“لبنان الجديد” مشروع بغالبية مسيحية وسنية ودرزية… هذا هدفه!
بعد التداول بخرائط للبنان حول مشروع الفيدرالية تحت عنوان «جمهورية لبنان الاتحادية» خرج من فريق الممانعة مَن يتهم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بـ «العودة إلى حلم الدويلة» والرغبة في حصول «التقسيم».
وقد ردّت الدائرة الإعلامية في القوات اللبنانية على هذا الاتهام، مستغربة «تصوير مَن يعمل لقيام الدولة في لبنان بأنه يحلم بالدويلة، فيما فريقه يقيم دويلته بأبعادها العسكرية والأمنية والمالية والاقتصادية كلها في قلب الدولة اللبنانية، ويمنع قيام دولة تطبِّق الدستور، ويحيا في كنفها، وتحت سقفها اللبنانيون جميعهم بحرية ومساواة وعدالة» وأكدت «أن «الشمس شارقة والناس قاشعة، مَن قسّم ويقسِّم لبنان، ومَن هجّر ويهجِّر اللبنانيين، ومَن أفقر ويُفقِر الشعب اللبناني، ومَن فشّل ويفشِّل الدولة، ومَن عزل ويعزل لبنان».
والواقع أن القوات ليست هي من يعمل للفيدرالية أو للتقسيم وإن كان رئيسها سمير جعجع دعا «إلى إعادة النظر بكل التركيبة السياسية للتخلّص من سلطة حزب الله». فالقوات ترفع شعار مؤسسها بشير الجميّل الذي ينادي بالـ 10452 كلم2 وهي مساحة لبنان، وتتمسّك باتفاق الطائف الذي يُنتهك ولا يجري تطبيقه وخصوصاً بالنسبة إلى بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها واحترام القرارات الدولية والسيادة الوطنية. ومن يسوّق للفيدرالية أو للمشروع الاتحادي هم نخب مسيحية لا تنتمي إلى القوات بل بينها مثلاً أمين عام «تجمع اتحاديون» جو عيسى الخوري وهو مستشار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
وتنطلق هذه النخب في تصوّرها من ضرورة منح اللبنانيين الحق في تقرير مصيرهم في ظل هيمنة سلاح حزب الله واستفراده بقرار الحرب والسلم واستباحة سيادة الدولة كما حصل أخيراً لجهة جعل الجنوب منصة لإطلاق الصواريخ، والرغبة في توفير حل عملي ودائم ومستدام لأزمة لبنان المستمرة ووضع حد لما تسمّيه «المسار الجهنمي ومنع الوصول إلى الفوضى المطلقة وتفادي النتائج غير المتوقعة والتي لا تُحمد عقباها».
وعلمت «القدس العربي» أن هناك مشروعاً موازياً لمشروع «جمهورية لبنان الاتحادية» يذهب أبعد منه، وضعه محامون ومديرون عامون سابقون وقضاة وسياسيون من مختلف الأحزاب على مدى 7 أشهر بمعدّل 300 ساعة، وتولّى مهندسون رسم الخرائط وتمّ تقديم نسخ منه إلى مرجعيات سياسية وإلى بكركي، فأعرب البعض عن اعتقاده أن هذا المشروع صعب التحقيق ولم يتقبّل الفكرة خلافاً لآخرين تقبّلوا المسألة انطلاقاً من كونها تستند إلى استفتاء وحرية الاختيار بين «لبنان الحالي» و«لبنان الجديد» ولا تدعو إلى حرب.
استفتاء الأقضية
ويطلق معدو هذا المشروع عليه تسمية مشروع «لبنان للحياة Lebanon for Life» وورد فيه أنه «سيتم منح مواطني لبنان من خلال استفتاء بحضور وإشراف الأمم المتحدة خيار إما أن يصبحوا مواطنين في لبنان الجديد أو أن يظلوا مواطنين في لبنان الحالي. ويُصار إلى تحديد الحدود الجغرافية لكل من لبنان الجديد ولبنان الحالي على أساس نتيجة الاستفتاء كما يلي: الأقضية التي اقترعت للبنان الجديد تصبح جزءاً جغرافياً من «لبنان الجديد» والأقضية التي اقترعت بغالبيتها للبنان الحالي تبقى جزءاً جغرافياً من «لبنان الحالي» ويتم منح المواطنين الذين يرغبون في نقل نفوسهم من قضاء إلى آخر إذا أتى التصويت بعكس ما يتمنون فرصة الانضمام إلى لبنان آخر من خلال آلية يتم تحديدها». ويشرح المشروع سبب اعتماد القضاء وليس المحافظة لإجراء الاستفتاء كونه «يتألف من مجموعة بلديات متجاورة جغرافياً تنتمي بأغلبيتها إلى نفس المجتمع ويشكّل حلاً وسطياً والنهج الأكثر منطقياً وعملياً».
توزيع الأصول
وينص المشروع الذي حصلت «القدس العربي» على نسخة منه على «أن الحدود بين لبنان الجديد ولبنان الحالي تبقى مفتوحة ومسهّلة، مع السيطرة عليها لمنع تدفق السلاح إلى لبنان الجديد، وتعمل كلتا الدولتين على الحفاظ على أفضل العلاقات الممكنة من أجل تسهيل الأمور المختلفة وضمان انتقال سلس واستقرار كلتا الدولتين. وهذا يشمل تسهيل إعداد البنى التحتية اللازمة مثل الانفاق لربط أقضية نائية قد تكون صوّتت لدولة معينة بينما تقع جغرافياً ضمن حدود الدولة الأخرى. ويُصار إلى توزيع الأصول السيادية للبنان مثل المطارات والموانئ ومعامل توليد الكهرباء على الدولتين الجديدتين على أساس المواقع الجغرافية لهذه الأصول. ويُصار إلى تقسيم الأصول مثل احتياطي الذهب وديون البنك المركزي اللبناني بطريقة تناسبية على أساس النسب المئوية للسكان الذين يقيمون في كل من الدولتين».
وحسب معدّي المشروع «من المتوقع أن تكون في لبنان الحالي أغلبية شيعية مهيمنة، ومن المتوقع أن يكون لبنان الجديد موطناً لمزيج من المسيحيين والسنّة والدروز وبعض الشيعة. وعلى الرغم من تشارك هذه الجماعات للركائز الأساسية لرؤية مشتركة، فإن لكل من هذه المكونات خصوصيتها وخصائصها. لذلك فإن النظام الحكومي الاتحادي المقترح في لبنان الجديد يحمي ويريح هذه الخصوصيات ويضمن بالتالي الاستقرار». ويشير هؤلاء إلى أنه «نتيجة للصراعات التاريخية الماضية وخصوصاً الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1975 شهد لبنان هجرات داخلية كثيفة أدت إلى الفصل الجغرافي لمكوّناته السكانية وذلك على أساس ديني بالإجمال. لذلك، إذا تفحّصنا خريطة لبنان وطابقنا مناطق الأغلبية الشيعية الموجودة حالياً تحت سيطرة حزب الله يمكن الاستنتاج أنه بإستثناء محافظة بعلبك الهرمل، فمن السهل تقسيم لبنان الحالي جغرافياً إلى قسمين منفصلين ومستقلين حيث يسكن في المنطقة البيضاء الأغلبية المسيحية والسنية والدرزية وفي المنطقة الخضراء الأغلبية الشيعية. ويمكن ربط المنطقتين الخضراوين في البقاع والجنوب عبر نفق أو عن طريق على طول الحدود السورية من أجل توفير مسار مستقل وخاص بين طرفي لبنان الحالي».
تداعيات إيجابية
وفي تقدير أصحاب المشروع «أن حياة المواطنين في لبنان الحالي لن تتغيّر، غير أن لبنان من أجل الحياة يؤدي إلى تداعيات إيجابية هائلة على المواطنين الذين يختارون لبنان الجديد منها:
– منح المواطنين حق تقرير المصير والقدرة على اختيار طريقة حياتهم المنشودة.
– تحرير الأراضي الواقعة ضمن لبنان الجديد من النفوذ الإيراني ومن تأثير سلاح حزب الله.
– ترسيخ حياد لبنان الجديد تجاه النزاعات الإقليمية والدولية وتمكين تموضعه كواحة سلام وازدهار.
– استعادة دور مواطني لبنان الجديد كأعضاء متناغمين ومسالمين في المجتمع الدولي.
– الحد بشكل جذري من تأثير الدين على النظام السياسي من خلال اعتماد الحكومة الاتحادية حيث لا يخشى المواطنون على مستقبلهم من أن يصبحوا أقلية يمكن تهميشها ما يؤدي إلى الدولة المدنية. كما أن هذا يؤدي تلقائياً إلى القضاء على الفساد ويمنع القادة والمسؤولين من أن يكونوا غير معرّضين للمحاسبة من خلال الاختباء وراء طائفتهم وإثارة المخاوف الدينية للبقاء في السلطة والتستر على مخالفاتهم.
– رفع التأشيرات وقيود السفر المفروضة حالياً على المواطنين اللبنانيين.
– تغيير جذري وسريع للوضع المالي البائس الذي يعيشه لبنان حالياً وتحويل لبنان الجديد إلى مركز مالي وتكنولوجي».
ويختم أصحاب المشروع «حان الوقت لاتخاذ قرار جريء للهروب من المسار الجهنمي، حان الوقت لبناء دولة مستقرة وحديثة، حان الوقت لتكوين انتماء حصري للبنان جديد وتقديم مصالحه أولاً وقبل كل شيء، حان الوقت لطائر الفينيق أن يستفيق وأن يحطم هذا القفص البغيض».