حبشي: الجوهر لا يتغيّر أكان في الـ1915 أم 2023
أعلن عضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب أنطوان حبشي، في ذكرى مجازر سيفو: “خصصنا يوم في السنة لاستذكارها في معراب، لأن الانسان عليه أن يتذكّر ماضيه ليستطيع المضي قدماً إلى الأمام. وأصبحت هناك لجنة تتابع هذا الموضوع”.
وأشار حبشي في لقاء إذاعي إلى أن “أوّل من اقترح هذا الموضوع هو الرفيق مخول عواد”، وقال: “وواكبتنا الرفيقة أنطوانيت جعجع، بالتعاون مع فريق جهاز التنشئة السياسية”.
وأوضح أن “التسمية الأساسيّة ليست سيفو، بل شاتو سيفو أي عام السيف”، وقال: “هناك وثائق تؤكد حصول المجزرة واستشهاد أكثر من 200 ألف خلال هذه المجازر في أرشيف وزارة الدفاع التركية”.
وأشار إلى أن “الجماعة السريانية حضارية أعطت الأسس للغة والفن”، معتبرا أن “أهمية بعد هذه الذكرى هي المساحة الحضارية التي تتيح مساحة للاختلاف”، وقال: “سلطت جريدة واشنطن بوست ونيويورك تايمز ولندن تايمز في عام 1915 الضوء على مجازر سيفو، فيما كانت السلطات التركية آنذاك تنكرها، رغم الشهادات الحية التي دفعت ثمن مناضلتها. ومن خلال الوثائق والدراسات ومتابعة المجموعات الأرمنية وكيانها السياسي، من الواضح أن الإبادة كانت مدبرة، فالمجرم ينكر أفعاله، وهذا ما يحصل اليوم في لبنان”.
وتابع: “لو تم التعامل مع المجازر الأرمنية وسيفو كما كان يجب، لما حصلت المجازر النازية”.
وشدّد على أن “سمة الجريمة في لبنان الإنكار والتفلت من العقاب”، وقال: “لو آنذاك لم يسمح بالإنكار لما حصلت الجرائم والمجازر الإنسانية”.
وأضاف: “ان المُنغلق يخاف من المنفتح على الثقافات والحضارات، ومجازر سيفو طاولت الإنسان ونفذت بالسريان والكلدان والآشوريين والأرمن، لكن بالإنسان أولا، لأن السلطات التركية كانت تخاف من الانفتاح والاختلاف وحاولت تتريكهم”.
ودعا “أبناء هذه الحضارات إلى الاستمرار في إبراز ثقافاتها بلا خوف”.
أما في جبل لبنان فأوضح حبشي أن “الإبادة الأرمنية ومجازر سيفو امتدت إلى الموارنة وترجمت بحصار 1914، وما حصل امتد إلى كل الحضارة السريانية التي تشمل الموارنة، فالمجاعة والحصار كانت وسيلة منهجية لإبادة المسيحيين في جبل لبنان ولم تكن عبر السيف، إنما عبر سلب المحصول”، وقال: “ان تكون أقلية أو أكثرية هي حال ذهنية ونفسية تحدد كيف من يرى نفسه أقلية أو أكثرية، وانطلاقاً من النظرة للذات يتعاطى مع الآخر، لكن إذا اعتبرت نفسك فاعلا تستطيع أن تعيش مع من حولك في المجتمع”.
وأضاف: “من يفكر بتحالف الأقليات اليوم هو جاهل بتاريخ المنطقة والشعوب، ويحاول البحث عن دوره، رغم أن حدود دوره هو إرضاء فلان وحزب الله ليستطيع الوصول إلى الرئاسة أو مركز معين”.
وتابع: “الدور لا يحدّد الوجود، إذ ان وجود الجماعة الحقيقي يؤمن الدور ويفيد الجميع ولا يقتصر فقط على المجموعة، بل يمتد إلى كل الجماعات، وقد تتغير وجوه مَن يخافون مِن الآخرين، لكن جوهرهم نفسه”.
وأردف: “من المهم مقاربة مجازر سيفو، أي المجازر بحق الثقافة والحضارات، لأن الجوهر لا يتغير أكان في عام 1915 أم 2023 فمن يخاف من الآخر يحاول إلغاءه. وما يحصل اليوم في خلدة من إشكالات لا يختلف عما حصل سابقاً لجهة رفض الآخر”.
وسأل: “قضية الإنسان واحدة، فلماذا لا يتم ذكر من استشهد في 7 أيار؟”، لافتاً إلى أن “أخطر شيء يعاني منه لبنان هو عدم قبول الآخر لأن من لا يشاركهم الرأي يعتبرون أنه من الضروري إزالته”، وقال: “هناك أوجه عدة للإبادة، إضافة إلى نكران الجريمة، إذ حتى لو أعلنت المحكمة الدولية عن الجهة المجرمة، فالفريق الذي يرتكب الجريمة يعتبره بطلاً”.
وأشار إلى أن “وجه النكران للجريمة وعدم قبول الاختلاف والتصنيف واحد والتفلت من العقاب وجه آخر، وهذا لا يؤدي إلا إلى مزيد من المجازر”، وقال: “إن الموقف اليوم أساسي ومهم لكي لا يظن الآخر أنه يستطيع أن يرتكب جريمته من دون حسيب أو رقيب، فمثلما لم يستطيعوا بنكرانهم طمر مجازر سيفو، في لبنان لن يستطيعوا بنكرانهم طمر الحقيقة أو تعتيمها. وليتفضلوا ويعتمدوا القانون والدستور والمحاسبة”.
واعتبر أن “الذكرى هي العبرة، فإحدى دراساتي الجامعية كانت عن المجازر الأرمنية وسيفو”.
وتوجّه إلى المسؤولين، قائلاً: “إقرأوا تاريخكم فالأسباب التي أدت إلى المجازر مسايرة بعض المسؤولين الذين يعلمون حقيقة المجرمين. المسايرة لا تحمي البلد”.
وختم متوجّهاً إلى اللبنانيين: “لا تخافوا ولا تضعوا رأسكم، كما النعامة في الأرض، فلبنان ملجأ لمختلف المجموعات حيث الحرية والإيمان وقبول الآخر، وعلينا أن نتعلّم من مجازر سيفو، لأن قضية الإنسان واحد”.