“فوبيا الأمونيوم” تثير الهلع في المرفأ
«سماد مخصص لأغراض الزراعة» تم استيراده إلى لبنان بموجب إذن رسمي مقدم إلى وزارة الزراعة، تحوّل بقدرة قادر على بعض وسائل الإعلام إلى شحنة «نترات أمونيوم» دخلت مرفأ بيروت، ما خلق بلبلة وقع في شباكها وزير الداخلية بسام مولوي الذي كرّر الركض خلف «السكوب»، فطلب إلى الأجهزة الأمنية كافة التأكد من صحة المعلومات المتداولة حول دخول باخرة «تحمل مواد خطيرة ومتفجرة» إلى المرفأ، فيما كانت الأجهزة التي تقع تحت مسؤوليته تقترب من الجزم بأن الحمولة «مجرّد أسمدة زراعية».
فيوم الأربعاء الماضي، وصلت إلى مرفأ بيروت عبر مرفأ إسكندرون التركي سفينة اسمها Sky Light التجارية المسجلة تحت الرقم 7724019 تحمل علم جمهورية تنزانيا، على متنها 1600 طن من مادة سلفات الأمونيوم. الالتباس الذي وقعت فيه معظم وسائل الإعلام، ادعى أن السفينة كان مقرراً رسوها في مرفأ صيدا قبل أن تنتقل إلى بيروت نتيجة عطل تقني طرأ عليها. وهو ما تنفيه مصادر أمنية مطلعة لـ«الأخبار»، أكّدت أن وجهة الباخرة الأساسية كانت مرفأ بيروت. رواية أخرى تم تداولها تطرقت إلى مسار السفينة وهويتها. إذ زُعم أنها انطلقت من ميناء أشدود داخل فلسطين المحتلة إلى ميناء الإسكندرية ومنه إلى مرفأ بيروت، وهو ما تبين لاحقاً أن سببه تشابه أسماء بين باخرتين، الأولى تحمل علماً تنزانياً وهي السفينة الراسية على بعد 3 أميال من مرفأ بيروت، فيما الثانية تحمل علماً ليبيرياً ولم تدخل المياه اللبنانية.
وتفيد وثيقة حصلت عليها «الأخبار» مصدرها وزارة الزراعة، بأن شحنة سولفات الأمونيوم تم استيرادها من تركيا لمصلحة شركة N.R & S trading Co يملكها شخص من آل الرافعي، تقدم بطلب رسمي إلى وزارة الزراعة لاستقدام الشحنة بعد أن زود الوزارة بتفاصيل حولها. وقد حصل على موافقة بتاريخ 30/01/2023 بموجب قانون «تنظيم استيراد الأسمدة ومحسنات التربة في لبنان». وعملاً بالإجراءات اللوجستية المتبعة، يفترض حين ترسو الباخرة في مرفأ بيروت أن تحضر وحدة من وزارة الزراعة وتتولى أخذ عينات من الشحنة لاختبار مدى مطابقتها المعايير اللبنانية وعدم تضمنها ما يخرج طبيعة استخدامها عن المهام الزراعية.
مصدر أمني أكد لـ«الأخبار» أن الباخرة وصلت إلى بيروت الأربعاء الماضي، وحينما تبين أن حمولتها عبارة عن أسمدة، خابر الضابط المسؤول القاضي المنفرد الجزائي في بيروت غسان خوري الذي أشار بعدم السماح لها بالدخول إلى مرفأ بيروت، وإبقائها خارجاً حتى يحضر الموظفون من وزارة الزراعة. رواية تجد من يدحضها في الوزارة، إذ أكدت مصادرها لـ«الأخبار» أن قرار رفض إرسال فريق لأخذ العينات ليس نابعاً من تقصير في تأدية الوظيفة وإنما لبقاء الباخرة راسية في عرض البحر، وكان طلبنا أن يتم إدخالها إلى المرفأ ومن ثم نتولى أخذ العينات وفحصها. نظرياً تقع المسؤولية في هذه الحالة على القاضي خوري الذي تسرّع في قراره وخضع للضغوطات الناتجة من «لعنة الأمونيوم»، ما عرّض في ظل العاصفة الثلجية الباخرة لخطر الغرق. وعلمت «الأخبار» أن قبطان الباخرة ارسل استغاثة الجمعة الماضي بأن سفينته التي يبلغ عمرها 45 عاماً قد تغرق نتيجة ارتفاع الأمواج، وهو ما دفع بالقوى الأمنية إلى مخابرة القاضي خوري وتذكيره بأن القانون الدولي يلزم الدول –في حالات الخطر – السماح للبواخر بالرسو في موانئها، فعاد عن إشارته وسمح بدخول الباخرة، مشترطاً خروجها بمجرد هدوء الأحوال الجوية وبعد أخذ عينات منها.
مصدر أمني قال لـ«الأخبار» إن فريقاً من وزارة الزراعة يرافقه عناصر من الجيش اللبناني ومن معهد البحوث العلمية، أخذ عينات من الحمولة أمس ويتوقع أن تصدر النتائج خلال 48 ساعة. وقد طلب من الباخرة الخروج من الرصيف رقم 14 والرسو خارج ميناء بيروت وانتظار صدور النتائج على أن يتقرّر مصير الحمولة بموجب ذلك.
مصادر وزارة الزراعة استغربت «الضجة المفتعلة» حول الباخرة وحمولتها. وأكدت أنها كناية عن مادة سولفات الأمونيوم وهو سماد مخصص للزراعة بنسبة 99.99%. مع ذلك، تبدو الوزارة متشددة حيال عمليات التحقيق والتدقيق في الحمولة والتشديد على المختبرات المكلفة التحقق من العينات بإجراء اختبارات إضافية والتأكد من أن الشحنة تخلو من أي مواد خطرة تستخدم عادة في صناعة المتفجرات (كنترات الأمونيوم).
عبدالله قمح – الأخبار