للحدّ من التهريب والتهرّب… اصلاح النظام الجمركيّ مطلوب بإلحاح!
كتبت سمر الخوري
حلقة اقتصادية مفرغة يدور فيها لبنان… فبعيدا عن الاصلاحات الهيكلية المطلوبة، تستمر القرارات العشوائية بالصدور، رغمّ أنها لم تثمر حتّى اليوم أيّ تغيير ايجابيّ يصبّ في المصلحة الاقتصادية والماليّة.
فعلى العكس تماما، ومع كلّ ارتفاع للدولار الجمركيّ تزداد نسبة التهرب الجمركي، ومعه تتهاوى الشركات وترتفع ارقام البطالة وتتناقص مداخيل الدولة…
فلبنان المشرع الحدود للتهريب، عرّض مع القرار الأخير برفع الدولار الجمركي الى حدود الـ 86 ألف ليرةفي عملية احتساب الرسوم والضرائب على البضائع والسلع المستوردة شركات عديدة لإحتمال الاقفال، خصوصا أنّ القرار يصب في مصلحة المهربين والمتهربين على حساب الخزينة العامة والشركات الملتزمة التصريح على البضائع التي تستوردها وتدفع جمركها، فمع هذا الارتفاع لن تتمكن الشركات الملتزمة من منافسة الشركات التي تتهرب جمركيا بعد اليوم…
ولكن على أيّ أساس سترتفع أسعار السلع؟
يوضّح الخبير الاقتصاديّ باتريك مارديني لـ “المركزية” أنّ الارتفاع سيكون مرتبطا بالنسب الجمركية، فكلّما ارتفعت نسبة الجمرك على السلعة ارتفع سعرها في السوق المحلية، وبهذا سترتفع أسعار السلع من 5 في المئة الى حدود الـ 30 في المئة، أمّا السلع المعفاة من الجمارك فأسعارها لن ترتفع.
الى التأثير المباشر الذي سيطال السلع، يلفت مارديني الى تأثير غير مباشر، سيلحظه المواطن في المؤسسات التجارية منها على سبيل المثال المطاعم والمقاهي التي تستهلك سلعا ارتفعت أسعارها، وبالتالي الأكلاف فيها سترتفع أيضا.
الاصلاحات الجمركية المطلوبة!
مشكلة الدولار الجمركي الاساسية، برأي مارديني، هي تعدد التعريفات من جهة والاعفاء من الجمرك من جهة أخرى في ظلّ الفساد المستشري.
فأحد مظاهر التهرّب يضرب بها مارديني مثالا هي الملابس، حيث يتم استيراد ملابس بماركات عالمية، وادخالها على أنها مستعملة بهدف تخفيض رسومها الجمركية.
اذا، “مكافحة التهرب الجمركي تكون عن طريق الاصلاحات”، يقول مارديني الذي يرى ضرورة بإعادة النظر في النظام الجمركي، وادخال اصلاحات جديّة على القطاع. والاصلاحات بحسب ما يقول مارديني تبدأ باعتماد نظام جمركيّ مسطّح، حيث تخضع جميع السلع والخدمات المستوردة لتعرفة جمركية واحدة هي نفسها، على أن يكون السعر الجمركي مخفّضا كـ 2 في المئة مثالا.
ويؤكّد أنّ وجود نظام جمركي مسطّح ومتدن في الوقت نفسه يسمح بتحسين الايرادات بشكل كبير، فأوّلا يقفل باب التهرّب لأن جميع السلع تخضع للنظام نفسه، وثانيا يغلق باب الثغرات في النظام الجمركي لأنّ الـ 2 في المئة ليست برقم كبير يشجع على التهرّب.
“تمويل التضخم عن طريق التضخّم”
اليوم، يسري الحديث عن زيادة 4 أضعاف للرواتب والأجور، وهذه الزيادة يتم ربطها برفع الدولار الجمركي الذي يؤمن للدولة مداخيل تسمح بزيادة الرواتب والاجور.
المشكلة، برأي مارديني، أنّ زيادة الدولار الجمركي لن يعطي الايرادات المرتجاة، ولن يعطي مداخيل كافية لتمويل زيادة الرواتب والاجور، لذلك سيتم الاقتراض من مصرف لبنان لاعطاء هذه الزيادة على الرواتب والاجور ان تم اقرارها.
ويرى أنّ “الاقتراض من المركزي يعني المزيد من طباعة الليرة، والمزيد من طباعة الليرة يعني المزيد من انهيار سعر صرف الليرة مقابل ارتفاع الدولار”.
وهكذا، فإنّ “تصحيح الأجور لمكافحة التضخم سيتم تمويله عن طريق المزيد من التضخم…” يختم مارديني.