لبنان بالمركز الثالث عالميًا!
احتفظ لبنان بموقعه بتسجيل ثالث أعلى معدلات التضخم في أسعار الغذاء على المستوى العالمي، في حين تشي المؤشرات المحدّثة في الشهرين الأولين من 2023 بمزيد من التقدم السلبي، ربطاً بمضاعفة وتيرة انهيار سعر صرف العملة الوطنية والانخراط الوشيك في عملية دولرةٍ (التسعير بالدولار) لمجمل عمليات الاستهلاك، وبما يشمل تسعير السلع والمواد بأنواعها كافة.
وقد حاز لبنان، وفق تقرير البنك الدولي، المرتبة الثالثة لأعلى نسبة تضخّم إسميّة في أسعار الغذاء حول العالم مع نهاية العام الماضي، محقّقاً معدّل 143 في المئة، كنسبةِ تَغَيُّرٍ سنويّة في مؤشّر تضخّم أسعار الغذاء، لتسبقه فقط زيمبابوي بنسبة 285 في المئة وفنزويلا بنسبة 158 في المئة. أمّا في ما خصّ نسبة التضخّم الحقيقي، فقد بلغت نسبة التغيّر السنويّة في أسعار الغذاء في زيمبابوي 41 في المئة في 2022، تبعتها روندا بنسبة 28 في المئة، وبعدها لبنان بنسبة 21 في المئة.
وقد واصل مؤشِّر أسعار الإستهلاك قفزاته “المرعبة” ليسجّل إرتفاعاً شهريّاً بنسبة 8.43 في المئة نهاية الشهر الأول من 2023، معززاً بنسبة 6.73 في المئة خلال الشهر الأخير من العام السابق، ليرفع بذلك المعدل السنوي الى نحو 124 في المئة، ويفاقم المعدل التراكمي لسنوات الأزمة الى ما يفوق 2200 في المئة، مقارنةً بنحو 990 في المئة بنهاية الشهر الأول من العام الماضي.
وجاءت حصيلة الإرتفاع السنوي في مؤشّر تضخّم الأسعار نتيجة تسجيل جميع مكوّنات المؤشّر زيادة في أسعارها حيث إرتفعت أسعار المواد الغذائيّة والمشروبات غير الروحيّة بنسبة 138.47 في المئة بنسبة تثقيل تبلغ 20 في المئة، وزيادة في أسعار النقل بنسبة 135.21 في المئة بنسبة تثقيل 13.1 في المئة، وزيادة في كلفة السكن بما يشمل الماء والغاز والكهرباء والمحروقات الأخرى بنسبة 162.82 في المئة ونسبة تثقيل تبلغ 11.8 في المئة.
وشهد هذا المؤشر اندفاعاتٍ استثنائيةً مستجدّة بعدما لجأت المؤسّسات التعليميّة والإستشفائيّة وشركات الإتّصالات إلى التسعير بالدولار الفريش بشكل جزئي أو كلّي للخدمات التي تقدّمها. وهو ما ترجمه الإرتفاع غير المسبوق في كلفة الصحّة بنسبة 175.95 في المئة وبنسبة تثقيل 7.7 في المئة، وفي أسعار التعليم بنسبة 191.35 في المئة وبنسبة تثقيل 6.6 في المئة، وفي أسعار الإتّصالات بنسبة 331.07 في المئة وبنسبة تثقيل 4.5 في المئة.
أما لجهة الترتيب الدولي المرشّح لتدهور اضافي بنتيجة توالي انهيار النقد ومضاعفة سرعته، فقد وردت وقائعه في تقرير محدّث للبنك الدولي يتقصى تطورات الأمن الغذائي في 158 بلداً حول العالم. ويتضمن ضمن نتائجه، لمحةً عن نِسَب التغيّر السنويّة لمؤشّر الغذاء في مؤشّر تضخّم الأسعار في البلدان قيد المتابعة.
وبالتفاصيل، كشف التقرير أنّ نسبة تضخّم أسعار الغذاء لا تزال مرتفعة حول العالم وفي كلّ فئات الدخل حيث أنّ 83.3 في المئة من البلاد ذات الدخل المنخفض و90.2 في المئة من البلاد ذات الدخل المتوسّط الأدنى و91 في المئة من البلاد ذات الدخل المتوسّط المرتفع، شهدت نسب تضخّم إجماليّة تخطّت عتبة 5 في المئة، مع ملاحظة مضاعفة متوسطات المعدلات فوق 10 في المئة لدى العديد من الدول المتأثرة خصوصاً بارتفاع أسعار النفط والطاقة وبالتداعيات المستمرة للحرب الروسية – الاوكرانية.
كما ورد في التقرير أنّ 85.5 في المئة من البلدان ذات الدخل المرتفع تعاني نِسَب تضخّم عالية ونِسَب تضخّم مرتفعة في مؤشّر أسعار الغذاء. وعلى وجه الخصوص، فان البلدان التي عانت أعلى نسب تضخّم في أسعار الغذاء تقع في القارة الأفريقية، وشمال أميركا، وأميركا اللاتينية، وجنوب آسيا، وأوروبا وآسيا الوسطى.
وكحصيلةٍ جامعة، أظهر التقرير أنّ نسبة التضخّم الحقيقيّة في أسعار الغذاء، والتي يتم استنباطها عبر احتساب نسبة التضخّم الإسميّة في أسعار الغذاء ناقص منها نسبة التضخّم الإجماليّة، تخطّت نسبة التضخّم الحقيقيّة الإجماليّة في 87.9 في المئة من البلدان المشمولة في التقرير.
كذلك تم رصد لجوء 19 بلداً الى وضع 23 حظراً على تصدير المأكولات الأساسيّة من أجل معالجة مشكلة الشحّ في الإستهلاك الداخلي للمأكولات التي تنتجها تلك البلدان، في حين أنّ 8 بلدان إعتمدت 12 تدبيراً محدداً للتخفيف من التصدير، ومن بينها لبنان الذي فرض بدءاً من منتصف اذار من العام الماضي وحتى انتهائه حظراً على تصدير الفواكه والخضار، ومنتجات الحبوب المطحونة، والسكّر والخبز. كما منع تصدير اللحوم، والأسماك، والبطاطا وغيرها من المأكولات بشكلٍ دائم.