اهم الاخبارمحلياتمن الصحافة

المراوحة الرئاسية القاتلة على حالها!

رغم الأجواء التفاؤلية بإمكانية تسجيل خرقٍ ما في الملف الرئاسي قبل الخامس عشر من الشهر المقبل، وفي ضوء المعلومات التي تتحدث عن عودة الموفد القطري الأسبوع القادم لإستكمال اتصالاته مع المعنيين وحلّ العقد التي تحول دون الاتفاق على إسم أو إسمين لخوض الانتخابات، إلّا أنَّ لا شيء يؤكد انتقال القوى السياسية الى المرحلة “ب” التي تقود إلى غربلة الأسماء من أجل تعيين جلسة انتخاب قريبة ما يعني أن الأمور ما زالت تراوح مكانها وليس هناك من طبخة جاهزة قد ينتج عنها انتخاب الرئيس العتيد.

وبناءً عليه سألَ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في تغريدة حملت الكثير من الرسائل السياسية: “متى سيخرج المنقذ المنتظر نسر الإصلاح وحبيب الجماهير من صندوق الاقتراع بعد تصويت نواب الأمة الأبرار ومباركة سفراء السند والهند ويعلو شاهقاً حتى يلامس الشمس والثريا حاملاً الأرجوان من صندوق النقد شاهرا صولجان الملك؟”. 

تزامناً، كان جدد أمين عام حزب الله حسن نصرالله ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية باعثاً بأكثر من رسالة سياسية. وتعليقاً على مواقفه لفتَ مسؤول التواصل والإعلام في “القوات اللّبنانية” شارل جبور إلى أن “نصرالله أراد أن يؤكد ان فريق الممانعة هو مع خيار فرنجية”، مشبهاً فرنجية “كالذي ينتظر على مقاعد الاحتياط، فمنذ نهاية عهد الرئيس إميل لحود وهو موجود على لائحة الانتظار لكن بشار الأسد فضّل التمديد للحود على انتخاب فرنجية آنذاك، كما وأنَّ نصرالله أيضاً في العام 2016 فضّل دعم العماد ميشال عون على فرنجية عندما وصل الى وضعية مقفلة، في حين يحاول اليوم فرض الأخير، لكن الظرف لم يعد مؤاتٍ لمحور المقاومة لا محلياً ولا إقليمياً، وما انطبق على عون في 2016 مختلف تماماً عما هو عليه اليوم، وهذا ما لا يدركه نصرالله”.

جبّور أشارَ في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية إلى أنَّ “نصرالله لا يكتفي بأن يفرض على اللّبنانيين سلاحه غير الشرعي، وجرّ لبنان إلى المهالك، فإنه يحاول اليوم أن يفرض سلطته، ويريد أن يتمسك بمعادلة غالب ومغلوب وقهر اللّبنانيين”، مؤكداً أن “لا معطيات لانتخاب فرنجية لا على مستوى الوضعية اللبنانية ولا الوضعية المسيحية الرافضة انتخابه علماً أن الرأي العام اللبناني رافض أيضاً أن تبقى الممانعة متحكمة بالقرار اللبناني”. 

وإذ اعتبرَ جبّور أننا “أمام مسارٍ جديد، إذ لا يستطيع نصرالله أن يفرض شروطه وإيقاعه خلافاً للإيقاع اللبناني والمسيحي على عكس ما كان يدّعي”، استطرد بالقول: “كانوا يعوّلون على الفرنسيين لفرض فرنجية رئيساً وقد راهنوا على مبادرة فرنسية بهذا الخصوص، وعلى قدرة فرنسا أن تقنع السعودية لتحثّ أصدقائها للسير بهذه التسوية، لكن السعودية أسقطت رهانات هذا الفريق باعتباره شأناً لبنانياً داخلياً، وفي ظل معطيات داخلية أصبح فريق الممانعة أمام حائط مسدود وعلى هذا الأساس يُصرّ على وصول مرشحه”.

مقابل كل ذلك، لفتَ جبّور إلى “وجود دينامية متحرّكة ما يعني أننا دخلنا في مرحلة جديدة مع إعلان السعودية لموقفها، علماً أنَّ هناك حيوية وشعارات متواصلة”، متسائلاً لماذا لم يدعُ رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة انتخاب جديدة اذا كانوا يعتقدون أن فريقهم متيقن من انتخاب فرنجية؟ لافتاً إلى أنَّ مع هذا الحراك حان الوقت للدعوة الى جلسة رئاسية.

وفي الشأن الحكومي، لا يزال التشاور مستمر بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي واللجنة الوزارية لمعالجة ملف النازحين السوريين. في هذا السياق لفت النائب السابق علي درويش إلى أن مجلس الوزراء الذي سينعقد في الثاني والعشرين من الجاري سيبحث ورقة العمل التي صدرت بناءً على الاجتماع الوزاري وما تضمنته من مقرّرات حول كيفية تعاطي الأمن العام والنازح السوري وقد استكملت من خلال الزيارة التي قام بها مدير الامن العام بالوكالة الياس البيسري لبحث هذا الملف. 

درويش رأى في حديثٍ لـ”الأنباء” الإلكترونية أنَّ “ملف النازحين السوريين بشكل عام قد يطرح في اجتماع القمة العربية الذي سيعقد في السعودية لأن هناك نازحين سوريين في الأردن والعراق، وهذا قد يسرّع لوضع آلية لمعالجة هذا الأمر”. 

أما في موضوع حاكمية مصرف لبنان، فاعتبرَ أن “هذا الأمر قد لا يطرح في جلسة مجلس الوزراء المقبلة لأن هناك متسعاً من الوقت لبحث هذا الموضوع، وهناك أمل كبير بانتخاب رئيس جمهورية قبل انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة”.

ومع انتظار موعد الجلسة المقبلة لانتخاب رئيس للجمهورية، في ظلّ تكثيف الإتصالات لتقريب وجهات النظر، ينتظر اللّبنانيون ما ستحمله الأيام المُقبلة وإذا ما ستتكلل هذه المساعي بالإتفاق على رئيسٍ توافقي في القريب العاجل وانهاء حال المراوحة القاتلة.

لا ضمانات: من جهة اخرى، أشارت “النهار” الى ان قد تكون نبرة السخرية التي عبّر عنها رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط حيال “المنقذ المنتظر” أكثر طرق التعبير شفافية عن المآل الذي بلغته الأزمة الرئاسية من تخبط وغموض في سوق التقديرات والاحتمالات المتضاربة. إذ أنه في مناخ التخبط الأخذ في الاتساع منذ أيام، غرّد جنبلاط أمس عبر حسابه على “تويتر” قائلاً: “متى سيخرج المنقذ المنتظر نسر الإصلاح وحبيب الجماهير من صندوق الاقتراع بعد تصويت نواب الأمة الأبرار ومباركة سفراء السند والهند، ويعلو شاهقاً حتى يلامس الشمس والثريا، حاملاً الأرجوان من صندوق النقد، شاهراً صولجان العدل والملك؟ متى يا قوم متى؟”. وأرفق جنبلاط تغريدته بمقطع فيديو بعدسة المصوّر الأميركي مارك سميث، لنسر يخرج من أمواج البحر حاملاً سمكة اصطادها.

والواقع ان التضارب في التوقعات بلغ مستوى قياسياً بين من بات يجزم بوصول “وشيك” لمرشح “محور الممانعة” سليمان فرنجية استنادً إلى لقائه الصباحي إلى فطور مع السفير السعودي وليد بخاري في دارة السفير في اليرزة وكأنه لقاء منح الغطاء لانتخابه بعد إسقاط الفيتو السعودي عنه، ومن بات يتوقع ردة سياسية قوية تقوّض فرصة فرنجية مع اقتراب قوى المعارضة من اختيار مرشحها الجديد البديل من ميشال معوض لمقارعة فرنجية في الفصل الحاسم من المعركة.

في كلّ المقلبين بدا واضحاً أن المعركة السياسية الداخلية تحوّلت إلى مواجهة دعائية وإعلامية طاغية، بحيث يغلب فيها الطابع الدعائي الضاغط على المعطيات الجدية الموثوقة وبذلك تفقد معظم المواقف والمعطيات صدقيتها ويبقى الرأي العام عرضة للكثير من التضليل والتلاعب بالوقائع الصحيحة. ولكن العامل الثابت من بين كل ما يساق ويطرح في سوق الإثارة، هو أن ثمة شبه إجماع لدى القوى السياسية على وجود ضغط متعاظم إن بفعل مواقف خارجية متعاظمة وأن بفعل زخمة استحقاقات داخلية منتظرة تفرض اعتبار حزيران المقبل مهلة وانذاراً حاسمَين يتعين بذل كل الجهود الاستثنائية لانتخاب رئيس الجمهورية العتيد وإنهاء حالة الشغور الرئاسي خلالها.

ومع ذلك فأن حزيران يبقى، حتى إشعار آخر، مهلة حث وليس موعداً حاسماً نهائياً لأن لا معطيات داخلية أو خارجية يمكن اعتبارها حاسمة قطعاً تضمن الانتخاب في حزيران. وكل ما يحاول هذا الفريق أو ذاك إغراق الرأي العام في مناخاته كأنه حقيقة حاسمة ليس سوى لعبة دعائية تذكيها التحركات الكثيفة المتصاعدة.

Related Articles

Back to top button