٢٤ نيسان: إبادة شعبٍ وصمود
يستمرّ الشعب الأرمني في حمل قضيّته منذ ١٠٨ أعوام. ينفخ فيها روح الحياة. يتذكر ويطالب باسترجاع حقوقه وأرضه وارث أجداده.
أرمن لبنان على غرار ملايين الأرمن حول العالم، يحيون في الرابع والعشرين من نيسان في كل عام ذكرى الابادة التي اقترفها العثمانيون في حقّهم، على غرار ما فعلوا في تلك الحقبة مع السريان والكلدان والآشوريين، وكما فعلوا في جبل لبنان. فكان التنكيل والنفي والمجاعة… وسفر برلك. فمات من مات، وعانى من عانى. ولكن، لا يموت حق وراءه مطالب.
اليوم، كلّ لبناني من أصل أرمني، هو حفيد لناجٍ من عائلة عانت واضطهدت.
فالابادة أريدت لحظة قضاء على شعب وانهائه، فإذا به في كل عام، في مثل هذا اليوم، يقول “الشعب الأرمني قام… حقا قام”. فصحيح أن الإبادة المليونية طاولت البشر والحجر، ودمّرت أكثر من الفي كنيسة وأكثر من أربعمئة دير، إلاّ أنها لم تتمكّن من قتل روح المقاومة.
هو حال الشعب الأرمني الذي، وبدل قصص الأطفال، يروي لأولاده قصص معاناةٍ وصمود. فينتقل مشعل القضية من جيلٍ الى جيل، فتبقى حية، لا في الكتب فقط، إنما باللغة التي لم تمت، وبالمهن التي لم تندثر، والمأكولات التي تحضر على الموائد. كلّها مثال حيّ على شعبٍ مستمرّ، بقي وفيّاً لقضيّته، فاستحقّ احترام العالم، لأنه شعب ينبض بالحياة، وبعرق جبينه يأكل خبزه.
في ما سبق كلّه وأكثر، يثبّت الشعب الأرمني انتصار الحياة على الموت، والأمل على اليأس، والحقيقة على الضلال… فيتذكّر، ويطالب بالاعتراف والحقيقة والتعويض.