة عليه، ويصر على أن سوريا لن تقبل بعودة اللاجئين إلا بعد أن تقدم دول الخليج أموالا لإعادة إعمار البلاد. حتى بند خروج ايران من سوريا يبدو أنه غير وارد لدى الرئيس السوري. 

مدير معهد الشرق الاوسط للشؤون الاستراتيجية الخبير الاقتصادي الدكتور سامي نادر يؤكد لـ”المركزية” ان “الأمر أكثر من عودة سوريا الى الحضن العربي أو التطبيع مع النظام، بل هو تطبيع مع عرابي النظام في سوريا لا سيما ايران نتيجة التقارب الايراني – السعودي، وهذه من اولى نتائجه او بالاحرى ثمنه. لكن أيضا هو نتيجة توطيد الشراكة بين روسيا والمملكة. فالسعودية تتعاطى مع الطرفين العرّابين ايران وروسيا، وهي الطرف الأقوى في هذا المعسكر وهما العرّابَان، وبالتالي من الطبيعي ان تنطلق الامور من هنا”. 

ويضيف نادر: “ثم يجب التركيز على ان العودة حصلت في إطار ما يسمى بالخطوة – خطوة، لذلك فإن عودة سوريا ستتم عندما تنتهي الخطوة الأخيرة. وبالتالي  ذهاب الاسد الى القمة يشكّل الخطوة الاولى، ستقابلها خطوات أخرى مُطالَب بها الاسد في موضوع الكبتاغون واللاجئين وغيرهما. هناك مواد مخدرات تصنّع في سوريا وتُهرّب الى دول الخليج عبر الحدود العراقية، هذه امور وضِعت على الطاولة. كما ان هذه العودة تتم تحت سقف القرار 2254 وإلا فإنها ستصطدم بأمور كثيرة على المستوى الدولي والاميركي والفرنسي والامم المتحدة. إذاً، يجب وضعها في هذا الإطار”. 

ويتابع: “لذلك، أرى ان هذه العودة نفّست الإحتقان في مجال تخفيف التصعيد الذي تسعى إليه المملكة، فهي عادت الى المشرق العربي والى سوريا ولبنان بعد ان كانت تغض الطرف عن مشاكل المنطقة. إضافة الى مصلحة السعودية مع روسيا خاصة في مسألتين، الاولى اسعار النفط حيث تتقاطع مصالحهما، فالاثنتان دولتان مصدرتان للنفط، وبالمناسبة السعودية أخذت مسافة من الاصطفاف الحاصل نتيجة الحرب الاوكرانية، والثانية المصلحة المشتركة معها في مواجهة الاسلام المتطرف. اما بالنسبة الى ايران، فتجمعهما مصالح اقتصادية مشتركة مرتبطة بسوق الطاقة إضافة الى مصلحة ايران بفك قيد العقوبات ولو جزئياً عنها”. 

لكن ما هي أهداف السعودية وما انعكاسات اتفاق بكين على المنطقة، فحتى التسوية في اليمن، والتي تُعتبر البند الاساسي والأهم بالنسبة للملكة، لم تُحرز تقدّماً ملموساً حتى الساعة، ناهيك عن القضايا الأخرى بدءا من العراق فسوريا ولبنان حيث لا جديد في الأفق. هنا يشير نادر الى ان ثمة خطوات في اليمن، والوضع افضل من السابق. لكن هل توقفت الاعتداءات الحوثية وعاد الحوثيون الى الصف تماما؟ كلا، لكن حتى الطرف السعودي لم نعد نسمعه ينتقد، لأن هذا اول ملف اقليمي، وهو امتحان لصلابة الاتفاق. ولا ننسى ان هذا الاتفاق حصل في بكين، ولا احد يملك قوة تأثير على ايران بقدر الصين، خاصة بعد ان ساءت العلاقة مع واشنطن. وبالتالي، هذا خيارهم البديل. فهل يُعقَل ان يضحوا بخيارهم البديل وخيار التوجه شرقا وبالدولارات التي تدخل إليهم؟ لأن الصين ما زالت هي الوحيدة التي تشتري النفط الايراني. باختصار، هذه بداية العودة وليست نهايتها”. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى