لبنان يفقد نهائيا حقه بالتصويت في الامم المتحدة
جاء في “المركزية”:
يبدو بحسب المعطيات التي تمكنت “المركزية” من استقائها ان لبنان سيفقد حقه بالتصويت في الأمم المتحدة بشكل نهائي بسبب عدم النية الرسمية بالتحرك لدفع المتأخرات المتوجبة عليه. وفي محصلة الاتصالات الرسمية التي اجريت بين لبنان ونيويورك تبين ان حجم المعضلة أكبر من كونه روتيناً او إدارياً.
هي ليست المّرة الأولى التي يتأخر فيها لبنان عن دفع مستحقاته في أوانها بسبب روتين إداري وسوء تنسيق داخلي بين الجهات الحكومية والمالية المعنية. فقد حصل الأمر عينه في العام 2020 وكان أيضاً موضع حملات إعلامية لكن الحكومة سارعت في اليوم التالي بعد إجراء اتصال مباشر بين رئيسة البعثة السابقة السفيرة امال مدللي ورئاسة الحكومة حينها، الى تحويل على أثره المبلغ المطلوب لاستعادة لبنان حقه في التصويت.
وفيما يمكن معالجة المسألة على غرار ما حصل في عام 2020 من خلال المسارعة في تسديد المبلغ، يبدو أن لبنان اليوم للأسف على مشارف نفق مسدود الأفق.
وفي حال عدم سداد المتأخرات من المتوقع أن يتم اللجوء إلى تطبيق المادة 19 من ميثاق الأمم المتحدة التي تنصّ على التالي:
“لا يكون لعضو الأمم المتحدة الذي يتأخر عن تسديد اشتراكاته المالية في الهيئة حق التصويت في الجمعية العامة إذا كان المتأخر عليه مساوياً لقيمة الاشتراكات المستحقة عليه في السنتين الكاملتين السابقتين أو زائداً عنها، وللجمعية العامة مع ذلك أن تسمح لهذا العضو بالتصويت إذا اقتنعت بأن عدم الدفع ناتج عن ظروف خارجة عن إرادة العضو”.
ويعود للجنة الاشتراكات Committee on contributions أن تقدم التصويات للجمعية العامة بشأن الإجراء الواجب اتخاذه فيما يتعلق بتطبيق المادة 19 من الميثاق، لتتخذ الجمعية العامة القرار بشأنه. (وفق المادة 160 من النظام الاجرائي للجمعية العامة).
مع العلم ان لجنة الاشتراكات تجتمع سنويًا لمدة 3 إلى 4 أسابيع، عادةً في شهر حزيران من كل عام. وستعقد لجنة الاشتراكات دورتها الثالثة والثمانين في الفترة من 5 إلى 23 حزيران 2023. وتنظر الجمعية العامة في تقرير اللجنة وتوصياتها في دورتها الرئيسية، وتتخذ القرار بهذا الشأن في شهر تشرين الأول 2023.
الّا أن مغبّة هذه الآلية تكمن في أن الدولة المعنية ستُحرم من حق التصويت حتى حلول شهر تشرين الأول 2023 أي لفترة 10 أشهر، لحين اتخاذ القرار من قبل الجمعية العامة، التي تلتئم في الشهر المذكور. هذا ونشير إلى أن موافقة الجمعية العامة على السماح للدولة العضو بالتصويت ليست تلقائية، وتعتمد على تقييم دقيق للأسباب الموجبة التي يترتب على الدولة المعنية تقديمها بصورة معللة ودلائل حسّية، تبرز من خلالها عدم القدرة الجدية على تسديد المبلغ.
ينذر تخلف لبنان عن تسديد المستحقات المتوجبة عليه البالغة مليون وثماني مئةوخمسة وثلاثون ألفا وثلاث مئة وثلاثة دولارات //١٫٨٣٥٫٣٠٣// بكارثة ديبلوماسية تعمل البعثة اللبنانية بالتنسيق مع الإدارة المركزية على تفاديها.
والتخلف الديبلوماسي اللبناني من هكذا سابقه مرده الى أسباب عدة ابرزها، بحسب مصدر دبلوماسي للمركزية كوننا أشرفنا على نهاية شهر كانون الثاني 2023، ولحينه لم نستلم حتى مبلغ المليون وسبعة عشر ألف دولار أميركي، عربون مساهمة لبنان في الميزانية العادية عن العام ٢٠٢٢، والتي وافق عليها ديوان المحاسبة منذ شهر حزيران 2022، علماً أنّ المبلغ المطلوب لاسترجاع حق التصويت هو المستحقات كاملة أي //١٫٨٣٥٫٣٠٣// دولار أميركي”.
ويعرب المصدر عن تخوفه من ان فقدان لبنان حق التصويت من شأنه شّل عمل بعثة لبنان الدائمة في نيويورك أفقياً وعامودياً، ويؤثر على مكانتها وثقلها، وكذلك على تأثيرها في هذا المحفل. والجميع يدرسون مخاطر تلك السابقة وعملية دعم لبنان وتفاعله مع الدول والمنظمة الدولية على مختلف الأصعدة، حتى اته لن يتمكن من حشد دعم لأي مشروع قرار يقدمه لبنان كما كانت الحال حول البقعة النفطية، كما ان لبنان لن يتمكن من ترشيح اي من مواطنين في مناصب دولية على رأس جهاز تابع للأمم المتحدة وبالتالي فإن سداد المبلغ ينسجم مع مصالحه وأولوياته الوطنية”.
ورأى المصدر عينه ان امتياز حق التصويت لا يقتصر فقط على الإدلاء بصوتٍ، وانما هو تجسيد لسبب وجود البعثات raison d’être وأهميتها relevance ، كما وأن التصويت هو أداة تمارس من خلالها البعثات تسويق رزنامة عملها وبرامجها الوطنية، وبعكس ذلك ينتفي موجب وجودها واستمرارها.
وبالتالي فإن اسكات صوت لبنان الذي يمثل واحدا أنه من الاصوات الـ192 العائدة لكل دولة عضو يعني أن لبنان فقد موازاته بالحجم والقوة كون جميع الأعضاء متساويين بموجب هذا الحق.
وتابع القول أنه من الأسف أن يفقد لبنان حقه في التصويت، خاصةً في عام تحتفل فيه الأمم المتحدة في شهر كانون الأول 2023 بمرور 75 عاماً على اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي لعب فيه لبنان دوراً محورياً، علماً أنه كان من ضمن 9 دول فقط شاركت في صياغته (وهي الولايات المتحدة الاميركية، والمملكة المتحدة، والصين، والاتحاد السوفياتي، وفرنسا، وكندا، واستراليا، وشيلي). ومن المؤسف جداً أن لا يكون لبنان في الأمم المتحدة هذا العام لاعباً حاضراً وفاعلاً.
هذا وسيكون لبنان على موعد مع الجلسة العامة القادمة للجمعیة العامة والتي ستعقد نهار الاثنين ٦ شباط 2023، حيث سيتمّ التصويت على مشروعي قرار حول التعاون بین الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكیمیائیة، وفي حال عدم تسديد المبلغ المشار إليه أعلاه قبل موعد الجلسة، لن يتمكن لبنان من التصويت على أي من المشروعين.