لحوم فاسدة… في العيد!
كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
أكثر من 120 كيلوغراماً من اللحوم الفاسدة تمّ ضبطها في إحدى الملاحم في منطقة المصيلح، والتي تغذّي عدداً كبيراً من ملاحم النبطية. فماذا يأكل الناس؟ أكّدت مصادر متابعة «أنّ نسبة لا بأس بها من اللحم الهندي المثلج فاسدة، وأنّ كثيرين تعرّضوا للتسمّم بسببه ما يعرّض حياتهم للخطر»، فهل نحن أمام كارثة غذائية جديدة، لا تقلّ أهمية عن الكارثة الاقتصادية؟
بالطبع الوضع صعب في ظل الإستغلال السائد جرّاء الرقابة الغائبة، وإن حضرت فهي تأتي متأخرة. ومع استمرار إضراب القطاع العام وتحلّل العملة الوطنية، توسّعت رقعة الفساد. يكاد لا يمرّ يوم من دون فضيحة غذائية. شرّعت الأزمة الاقتصادية باب الفساد على مصراعيه، وقدّمت لأصحاب الملاحم حجج الغش. صحّة الناس في خطر، فهل يُشرّع كشف الفاسدين المحاسبة؟ وأي دور تؤدّيه وزارتا الزراعة والصحة؟
في محافظة النبطية أربعة مسالخ قانونية وعشرات الملاحم. تتبع قانونيّاً لوزارة الزراعة المشرفة على مسالخ اللحوم المنتشرة والتي توزّع اللحوم على الملاحم، غير أنّ إضراب الموظّفين عطّل عمل الرقابة والإشراف، ما يعني أنّ موظفي الوزارة لا يقومون بمهامهم ويعجزون عن الوصول إلى المسالخ بسبب أزمة المحروقات، ما يدفع المسالخ إلى أن تتصرّف على هواها من دون حسيب أو رقيب. أحد المسالخ في بلدة الشرقية يبيع لحماً هنديّاً مثلّجاً فاسداً، وعدد كبير من ملاحم النبطية يشتري ومنها المصيلح.
أعداد حالات التسمّم تتزايد، يصل المتسمّمون إلى المستشفى على «آخر نفس». يتكبّدون أموالاً طائلة لمعالجة التسمّم. أما اللافت فهو عدم فتح أي تحقيق، كما لم يُسجّل حضور أيّ دورية لجهاز أمن الدولة لأخذ أقوال المتسمّمين، لتنتهي القصّة بتناول الأدوية والمسكّنات.
وتشير مصادر طبية إلى ارتفاع حالات الإصابات سواء من اللحوم أم الدجاج، وهو أمر يشكّل خطورة كبيرة على الأمن الصحّي والغذائي. وتسأل المصادر عن دور الجهات الرقابية، معتبرة أن «إلقاء القبض على الصغار لن يحلّ الأزمة. أصحاب المسالخ بمعظمهم مدعومون، ولا أحد يجرؤ على محاسبتهم، حتى أصحاب الملاحم كذلك، عدد كبير من هذه الملاحم يشتري اللحوم من مسالخ خارج النبطية».
في المقابل، لا ينفي مصدر في وزارة الزراعة الواقع المرّ، عازياً السبب إلى عجز الوزارة عن مراقبة كل الملاحم، ما يُعزّز الفساد الغذائي، وهنا يتجلّى دور الناس في فضح الغش الحاصل». وأكّد أنّ الأمور تتّجه نحو الخطر، تحديداً في مسألة الملاحم، حيث تغيب الرقابة، موضحاً أن الرّقابة تغطّي أربعة مسالخ فقط وهي: النبطية، النبطية الفوقا، بنت جبيل والخيام، كما تشمل نسبة كبيرة من الملاحم، حيث يتمّ الذبح تحت إشراف الطبيب البيطري. غير أن المشكلة وفق المصدر تكمن في أصحاب الملاحم أنفسهم، فهم يبيعون اللحوم المجمّدة على أنها «بلدية»، ولا رقابة صارمة عليهم، مشيراً إلى أنّ المسؤولية تقع أيضاً على وزارة الصحّة.
ولا يتأخّر المصدر بالقول إن «الخطورة ليست في اللحم الهندي المجمّد، فهو يخضع لرقابتي الزراعة والصحّة، بل في مسألة التبريد لدى الملاحم، فهل تخضع للمعايير والمواصفات المطلوبة أو لا؟».
في الواقع، لا يتمكّن مراقبو الزراعة من تغطية كل الملاحم بسبب تأمين البنزين وارتفاع كلفته، ما أعطى أصحاب الملاحم فرصة للغش. وبحسب المصدر «بتنا أمام أزمة كبيرة، ويجب تضافر الجهود مع الوزارات والبلديات، كي لا تخرج الأمور أكثر عن السيطرة. ويقرّ المصدر بأن «القضية معقّدة نسبيّاً، جرّاء عدم إمكانية تأمين مستلزمات الكشف».
من جديد، عادت أزمة اللحوم الفاسدة إلى الواجهة، وقد تكرّ السبحة أكثر في الأيام المقبلة، فالتجار لا يشبعون ويستغلون الأزمة لتحقيق الأرباح ولو على حساب الناس وصحّتهم، وإذا لم يأخذ القضاء دوره في المحاسبة السريعة والصارمة، فسنكون حكماً أمام كارثة غذائية لن ينفع الندم بعدها.