إيرادات الكهرباء وراء “بلبلة التوقيت”!
كتبت ميريام بلعة في “المركزية”:
قبل إعلانه أمس العدول عن قراره “المفاجئ” الذي أحدث بلبلة “لزوم ما لا يلزم” في غمرة المآسي التي تتطلب وحدها قرارات استثنائية مفاجئة، أصدر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قراراً – من دون إبداء الأسباب الموجبة سوى تلبيةً لرغبة رئيس مجلس النواب نبيه برّي كما ظهر في شريط الفيديو المُسرَّب – قضى بـ”تمديد العمل بالتوقيت الشتوي بشكل استثنائي لهذا العام فقط حيث سيسري تقديم التوقيت ساعة واحدة اعتباراً من منتصف ليل العشرين من نيسان لهذا العام أي إلى ما بعد شهر رمضان المبارك”.
بيدَ أن هذه الخطوة المثيرة للجدل، لم تكن بدافع طائفي في مضمونها كما بدا في الشكل، إنما بهدف تأمين إيرادات مالية لخزينة الدولة الجوفاء، قد تودي بها عقارب الساعة إذا ما تم العمل بالتوقيت الصيفي خلال الشهر الفضيل.
ففي المعلومات التي كشفها رئيس دائرة الأبحاث المالية والاقتصادية في بنك بيبلوس الخبير الاقتصادي الدكتور نسيب غبريل لـ”المركزية”، أن “القرار اصطبغ بطابَع طائفي للخروج عن هدفه غير المعلَن، وهو زيادة إيرادات الخزينة، ويقول في السياق: لقد أطلقت الحكومة اللبنانية منذ فترة وجيزة خطة الطوارئ للنهوض بقطاع الكهرباء والتي تضمّنت زيادة ساعات التغذية بالتيار الكهربائي مقابل تعديل تسعيرة الفواتير التي أصبحت تُحتَسَب وفق سعر صرف منصّة “صيرفة” زائد 20 في المئة، وذلك لفترة موقتة تمتد أشهراً معدودة. وفي حال تم اعتماد التوقيت الصيفي عبر تقديم الساعة ساعة واحدة، يزيد عدد ساعات النهار وبالتالي يخفّ معدّل استهلاك الكهرباء، فتتراجع إيرادات الخزينة بفعل تدنّي ساعات استهلاك التيار.
“الدولة تبتكر أنواعاً شتى من مصادر التمويل لتأمين الإيرادات للخزينة”، ويعدّد غبريل أبرزها: رفع معدل الدولار الجمركي من 15 ألف ليرة إلى 45 ألفاً قفزة واحدة، من أجل تمويل الزيادات المقترحة على رواتب وأجور القطاع العام وبدل النقل والمساعدات الاجتماعية…إلخ، في حين أن هناك مصادر أخرى لتمويل الخزينة، أهملتها الحكومة الحالية والحكومات المتعاقبة، وتتمثّل في مكافحة التهرّب الضريبي والجمركي، تفعيل الجباية، محاربة التهريب عبر الحدود في الاتجاهين، تطبيق قوانين موجودة ممكن أن تؤمّن مداخيل للخزينة.
ولتأمين إيرادات بوتيرة سريعة، يُضيف: يمكن للدولة فرض ضريبة استثنائية على كل جهة عمدت إلى تخزين واحتكار وتهريب المواد المستوردة المدعومة التي كلّفت مليارات الدولارات من احتياطي مصرف لبنان.
ويعتبر أن “الابتكارات لزيادة إيرادات الخزينة لن توصِل إلى نتيجة في ظل الحاجة الملحّة إلى إعادة هيكلة القطاع العام كي يكون أكثر إنتاجية لتتمكّن بالتالي خزينة الدولة العامة من زيادة القدرة الشرائية للموظفين والعمال المنتِجين فيه، مع وجوب المباشرة باعتماد المصادر المذكورة لرفد الخزينة بالإيرادات اللازمة”.
المسؤولون يبحثون عن مصادر “صادمة” لتمويل رواتب وأجور يتآكلها التضخّم المستفحل في اقتصادٍ مهترئ، بعدما ارتفعت نسبة التضخم بين شباط 2022 وشباط 2023 إلى ما يقارب الـ200% لتسجّل 198%، و25% بين كانون الثاني من العام 2023 وشباط منه، بحسب مؤشر الإحصاء المركزي!
ليت البحث عن حلول جذريّة مفيدة تقي اللبنانيين مصيراً أسودَ أحلك مما هم عليه اليوم…