خارجيات

بعد الزلزال المدمّر.. كلفة إعادة الإعمار تستنزف ميزانية تركيا

لا يزال من غير الواضح بشكل رسمي حتى الآن حجم الخسائر الاقتصادية النهائية التي مُنيت بها تركيا على أثر تداعيات الزلزال الكبير الذي ضرب عشر مدن يوم الإثنين 6 فبراير، مخلفا حصيلة كبيرة من الضحايا (تجاوزت عتبة 41 ألف قتيل في كل من سوريا وتركيا)، في ضوء استمرار عمليات حصر الخسائر والضحايا، ووسط مخاوف من تضاعف الأعداد.

ولكنّ معظم التقديرات المبدئية تشير إلى احتمالية أن تمثل الخسائر نسبة تصل إلى 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا، على وقع الدمار الذي شهدته المدن العشر وبما تمثله من ثقل اقتصادي، وعمليات إعادة الإعمار المطلوبة، فضلاً عن التأثيرات الشديدة لتوقف الإنتاج وكذلك التبعات الاقتصادية على المستوى الأوسع بالنظر إلى القطاعات المختلفة المتضررة.

في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، حدد الكاتب الاقتصادي التركي ناغي بكير، الكلفة المتوقعة لإعادة إعمار المدن العشر، وفق التقديرات المبدئية للخسائر:

من 95 مليار دولار إلى 100 مليار دولار القيمة الإجمالية للخسائر المتوقعة

ما يقرب من 300 مليار ليرة تركية (حوالي 16 مليار دولار) القيمة المقدرة لتشييد المباني المدمرة في المدن العشر التي تعرضت للزلزال

في حالة إعادة بناء المباني التي شهدت أضراراً طفيفة، يلزم إضافة حوالي 17 مليار دولار أخرى للمبلغ المذكور

في المجمل ستكون هناك حاجة لما يتراوح بين 30 و32 مليار دولار فقط لتشييد المباني المدمرة وتلك التي تضررت بشكل طفيف، وبما يشكل عبئا كبيرا على ميزانية الدولة، لجهة تضاعف الإنفاق، بخلاف الخسائر الناجمة عن انخفاض الإنتاج

المباني المنهارة

وكان وزير البيئة والإسكان التركي مراد قوروم، قد ذكر أن أكثر من 50 ألف مبنى “يتعين هدمها بشكل فوري” بعد تضررها بفعل الزلزال الكبير.

ويشير كاتب العمود في صحيفة dunya المتخصصة، إلى أنه “عندما نأخذ في الحسبان الضرر والدمار الناتج عن الزلزال في كل منطقة، فإننا سنواجه فاتورة من 95 إلى 100 مليار دولار، بآثارها المتوسطة والطويلة المدى”.

ويفسر ذلك بالإشارة إلى كلفة إعادة ترميم البنية التحتية (وليس المباني المنهارة فقط) علاوة على كلفة توقف الإنتاج في تلك المنطقة الصناعية والزراعية المهمة.

ويعتقد الكاتب الاقتصادي التركي أنه “رغم أن المدن العشر المتضررة من الزلزال لن تؤثر على الأنشطة الاقتصادية لتركيا بقدر تأثير زلزال عام 1999، فإنها ستتسبب في فاتورة أكبر بعدة مرات من هذا الزلزال من حيث تكاليف البنية التحتية”.

100 مليار دولار

قيمة الخسائر المقدرة من 95 إلى 100 مليار في تقدير بكير تتقارب وتقديرات مماثلة لاتحاد الشركات والأعمال في تركيا، نشرها في وقت سابق، على خلفية حجم الأضرار الناجمة عن الزلزال الكبير الذي ضرب البلاد، بما قد يزيد على 84 مليار دولار، أو ما يعادل 10 في المئة من الناتج الإجمالي للبلاد.

لكن وبحسب بيان للاتحاد فإن الزلزال المدمر، قد تسبب في دمار مبان سكنية بحوالي 70.8 مليار دولار، إلى جانب 10.4 مليارات دولار أخرى في صورة خسارة في الدخل القومي، بحسب ما ذكرته بلومبرغ.

استندت حسابات اتحاد الشركات والأعمال التركي إلى زلزال عام 1999 الذي كان قريبا من إسطنبول، وأودى بحياة نحو 18 ألف شخص، حيث تجاوزت حصيلة ضحايا الكارثة الحالية بفارق كبير زلزال 1999، ولا يزال الآلاف مفقودين.

ويتابع الكاتب الاقتصادي التركي: “يضاف إلى تلك التكلفة كلفة إعادة بناء أو ترميم الطرق والجسور والأنفاق.. يتطلب ذلك إنفاق أموال طائلة على حسب مدى التدمير الذي لحق بها، وهذا بخلاف إصلاح وتجديد معظم خطوط الكهرباء والمياه وشبكات الصرف الصحي والبنية التحتية للإنترنت”.

ويقول إنه “بالإضافة إلى طابعها الصناعي، فهذه المنطقة التي ضربها الزلزال هي أيضاً منطقة زراعية، وقد تضررت إلى حد كبير قنوات الري بمختلف أنواعها، وتتطلب عمليات صيانتها وإصلاحها وإعادة بنائها ميزانية كبيرة”.

القدرة التصديرية

وفيما يسلط الضوء على كلفة سد الفجوة الناجمة عن فقدان الموظفين المدربين والمؤهلين، والتحديات المرتبطة بصعوبة تحقيق معايير الجودة بالمصانع المتضررة من فقدان كوادرها، فإنه يتحدث عن تأثر الصادرات التركية إلى حد كبيرٍ، ويشير إلى أن:

من الضروري مراعاة تكلفة الجهود المبذولة لاستعادة أسواق التصدير

إجمالي صادرات المدن العشر يصل إلى أكثر من 25 مليار دولار بنسبة تصل إلى حوالي 11 بالمئة من الصادرات

انقطاع الصادرات لمدة ثلاثة أشهر يعني خسارة من أربعة إلى خمسة مليارات دولار

وتستحوذ غازي عنتاب وحدها على نسبة 4.4 في المئة من الصادرات التركية، و1.6 في المئة بالنسبة لهاتاي، و1.2 في المئة لأضنة، طبقاً لتقديرات نشرتها وكالة رويترز.

قطاع السياحة

كما يُبرز الكاتب الاقتصادي التركي في ختام حديثه، مدى تأثر قطاع السياحة بشكل خاص بتبعات الزلزال، مشيراً إلى أنه “بالنظر إلى أن زلازل عام 1999 فإنه قد تسببت في خسارة 40 في المئة من عائدات قطاع السياحة في تركيا.. التوقف المؤقت الآن للأنشطة السياحية في عشر مقاطعات تضررت من الزلزال، وخاصة في هاتاي، قد يؤدي إلى خسارة حوالي 10 بالمئة من إجمالي عائدات السياحة”.

وشهدت الميزانية التركية في الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي عجزا قدره 45.5 مليار ليرة (2.45 مليار دولار)، وفائضا أوليا حجمه 161.6 مليار ليرة ( 8.69 مليارات دولار). وبلغت مدفوعات تعويض خسائر المودعين 84.9 مليار ليرة (4.57 مليارات دولار) في تلك الفترة.

Related Articles

Back to top button