دولرة أسعار المواد الغذائية مع وقف التنفيذ.. الأسمر: السوبر ماركت عصفورية”هدوا البال”
تريّث وزير الإقتصاد أمين سلام بتطبيق قراره القاضي بدولرة الأسعار في السوبر ماركت،على خلفية اعتراض عدد من الهيئات، وفي مقدمهم الإتحاد العمالي العام. سلام يقول إن الهدف من دولرة الأسعار نزع الحجة من أيدي التجار بعدم خفض أسعار السلع مع أيّ انخفاض للدولار على قاعدة “اشترينا على الغالي”، وأنّه اتخذ القرار لصالح المستهلك. لكن هناك إشكاليات عديدة من شأنها أن تجعل دولرة الأسعار لصالح التجار لتحقيق المزيد من الأرباح على حساب المستهلك وفق مقاربة رافضي الدولرة، أبرزها ضعف أو شبه انعدام للرقابة بفعل النقص في العديد البشري في مصلحة حماية المستهلك، في مقابل وجود عدد هائل من السوبر ماركت والدكاكين المنتشرة على مساحة البلد، وفي هذه الحال سيستغل التجار الوضع لاعتماد سعر صرف أعلى من سعره في السوق الموازية عند المبيع. وزارة الإقتصاد تعتبر أنّها عالجت هذه الإشكالية بإصدار مؤشّر من قبلها، ملزم للتجار. وفي الفترة الفاصلة عن البدء بتطبيق القرار أو التخلي عنه، يسود النقاش على قاعدة هل التسعير بالدولار هو الحل لمشكلة التلاعب بالأسعار؟
الإتحاد العمالي: للعودة عن القرار
الإتحاد العمالي العام رفض دولرة أسعار السلع، ودعا الوزير للعودة عنه، لجملة اعتبارات، فنّدها رئيسه بشارة الأسمر في حديث لـه، أوّلها في الشق المالي، أنّ الوزارة ستضع مؤشّر الأسعار وفق سعر السوق الموازية ، ودولار السوق في تقلّب مستمر، ليس يوميًّا فحسب بل بين ساعة وأخرى، وبين منطقة وأخرى، وليس هناك من سعر واضح ومحدّد، ما يحول دون جدوى المؤشر. وسأل الأسمر من سيراقب إلتزام السوبر ماركت بمؤشر الأسعار الذي تضعه وزارة الإقتصاد، طالما أن لا قدرة للوزارة على القيام بالدور الرقابي، بسبب النقص في الكادر البشري “فلو فرضنا أنّ سلعة معينة ثمنها دولار واحد، وسوبر ماركت سعّرتها بدولار ونصف، من سيراقبها؟من ناحية ثانية ستخلق الخطوة حالة من الفوضى داخل السوبر ماركت، مثلًا إذا ابتاع زبون سلعة بدولارين على أساس سعر صرف 62 ألف ليرة، وفي الوقت نفسه هناك مجموعة تنتظر دورها لتحاسب، وفجأة ارتفع سعر الصرف إلى 64 ألف في الدقائق نفسها، ما الذي يحصل بين الزبائن وعمال السوبر ماركت؟ هذا الأمر سيحدث عصفورية ومشاكل لا تنتهي. وقلنا لوزير بدل أن تضع مؤشّرَ الدولار في وزارة الاقتصاد وتراقبه، ضع المؤشّر باللبناني، علمًا أنّ الوزارة غير قادرة ان تراقب التسعير لا بالليرة ولا بالدولار”. أضاف الأسمر “اتخذوا القرار على عجلة، وفور سماعنا به، استشرنا خبراء ماليين وأكدوا لنا أنّه سيحدث زيادة في الطلب على الدولار”.
الوزير اقتنع؟
في الشق القانوني، دولرة الأسعار مخالف للمادة الخامسة من قانون حماية المستهلك، التي تنصّ على أنّه يجب الاعلان عن السعر بالليرة اللبنانية، كما أنّ قانون النقد والتسليف يتحدث عن القوّة الابرائيّة لليرة اللبنانية التي وجب الحافظ عليها بدل التخلي عنها. الإتحاد العمالي ناقش القرار مع الوزير سلام “طرحنا إشكاليات عدّة، اقتنع بها الوزير، منها أنّ الدولرة فتحت بابًا لقطاعات أخرى للإستغلال، بدليل انّه بمجرد الإعلان عن القرار، عمد أصحاب المولدات إلى تسعير الفاتورة بالدولار، ورفضوا أن يستوفوا السعر إلا بالدولار. وهذا ما سيحصل في السوبر ماركت في حال طُبّق القرار، وإذا كانت مراقبة قطاع المولدات ممكنة كون عددهم قليل ، كيف ستراقب الوزارة قطاع السوبر ماركت بوجود العديد منها، فضلًا عن الدكاكين المنتشرة في المناطق والأحياء، فإذا تعذّرت مراقبة أسعارهم بالليرة، كيف لها أن تراقبهم عند التسعير بالدولار؟”
لجنة الإقتصاد مع الدولرة والأسمر “لا يمكنهم أن يقرروا عنّا”
بالمقابل هناك مؤيدون لقرار الدولرة، أبرزهم لجنة الاقتصاد النيابية التي ناقشت الأمر منذ ثلاثة أشهر، وسعت مع الوزير سلام لتبنّي هذا القرار، وفق ما أعلن رئيسها النائب فريد البستاني، الذي دافع عن الدولرة على اعتبار “أنّها بمثابة مؤشر لأسعار الغذاء يعفي المتاجر من تبديل الأسعار، مع كلّ انهيار جديد للعملة اللبنانية، ويخلق منافسة تمنح المستهلك أفضل سعر ممكن. وسيجعل التجار يتخلّون عن رفع أسعار منتجاتهم بنسبة تتراوح بين 10 و20 في المئة لحماية رأسمالهم من تقلبات سعر الصرف، وسيكون المواطن هو المستفيد من ناحية انخفاض الأسعار”.
في هذا السياق يقول الأسمر “تجتمع لجنة الإقتصاد وتقرّر عنا، كما ويجتمع الوزير سلام مع جزء من الهيئات الإقتصادية، ويقررون عن 90% من الشعب اللبناني، بينما نحن نمثّل 450 ألف عامل في القطاع الخاص، ومعظم العمال في القطاع العام والأجهزة العسكرية، ولم يسألنا أحد رأينا. استمِعوا إلى أصحاب العلاقة، واسألوا جمعية حماية المستهلك وجمعيات المجتمع المدني، علمًا أنّ رأي المتمولين معروف، هؤلاء يناسبهم أن يكون التدوال بالدولار”. إشكالية إضافية أثارها الأسمر، وهي أنّ المستوردين وبائعي التجزئة يسدّدون رسومهم على أساس دولار 15 ألف، بينما المواطن يدفع tva في السوبر ماركت على أساس دولار السوق الموازية، معتبرًا أن الدولرة في السوبر ماركت فتحت باب التدوال في وزارة المال بفرض tva 6$ على فاتورة المولد “وهذه دوامة لا تنتهي”.
حماية المستهلك ضد الدولرة
جمعية حماية المستهلك كانت قد حذّرت من دولرة أسعار المواد الغذائية، برأيها لن يستفيد منها سوى التجار. رئيسها الدكتور زهير برو يلفت إلى استحالة مراقبة عملية التسعير الجديدة، وسط تلاعب التجار بالفواتير. وبرأيه الحل الوحيد يكمن بفتح باب الإستيراد بالكامل، على أن تستورد الدولة بعض السلع الرئيسية، وتبيعها بسعر الكلفة، يضاف إليها 5% لإدارة العملية.
ليس هناك من مهلة في وزارة الإقتصاد للسير بالقرار من عدمه، يقول الأسمر “إذا مضوا بقرارهم، نحن أيضًا سنتصرف على ذوقنا. وإذا كنتم تريدون الدولرة بكل شي، ادفعوا رواتب القطاع العام بالدولار، إذ ليس هناك من جهاز قادر على الرقابة، لا في قطاع السوبر ماركت ولا في قطاع المطاعم وغيره من القطاعات، فضلًا عن الجهاز القضائي المعطّل، لا من يراقب ولا من يحاسب، هدوا البال، واذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا”.