ميقاتي وَعَد .. فهل يردَع المصارف عن التصعيد؟!
جاء في “المركزية”:
أصدرت جمعية المصارف أمس بياناً مدوّياً على وقع الارتدادات الزلزالية، معلنةً الإضراب العام المفتوح بعدما لم يعد في إمكانها “ممارسة نشاطها خارج الحدّ الأدنى من أصول التعامل المصرفي وفي ظل خطوات ممنهجة وغير بريئة لتدمير القطاع”.
هذا التصعيد استدعى زيارة قام بها وفد من جمعية المصارف اليوم إلى السراي الحكومي لإطلاع الرئيس نجيب ميقاتي على حيثيات القرار، شارحاً مآل الوضع في ظل بعض القرارات والاستدعاءات القضائية الأخيرة، بحسب ما أفاد مصدر مصرفي “المركزية”، كاشفاً أن الوفد وضع الملف في يد ميقاتي طالباً منه العمل على معالجته، فوعَدَ رئيس الحكومة بمتابعة الموضوع مع المعنيين للوصول إلى حل سريع للمشكلة… في الغضون، المصارف مستمرة في تقليص أعمالها “على نحو لا تلحق أي ضرر بالمواطن، إنما لم تعد تستطيع الاستمرار في العمل بطريقة مثالية لأن القضاء لا يساعدها في ذلك”.
فالمصارف، بحسب المصدر، “لن تقبل بعد الآن بأن تكون مكسر عصا لكل مَن يريد تحقيق أي بطولة أو شهرة على حساب القطاع المصرفي. فكل ما تطالب به المصارف هو إيجاد حل من قِبَل المسؤولين المعنيين لما آلت إليه الأمور في التعاطي مع المصارف… هناك افتراء ما بعده افتراء”.
فالقشة التي قصمت ظهر البعير تمثلت بـ”إلزام المصارف بالتعامل النقدي، فضلاً عن أنه يجعلها في استحالة مكافحة تبييض الأموال مما يخرجها من النظام المصرفي العالمي، يفرض توفر مبالغ نقدية هائلة لا توجد حتى لدى أكبر المصارف في العالم، في وقت إن إمدادها بالمبالغ النقدية من قبل مدينيها وعلى رأسهم الدولة اللبنانية ومصرف لبنان، غير متوفر أو مقيّد حتى بالليرة اللبنانية”، تُضاف إلى “الاستدعاءات التعسفية في حق المصارف بشبهة تبييض الأموال، بناء على طلب غير بريء ممن ليسوا حتى مودِعين في هذه المصارف، بهدف الضغط عليها وإلزامها بمخالفة قانون سريّة المصارف وبتعريضها للملاحقة الجزائية”.
من هنا، يعقّب المصدر المصرفي، “تطالب المصارف برفع السريّة المصرفية تفادياً لاتهامها بأنها تحمي بعض الأشخاص.. فهي لا تحمي أحداً البتة. فلتُكشف حسابات الجميع، لكن الشك في الدافع الذي يمنع صاحب القرار عن إقرار رفع السريّة المصرفيّة”، ويُضيف: الرئيس ميقاتي ليس صاحب القرار في هذا الموضوع، بل وعد بمتابعة الملف وسيتواصل مع المراجع المختصة لمعالجة الوضع. حتى ذلك الحين، يبقى إضراب المصارف قائماً حيث تم تقليص العمل المصرفي ليقتصر فقط على السحب عبر ماكينات الصراف الآلي ATMs وتأمين الاعتمادات المالية الضرورية لاستيراد القمح أو أي مواد ملحّة تهمّ حياة المواطنين، كما استقبال أموال Fresh من الخارج لصالح المواطنين في ظل هذه الظروف الصعبة. فالمصارف لا تريد الاقتصاص من المواطن، إنما اختارت تقليص العمل المصرفي إحقاقاً للحق.
ويحذّر “في حال طال الوقت من دون حل القضية، فستضطر المصارف إلى تقليص عملها أكثر وتضييق خدماتها، فالمواطن لا يتأثر كثيراً بإضراب المصارف لأن كل ما يريدونه هو سحب رواتبهم ومعاشاتهم وهي مؤمَّنة عبر الصراف الآلي… وهذا التدبير لا يمكن أن يستمر أشهراً، بل عليهم إيجاد الحل سريعاً”.
استغراب وتساؤل..
وفي السياق، يستغرب المصدر “طلب القاضية غادة عون من المصارف كشف السريّة المصرفيّة عن شريحة كبيرة من العملاء بتهمة تمويل أموال، لا يمكن اتهام مصرف بتبييض الأموال لأن ذلك يدفع بالمصارف المراسلة إلى إقفال حساباته في الخارج! كيف يتم اتهام المصارف بأنها ساهمت في تبييض الأموال بعدما كانت المثال الذي يُحتذى به في دولياً وعالمياً، وكانت مقصداً لمصرفيين من الأردن ومصر والعراق وغيرها ليطّلعوا منها على كيفية وضع أنظمتها لمكافحة تبييض الأموال… أما اليوم فهناك قاضية تتهم المصارف بأنها تبيّض أموال مصرف لبنان!! هل يجوز أن نسأل مصرف لبنان ما هي مصادر أموالك؟! هنا أصبحنا بعيدين كل البُعد عن حدود المنطق…”.
ويُضيف المصدر: على القضاء التحرّك، ولا يجوز أن يبقى مكتوف الأيدي أمام قاضية يعلم القاصي والداني أن لديها أجندة سياسية ترتكز على محاربة المصارف. وإلا فليعمد المعنيون إلى رفع السرية المصرفية عن القطاع المصرفي مع مفعول رجعي، عندها لا يعود على المصارف مسؤولية جزائية إذا أفشت عن المعلومات المطلوبة. إن المصارف من أبرز المطالبين اليوم برفع السرية المصرفية… فهي لا ترى فيها أي جدوى حالياً بعدما كانت تنفع عندما كان لبنان بلداً وكان ملاذاً آمناً للأموال الخارجية نظراً إلى التزامه السريّة المصرفيّة. لكن الوضع تبدّل حالياً ولا نية لدى أحد بوضع أمواله في المصارف اللبنانية…
وفي ليس بعيداً، يشدد المصدر على وجوب “إيجاد حل لمعضلة الشيك، إذ يُفترض إصدار قرار بوقف التنفيذ وعدم تكرار هذا الخطأ كونه يعارض تماماً قانون النقد والتسليف”، مستشهداً بـ”رفض “فرنسبنك” تطبيق القرار القضائي بدفع مبلغ كبير بالدولار الأميركي نقداً، كي لا يفتعل سابقة تكرّ سبحتها على المصارف كافة من دون استثناء حيث لا يعود ينفع الندم”.
ويسأل في السياق، “هل يمكن إعطاء شخص واحد كمية كبيرة من الدولار نقداً بعملة ليست موجودة لدى المصرف بقرار قضائي، فيما يقبض بالمقابل قيمة سند القرض وفق سعر 1500 ليرة؟! كيف يحكم القضاء على المصرف بعملة لا يطبعها لبنان بل يشحنها من الولايات المتحدة الأميركية!؟”.
أما في ما خصّ السرية المصرفية فيختم المصدر “ليحدّد المسؤولون المعنيون ماذا يريدون. المصارف مستعدة من الآن لرفع السرية، فلماذا لا يقَر قانون يسمح لها بذلك؟ هل لأن مَن يرفض إقرار قانون رفع السرية المصرفية يخاف من الكشف عن أمواله؟!”.