هل ستذهب الامتحانات الرسميّة مع ريح الحلَبي؟
كتب قزحيا ساسين في “السياسة”:
بدا واضحا أنّ القطاع التعليميّ الخاصّ استطاع استشراف الآتي تربويّا، وتحرّك سريعا، وبمؤازرة وزير التربية، منذ سنتين، ودَولَر جزءا من أقساط تلاميذه، ما يمكّنه من إعطاء جزء من رواتب المعلّمين والإداريّين بالدولار الأميركيّ، ومن تأمين كلفة تشغيل مدارسه.
وأزمة المدارس، خاصّة ورسميّة، يعرف الوزير الحلبيّ أنّ معالجتها لا يمكن أن تكون بغياب الدولار عن الرواتب. وسبق أن أتى الدولار محفّزا لمعلّمي القطاع الرسميّ، ومنقِذا لإجراء عمليّات تصحيح الامتحانات الرسميّة. ولا شكّ في أنّ وزير التربية أخطأ حين وعد معلّمي المدرسة الرسميّة بمئة وثلاثين دولارا شهريّا، إضافة إلى راتبهم بالليرة اللبنانيّة مضروبا بثلاث. وذلك ليعيد النشاط الدراسيّ، وينجو من ضغط الإضرابات التي لم تعد تؤثّر على سير العام الدراسيّ فقط، إنّما أصبحت تهدّد بإلغاء امتحانات الشهادة الرسميّة.
كلّ المستجدّات توحي بأنّ هذا العام التربويّ كارثيّ بامتياز. فما وُعِد به معلّمو القطاع الرسميّ من دولار ذهب مع ريح الحلبيّ، والراتبان الإضافيّان أكلتهما منصّة صيرفة التي صار دولارها بثمانية وثلاثين ألف ليرة، ما زاد طين المعلّمين بلّة، وجعلهم أكثر إصرارا على الامتناع عن التعليم، لأنّ بعضهم بات يدفع من جيبه ليصل إلى عمله، فهل يدفع المعلّم للدولة ليعلّم في مدارسها؟
تمثّلَت ضربة وزير التربية الأولى للمدرسة الرسميّة، بقراره حذف يوم من أيّام التعليم في الأسبوع، والثانية بالوعد غير الصادق، والثالثة باعتماد أسلوب بوليسيّ في مطاردة المعلّمين، وأخذ الإجراءات بحقّهم تعسّفا، منعا لهم من العمل النقابيّ وإبداء الرأي… وفي محاولة للهروب إلى الأمام يتّهم الحلبيّ بعض الناشطين في التحرّكات المطلبيّة لمعلّمي المدرسة الرسميّة أنّهم يتآمرون لمصلحة المدرسة الخاصّة، في حين أنّ إدارته للملفّ التربويّ لا يمكن إلّا أن توصل إلى إقفال المدرسة الرسميّة. أمّا استمرار المدرسة الخاصّة فهو عائد إلى بُعد نظر إداراتها، بشكل عامّ، ما يجعلها تستبق تفاقم الأزمات وتتصرّف على المستوى المادّيّ.
وقد تسارعت وتيرة إخفاقات الحلبيّ تربويّا، وهو في موقع لا يُحسَد عليه، حيث المطلوب منه مادّيّا صعب جدّا، ونحن في دولة مفلسة. غير أنّ اللوم يكمن في طريقة إدارة الأزمة، على الأقلّ، حين يتعذّر الوصول إلى الحلّ. وكيفما تقلّبت الأمور تبدو الامتحانات الرسميّة غير ممكنة، وإن أعلن الوزير بعد وقت ما أنّه يعدّ لها، والدنيا بألف خير. فمن جهة يصعب إنجاز الحدّ الأدنى من البرنامج المطلوب، في القطاع التعليميّ الرسميّ، ومن أخرى إنّ كلفة إجراء الامتحانات وأعمال التصحيح باهظة.
والمعادلة بسيطة جدّا: لا عام دراسيّا في المدرسة الرسميّة= لا امتحانات رسميّة.